كتب الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة شانشك جوشي، مقالا نشرته صحيفة "ديلي تلغراف"، عن التقارب العربي الإسرائيلي المتزايد.
ويقول الكاتب إن "وضع التحالفات الغربية في منطقة الشرق الأوسط في حالة يرثى لها، فتركيا تقوم بمغازلة موسكو، وتقصف الأكراد، الذين يعدون الحليف الوحيد لنا في الحرب ضد تنظيم الدولة، ويغضب الدبلوماسيون الأوروبيون لتدمير إسرائيل البيوت الفلسطينية، التي بنيت بدعم من الاتحاد الأوروبي، وانتقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما علنا الحلفاء العرب باعتبارهم (ممن يحبون امتطاء ظهور الآخرين)، فيما وصف أحد مسؤولي إدارته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ (فضلات دجاج)".
ويضيف جوشي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "في الوقت ذاته فإن هناك تخفيفا في حدة المنافسة على صعيد النزاع العربي الإسرائيلي، المستمر منذ عام 1948، ويكشف عن تطورات متواضعة، لكنها مهمة، فلا تزال إسرائيل معزولة، وهناك عدد قليل من دول الجامعة العربية ممن تعترف بحق إسرائيل في الوجود، كما أن عددا من الدول لا تزال تدعم حركة حماس، التي في مواجهة دائمة مع إسرائيل، وتحتج الأخيرة كلما وافقت أمريكا على بيع أسلحة متقدمة لدول الخليج".
ويشير المقال إلى زيارة جنرال سعودي متقاعد لإسرائيل، حيث التقى أبرز الدبلوماسيين فيها وهو دوري غولد في فندق الملك داوود في القدس، وهو اللقاء الثاني لهما في عام.
وتذكر الصحيفة أن السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن تفاخر الصيف الماضي بلقاءاته مع السفراء العرب، ومدحهم واصفا إياهم بأنهم "أناس استثنائيون"، لافتة إلى أن وزير الطاقة الإسرائيلي زار في كانون الثاني/ يناير الإمارات العربية المتحدة، بعد الإعلان عن فتح مكتب إسرائيلي في أبو ظبي.
ويكشف الكاتب عن أنه في الوقت ذاته، فإن الجواسيس من كلا الطرفين تعاونوا على التخطيط سرا، مشيرا إلى أن العلاقة بينهما تشبه العلاقة بين الخليلة والرجل المتزوج، فهناك طرف يرغب بأن يعلن عن العلاقة على أمل شرعنة وضعه الاجتماعي، وطرف آخر يريد أن تظل العلاقة سرا؛ خوفا من التداعيات المحلية، حيث تخشى معظم الدول العربية من اندلاع المشاعر الشعبية لو قامت بتطبيع العلاقة مع إسرائيل، في غياب حل شامل للقضية الفلسطينية.
ويقول جوشي: "لا أحد لديه أي شك حول ما دعا إلى التقارب بين الدول العربية وإسرائيل، ألا وهو إيران وتحالفاتها في المنطقة والجماعات الوكيلة عنها، فعلى سبيل المثال يوجه حزب الله، الذي ترعاه إيران منذ ثمانينيات القرن الماضي، صواريخه وترسانته صوب إسرائيل، ولديه أيضا مقاتلون يشاركون في قتال الجماعات المعارضة للنظام السوري، التي تحظى بدعم من دول الخليج، ولا ننسى الدعم المقدم للحوثيين في اليمن من إيران".
ويلفت الكاتب إلى أن "الدول الغربية والولايات المتحدة اختارت السلام على المواجهة مع طهران فيما يتعلق بالملف النووي، ووقعت معاهدة معها العام الماضي، وزار الرئيس الإيراني حسن روحاني كلا من باريس وروما، ومن هنا يصدق المثل (عدو عدوي صديقي) على العلاقة القائمة بين الدول العربية وإسرائيل".
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول إسرائيلي بارز تحدث لدبلوماسيين أمريكيين في وثائق سربت عام 2010، قوله: "تعتقد دول الخليج العربية أنها تستطيع الاعتماد على إسرائيل ضد إيران"، وأضاف: "يعتقدون أن إسرائيل بإمكانها صناعة الأعاجيب".
ويعلق جوشي قائلا إن "هذه الجهود القائمة حاليا هشة، وقد تتبخر في حال اندلعت انتفاضة فلسطينية جديدة، ولو استمرت فهي مفيدة للغرب، خاصة أنه كثيرا ما تم حث العرب على تخفيف عدائهم تجاه إسرائيل، وفي الوقت الذي لم يتجه فيه نتنياهو باتجاه السلام مع الفلسطينيين، فقد يتجه رئيس حكومة أقل تشددا منه لو وقف العرب في سفينة واحدة".
ويرى الكاتب أن "هناك نقطتين ينبغي لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، ووزير الخارجية الأمريكي المقبل، أخذهما بعين الاعتبار، الأولى هي أن علاقة الغرب مع دول الخليج وإسرائيل مهمة لمحاربة الإرهاب، وقدرته على التدخل في الشرق الأوسط عندما تتطلب المصالح، أما الثانية فهي أن إيران ليست بديلا واقعيا، فلا يزال نظامها منقسما بين قيادة براغماتية وأخرى متشددة، ولا تزال القوات الإيرانية تدعم النظام الوحشي لبشار الأسد في الحرب، فالجواسيس العرب والبريطانيين يتبادلون المعلومات الأمنية على قاعدة يومية، وهو ما لا تحلم إيران بعمله".
ويجد جوشي أنه "مع ذلك، فإن التحالف القوي مع دول الخليج وإسرائيل لا يعني إبعاد أنفسنا عن إيران، فقد جرأ الاتفاق النووي إيران، لكنه منع حربا كانت ستكون مدمرة علينا وعلى إسرائيل والعرب، ويجب ألا تسمح بريطانيا، الخارجة من الاتحاد الأوروبي، كلا من فرنسا وإيطاليا والدول الأوربية الأخرى بالهيمنة على علاقات أوروبا الاقتصادية مع إيران الخارجة من العقوبات".
ويخلص الكاتب إلى القول إنه "يجب ألا نخشى من تطوير علاقاتنا الدبلوماسية مع إيران إلى مستوى السفراء، وفي النهاية فإن العلاقات العربية الإسرائيلية هي عرض لمنطقة في حالة تغيرات، وعلى دبلوماسيتنا أن تكون ذكية بما فيه الكفاية للتكيف معها".