كشفت تحقيقات أجراها مركز "عدالة" ولجنة أهالي الطنطورة ومؤسسة "فروزنيك اركيتكشر" الدولية، عن أربع مقابر جماعية، وذلك بعد 75 عاماً من النكبة الفلسطينيّة.
وبحسب المركز، فقد استخدمت خلال التحقيقات أساليب حديثة ومتطورة في البحث عن الأدلة المادية لعلم الآثار والبحث عن الأماكن، بالإضافة إلى تقاطع الشهادات والمعلومات خلال الروايات من قبل أهالي الطنطورة الناجين وذوي الشهداء، وشهادات الجنود "الإسرائيليين" الذين شاركوا في المجزرة.
كما استخدم فريق البحث وسائل تقنية عالية جداً مثل التصوير بالظل وثلاثي الأبعاد، وبالاستناد إلى المباني التي بقيت على شاطئ الطنطورة، إذ جرى إعادة رسم القرية والتعرف بذلك على المقابر الجماعية، وجرى التعرف على أربع مقابر جماعية، دُفن فيها 280 شهيداً من الرجال والأطفال والنساء، وبحسب التحقيق فإن غالبية القتلى كانوا من الرجال.
من جهتها، نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن باحثين ومؤرخين، قولهم إن القرية التي كان يسكنها نحو 1500 شخص، قتل العديد منهم بمجزرة ارتكبتها عصابات صهيونية، تشهد اليوم مقابر جماعية بني فوقها منتجعات شاطئية، وقسم مواقف السيارات في أحد هذه المنتجعات، بني فوق هذه المقابر الجماعية.
ولفتت "الغارديان"، إلى أنّ من ضمن القائمين على التحقيق الجديد، خبراء يعملون في وكالة الأبحاث "Forensic Architecture"، حيث قاموا بتحليل بيانات رسم الخرائط والصور الجوية من حقبة الانتداب البريطاني، مع الإشارة إلى شهادات شهود عيان تم جمعها حديثاً من الناجين والجناة وسجلات جيش الاحتلال.
وقبل أيام، عرض "المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين"، فيلماً وثائقياً تناول مجزرة الطنطورة، وذلك في قاعة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون "BAFTA" في العاصمة البريطانية لندن، حيث جاء العرض بالذكرى الـ75 عاماً لمجزرة الطنطورة، إذ أنها ارتكبت في يومي 22 و23 أيار/ مايو 1948.
اقرأ أيضاً: 75 عاماً على النكبة: كيف هجّرت العصابات الصهيونية الشعب الفلسطيني؟
وفي وقتٍ سابق، أعلن ذوو شهداء قرية الطنطورة المهجرة داخل أراضي الداخل المحتل 1948، عن تشكيل لجنة شعبية لمتابعة قضية المقبرة الجماعية في القرية، التي تم الكشف عنها مؤخراً، والبدء بخطوات فعلية لإلزام سلطات الاحتلال الصهيوني بالاعتراف الرسمي بجريمتها ومنح ذوي الشهداء حقهم بمعرفة مكان دفن ضحاياهم.
وأوضح ذوو الشهداء الذين هجروا إلى قرية الفريديس الساحلية في أعقاب الإعلان عن تشكيل اللجنة، أنهم بصدد وضع برنامج عمل والبدء بخطوات فعلية بالتعاون مع مؤسسات حقوقية وأهلية ودينية، ومع طاقم مؤرخين وخبراء، لكشف المكان الدقيق للمقبرة وإعادة دفن الشهداء بما يليق بهم.
ويأتي تشكيل هذه المبادرة عقب كشف الفيلم عن جرائم وحشية ارتكبتها وحدة إرهابية صهيونية، خلال عمليات التطهير العرقي للقرية قتل فيها أكثر من 200 فلسطيني، وتم دفنهم بمقبرة جماعية تحولت لاحقاً إلى موقف للسيارات يخدم زوار منتجع أقيم على أنقاض القرية المهجرة.
وتناول فيلم وثائقي للمؤرخ "الإسرائيلي" ادام راز والذي نُشر ملخصه في تقرير نشره ملحق صحيفة "هآرتس" العبرية، شهادات جديدة لجنود سابقين في جيش الاحتلال خدموا في لواء الكسندروني حول مذبحة الطنطورة التي نفذوها في إطار الإبادة العرقية للفلسطينيين خلال النكبة الفلسطينيّة.
وخلال التقرير الذي حمل عنوان: "عندما بلغوا سن التسعين.. جنود لواء الكسندروني قرروا الاعتراف: في عام 1948 نفذ الجيش الاسرائيلي مذبحة في الطنطورة"، قال المؤرخ إنّ السؤال الأهم الآن هو كم هو عدد ضحايا هذه المجزرة؟ لافتاً إلى أنّ ضحايا المذبحة دُفنوا في قبر جماعي.
وبحسب معد الفيلم، فإنّه يحدّد مكان المقبرة الجماعية التي دفن فيها أهالي قرية الطنطورة، مستنداً إلى تحقيقات معمقة وبراهين علمية تشير إلى أن المقبرة الجماعية تقع في مكان يستخدم اليوم كموقف لسيارات المستوطنتين "دور" و"نحشوليم"، وهما مستوطنتان أقيمتا على أنقاض قرية الطنطورة المهجرة، كما أكّد الفيلم، أنّ جهة رسمية "إسرائيليّة" حرصت بعد عامٍ من ارتكاب المذبحة على إخفاء معالمها، من خلال تفريغ المقبرة الجماعية من رفات الشهداء، إذ يُظهر الفحص وجود قناة فارغة على شكل قبرٍ جماعي.