كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6 شباط/ فبراير، نكبت كافة المناطق التي تتوزع فيها كتل اجتماعية وازنة من اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في مناطق شمال غرب سوريا، ما أحال مئات العائلات إلى مشردين، دون وجود جهد إغاثي إنقاذي سواء محلي فلسطيني، أو دولي لا سيما مع غياب دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تلك المنطقة.
وتتركز العائلات الفلسطينية المنكوبة، في مناطق إدلب وأريافها بواقع 700 عائلة، وريف حلب الشمالي بواقع 500 عائلة، فيما يسكن مخيم دير بلوط في ريف ناحية جنديريس نحو 250 عائلة، و70 عائلة في مدينة جنديرس نفسها، بحسب معلومات أفاد بها الناشط الفلسطيني المهجر إلى الشمال السوري يوسف أحمد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
وكان الدفاع المدني السوري " الخوذ البيضاء" قد أعلن مناطق شمال غرب سوريا كافة مناطق منكوبة، مع تسجيل أعداد متصاعدة من الوفيات، بعد مضي 7 أيام على الكارثة، فيما سجلت الطواقم نحو 4500 شخص قضوا في سوريا، أكثر من نصفهم في تلك المناطق، فيما تستمر عمليات الإنقاذ مع تضاؤل فرص العثور على ناجين.
المهجرون الفلسطينيون إلى شمالي سوريا كانوا بالأصل يقيمون في أبنية متضررة من الحرب
عن الواقع الإيوائي للفلسطينيين عقب الزلزال، قال الناشط أحمد لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ 15 عائلة فلسطينية مهجرة على الأقل في منطقة جنديرس تهاوت منازلها بالكامل، فيما قضت عائلات بأكملها تحت الركام في عدد من المناطق المنكوبة الأخرى.
ولفت أحمد، إلى أنّ الكثير من العائلات الفلسطينية، كانت تسكن في أبنية متضررة جرّاء عمليات القصف الصاروخي والجوي الذي تعرضت له تلك المناطق خلال الحرب، لعدم وجود خيار إيوائي آخر، ما أدّى ذلك إلى تحولهم إلى مشردين بعد أن انهارت منازلهم في مناطق إدلب وريفها وريف حلب الشمالي.
وأكّد أحمد، على الحاجة الإغاثية الماسّة، وقال: إنّ الواقع الإنساني وخصوصاً للفلسطينيين، لا يمكن وصفه بكلام أو حديث، فالكثير من العائلات لا تجد ما تأكله كل يوم صباحاً، فيما يهيم أرباب الأسر على وجوههم باحثين عن رغيف خبز لأطفالهم.
وحول أسباب الانعكاس الحاد والاستثنائي لكارثة الزلزال على فلسطينيي شمال غرب سوريا، أوضح أحمد، أنّ العائلات الفلسطينية بالأساس كانت تعيش في مناطق الشمال السوري قبل الزلزال، في أقل دخل ممكن أن تحصل عليه العائلات القاطنة هناك، وأقل حدّ يصلها من الإغاثة.
وأضاف، أنّ العائلات التي يعمل معيلها، لا يدخل لها سوى 100 دولار شهريا في أعلى تقدير، ويجب أن تتضمن إيجار المنزل وتأمين الطعام والاحتياجات، وهو مبلغ لا يكفي، وذلك على ضوء ما حددته سابقاً "شركة نماء" وهي شركة اقتصادية عاملة في الشمال، حول متوسط الحاجة المالية بـ 407 دولارات شهرياً للأسرة الواحدة هناك.
الفلسطينيون أقل من يحصل على إغاثة في الشمال السوري و"أونروا" لا تعمل هناك رغم وجود منظمات دولية في المنطقة
ولفت الناشط أحمد، إلى أنّ اللاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، هم الأقل حصولاً على الإغاثة قبل الزلزال، إلّا أنّ الواقع لم يتحسن كثيراً خلال الكارثة، نظراً لحجم الكارثة وتأخر وصول المعونات من قبل الأمم المتحدة.
وأوضح، أنّ العديد من المنظمات الإغاثية العاملة في الشمال السوري، تستثني الفلسطينيين في الكثير من الأحيان، مدفوعة بظنّ أنّ اللاجئين الفلسطينيين لديهم الكثير من الجهات المسؤولة عنهم وتقدم لهم المعونات.
ونفى أحمد، تلقي الفلسطينيين أيّة معونات من أيّة جهة، فيما فاقم تخلي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عنهم، من واقعهم المعيشي، حسب تأكيده، مشيراً إلى أنّ عدداً من المنظمات والفرق الدولية تعمل في مناطق الشمال باستثناء الوكالة المعنية بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين.
وناشد أحمد، كافة الجمعيات والمؤسسات والمبادرات التي تنظم حملات إغاثة لمناطق الشمال، وخصوصاً القادمة من فلسطين المحتلّة عام 1948، للنظر إلى واقع فلسطينيي سوريا في الشمال السوري، ووضعهم على قوائم أولوياتها.
وطرح أحمد حال مخيم دير بلوط الذي تسكنه 250 عائلة، كمثال على تردي المساعدات الإغاثية، فيما يرزح اللاجئون تحت سياسات إغاثية غير عادلة وغير كافية من قبل المنظمة التركية لإدارة الكوارث " آفاد" والتي تقتصر تقديماتها على سلّة غذائية تحتوي مواد غذائية كالسكر والأرز البرغل والزيت، على رأس كلّ شهر.
وأشار إلى أنّ القاطنين في المنازل المستأجرة، محرومون تماماً من السلّة الغذائية، وهو ما يوقع اللاجئين في حيرة، بين تحسين واقعهم الإيوائي واستئجار منازل، أم البقاء في الخيام للاستفادة من الكرتونة الغذائية. "حيث إنّ من يريد أن يستأجر منزلاً سيقنن طعامه لأنه لا يتلقى معونات ودخله لا يكفيه، بينما عليه التخلي عن الإيواء من أجل توفير الطعام له شهريا." حسب توضيحه.
المهجرون الفلسطينيون إلى شمالي سوريا هم الفئة الأكثر هشاشة قبل وبعد الزلزال#بودكاست_اللاجئين الناشط الفلسطيني المهجر إلى الشمال السوري يوسف أحمد يتحدث عن أوضاع الفلسطينيين في تلك المنطقة خاصة بعد #الزلزال ويشرح الأسباب التي جعلتهم أكثر هشاشة بعد الكارثة #زلزال_تركيا_سوريا
Posted by بوابة اللاجئين الفلسطينيين on Tuesday, February 14, 2023
وقضى في مناطق شمال غرب سوريا، أكثر من 30 فلسطينياً بحسب أرقام تقريبية، نظراً لاستمرار عمليات البحث ورفع الأنقاض.
وكانت وكالة "أونروا" قد استثنت اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في الشمال السوري من النداء العاجل الذي أطلقته الثلاثاء 7 شباط/ فبراير، للحصول على مبلغ 2.7 مليون دولار، من أجل إغاثة 57 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا تضرروا من الزلزال.
وحصرت الوكالة نداءها، باللاجئين الفلسطينيين المتضررين في المخيمات الواقعة في مناطق سيطرة النظام السوري، وخصوصاً مخيمي النيرب في حلب والرمل الفلسطيني في اللاذقية، حيث تضرر 90% من سكان المخيمين.
وكان ناشطون، قد انتقدوا نداء الوكالة وتهميشها لفلسطينيي الشمال " تحت حجج وذرائع واهية" تذرعت بها طوال السنوات السابقة، وتفيد بـ "تلقي اللاجئين الفلسطينيين لمساعدات من جهات شريكة" فيما يؤكد اللاجئون المهجرون على بطلانها.
وكان الناشط الفلسطيني ثائر أبو شرخ، قد نفى عبر موقعنا تلقي اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في الشمال معونات من شركاء الوكالة، ممكن أن تسد احتياجات اللاجئين، "وهو ما بدا واضحاً منذ بدء العواصف الشتوية، حيث لم تقدم أي منظمة دعماً إغاثياً يعتد به." حسبما أشار.