استأنف مئات المستوطنين، أمس الخميس، محاولة إقامة بؤر استيطانية عشوائية في عدة مواقع في الضفة الغربية، وكانوا قد نظموا مسيرات شارك فيها الآلاف، انطلقت من مستوطنات باتجاه مواقع في الضفة، وأعلنوا أنهم يعتزمون إقامة بؤر استيطانية عشوائية، في ظل تأييد أحزاب  في الحكومة والمعارضة، وتساهل قوات جيش الاحتلال معهم.

وأقام المستوطنون معسكرات خيام في خمسة مواقع في الضفة، بقيادة وتوجيه حركة "نحالاه" الاستيطانية، التي تعمل على إقامة بؤر استيطانية عشوائية وبينها البؤرة الاستيطانية "إفياتار"، فيما أخلت قوات الاحتلال قسم من المستوطنين وخيامهم، فجر الخميس وسط مواجهات مع المستوطنين الذين اعتقل 11 منهم، وسرعان ما تم الإفراج عنهم.

كما أخلت قوات الاحتلال معسكر خيام أقامه المستوطنون في مستوطنة "كريات أربع" في الخليل، لكن المستوطنين أقاموه مجدداً خلال الليلة الماضية.

بدوره، دعا مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس في تصريحاتٍ له، إلى التصدي لمخططات ودعوات من قبل حركات استيطانية، لإقامة بؤر جديدة في أراضي الضفة الغربية، موضحاً أنّ حركات استيطانية تدعو إلى توسيع دائرة الاستيطان في أراضي الضفة الغربية والنقب والجليل، والمباشرة بإقامة نحو 20 بؤرة استيطانيّة.

كما حذَّر دغلس من الاستيلاء على المزيد من الأراضي واستهداف مواقع أخرى في أراضي الضفة؛ بهدف تنفيذ مخطط استيطاني يقطع أوصال الضفة، ويربط المستوطنات ببعضها، مُشيراً إلى أن مستوطنين أعلنوا اعتزامهم إقامة ثلاثة بؤر استيطانية "في استعراض للقوة".

تعاون جيش الاحتلال مع المستوطنين

من جهتها، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، مقالاً تحليلياً أعده العقيد (احتياط) دورون مينيرت، وهو الرئيس السابق لإدارة تخطيط عمليات هيئة الأركان العامة، حمل عنوان: "الاستراتيجية الاستيطانية المسيانية في الضفة تعمل والجيش الإسرائيلي". والاستيطان المسياني، يُقصد به الاستيطان المدفوع باعتقاد "وجوب تكثيف الجهود بالاستيلاء على الأراضي، وممارسة الاعتداءات لإقامة دولة إسرائيل الكاملة وتعجيل نزول المسيح المنتظر"، كما يعرّفه العدو.

وبحسب منيريت، فإنّ حكومة الاحتلال ليس لديها استراتيجيّة في الضفة، وهذا الفراغ يملؤه المتواجدون في الميدان، وهم مزيجٌ من المستوطنين والجهات العسكرية، فيما تصادر مديرية التنسيق والارتباط أيضاً (التابعة لجيش الاحتلال) ممتلكات الفلسطينيين بشكلٍ متكرر، مثل الجرارات الزراعية وخزانات المياه التابعة للفلسطينيين، بينما ترعى أبقار المستوطنين اليهود بشكل مريح في نفس المنطقة، وتتغذى بأمان بواسطة جرار مرخص وبخط أنابيب مياه قادم من القاعدة العسكرية وينطبق الشيء نفسه على جبال الخليل الجنوبية، بحسب المقال.

وأوضح منيريت أنّ أنشطة الجماعات الاستيطانية في إنشاء بؤر استيطانية مستمرة، ومن بينها الحملة الكبيرة التي قام بها آلاف المستوطنين في الخليل وسلفيت ورام الله والبيرة يوم الأربعاء الماضي، وهذه البؤر ليست مزارع فردية، بل مستوطنات على مستويات أكثر رسوخاً.

واستدل منيريت بقصة مستوطنتين تحيطان بقرية بورين جنوب نابلس في الثمانينات من القرن الماضي، وهما "يتسهار" و"هار براخا"، حيث بادرتا في عام 2000 إلى "إرسال البؤر الإجرامية" في كل مكان، فأقام مستوطنو "هار براخا"، بؤرة "جفعات رونين"، بينما أقام مستوطنو "يتسهار" مجموعة من البؤر العنيفة، وهي: "متسبيه يتسهار"، و"جفعات ليهافا"، و"تكوما"، و"مجيد شماييم"، و"نحالا"، و"شالهفيت"، و"شلالفات ييه"، و"كومي أوري".

وفي ظل وجود حكومة "مناسبة" حسب وصفه، فإنّ هذه البؤر غير الشرعية وفق القانون ستتحوّل إلى بؤر "شرعية" وتُصبح مستوطنات مسجلة رسمية لدى "الدولة" وتحصل على الدعم الذي تحظى به أي مستوطنة مقامة بشكل رسمي مدعوم من الحكومة، بحسب منيريت الذي استعرض تعاون الجيش مع المستوطنين للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

ولفت منيريت إلى أنّه ومنذ عقود، بدأ المستوطنون بإلحاق الضرر ببساتين الزيتون القريبة وارتكاب العنف ضد السكان الذين يحاولون زراعة حقولهم بالحجارة والهراوى، لكن تغييراً طرأ على هذا المخطط بانضمام ذراع الجيش إلى ذراع المستوطنين، ورغم أنه لا يوجد التزامٌ بتنسيق مسبق بين الطرفين، إلا أن ما يحدث على مدار السنوات هو تنسيق يظهر في تأمين الجنود لاعتداءات المستوطنين وحمايتهم، بحسب منيريت.

إدانة أوروبية خجولة

يوم أمس، أعرب الاتحاد الأوروبي، عن قلقه إزاء الإعلان عن خطط المستوطنين إقامة عدة بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.

وقال الاتحاد في بيانٍ له، إنّه يوجد 150 بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية، وهذه البؤر غالباً ما تساهم في إنشاء أو توسع المستوطنات، وهي مصدر مباشر محتمل لعنف المستوطنين المتزايد ضد الفلسطينيين.

ولفت الاتحاد إلى أنّ المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق "حل الدولتين"، على حد قوله.

ويُشار إلى أنّ معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" قد أفاد يوم أمس الخميس، بأنّ سلطات الاحتلال نشرت ثلاث مخططات جديدة لبناء 702 وحدة استيطانيّة في مواقع مختلفة من الضفة، تستولي لأجلها على مساحة نحو 734 دونماً من الأراضي الفلسطينيّة.

وتشير تقديرات حقوقيّة إلى وجود نحو 650 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، يتوزعون على 164 مستوطنة، و124 بؤرة استيطانيّة، فيما يَعتبر القانون الدولي الضفة والقدس أراضي محتلة، ويعُد جميع أنشطة بناء المستوطنات فيها غير قانونية.

متابعات/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد