"أبناء غزة في الأردن" يحرمون من الالتحاق في برنامج الدراسة المهنيّة

الجمعة 18 اغسطس 2023
مخيم جرش للاجئين الفلسطينيين في الأردن
مخيم جرش للاجئين الفلسطينيين في الأردن

تتواصل معاناة اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى الأردن في ظل الأزمات المتلاحقة والقرارات التي تطالهم بين الحين والآخر، حيث تحد هذه القرارات والتعميمات الحكوميّة من حريتهم في العمل والتعليم، إذ كان آخر هذه القرارات منعهم من الالتحاق في برنامج الدراسة المهنيّة الذي يؤهّلهم إلى سوق العمل، ويمكّنهم من تدبّر أمور حياتهم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ "أبناء غزة في الأردن" هم من لجأوا من قراهم ومُدنهم الفلسطينية إلى مناطق في الضفة المحتلة وقطاع غزة عام 1948، ثم لجأوا إلى الأردن إثر الاجتياح الصهيوني عام 1967، وهم اليوم يقطنون في الأردن، ويُعانون من ظروف اجتماعيّة واقتصاديّة صعبة، ويعيش غالبيّتهم في مُخيّم غزة بمدينة جرش، الذي تم تأسيسه بعد حرب حزيران عام 1967.

وتُعاني هذه الشريحة من عدم تمكّنهم من الحصول على امتيازات المواطنة الأردنيّة، فهم لا يحصلون على وثائق رسميّة تؤهلهم للحصول على الجنسيّة، رغم إقامتهم لمدة طويلة، ما ينعكس على ظروفهم الحياتيّة، حيث يتم منعهم من العمل بحرية في الوظائف الحكوميّة.


الالتحاق بالتعليم المهني مرفوض

يقول الناشط المجتمعي فارس محمد "اسم مستعار" لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ أبناء قطاع غزّة يعانون مؤخراً من مسألة الاختيار ما بين التعليم الأكاديمي أو المهني، أي بعد الانتهاء من دراسة الصف التاسع والتأهّل إلى الصف العاشر يصبح على الطالب الاختيار ما بين المسار الأكاديمي أو المهني، وبعد أن يختار الطالب المسار المهني ترفض السلطات المعنية قبوله.

المدارس للأردنيين وأبناء الأردنيات فقط

ويتابع الناشط الذي فضّل عدم ذكر اسمه: حينما ذهبنا لمراجعة الجهات المختصة بهذا الأمر، قالوا أنّ لا علم لهم حول هذا المنع، وحينما راجعنا مديرية التربيّة والتعليم قالت إنّ لديها "تعميم" وصل من الوزارة يقضي بمنع أبناء غزة في الأردن من ممارسة التعليم المهني، مُؤكدةً أنّ ما وصل هو مجرّد "تعميم" وليس قراراً، ورفضت تزويدنا حتى بصورة عن هذا "التعميم".

ويُشير الناشط إلى أنّ المديرية أكَّدت منعنا من الدراسة في المسار المهني، ودعتنا إلى الدراسة في مدارس خاصّة، لأنّ المدارس الحكوميّة في الأردن التي تدرّس المسار المهني أصبحت فقط للأردنيين وأبناء الأردنيات.

تضييق ممنهج ضد أبناء غزّة في الأردن

ويؤكّد الناشط لبوابة اللاجئين، أنّ أبناء غزّة في الأردن يحرمون من الحق في العمل والحصول على وظيفة، أو أي شيء آخر، لذلك نلجأ وكمنفذ وحيد إلى التعليم المهني، والآن بعد هذه القرارات أو "التعميمات" الجديدة التي تقضي بحرماننا من هذا الحق سيُحرّم علينا الوظيفة والتعليم وكل شيء، مُشدداً أنّ ذلك يأتي في سياق سياسة التضييق الممنهج ضد أبناء قطاع غزّة الموجودين في الأردن.

هذا التضييق ضد هذه الشريحة يضاف إلى جملة من التضييقات الممارسة بحق اللاجئين الفلسطينيين من "أبناء غزّة"، ويكرس معاناتهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية في التعلم والعمل.

من جهتها، طالبت جمعية "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وزارة العمل الأردنيّة بإصدار نظام لتنظيم عمل أبناء قطاع غزة المقيمين في الأردن، بعد تعهدها بصياغة نظام ينظم عملهم كمخرج قانوني لخلو قانون العمل من نص يعفي أبناء الغزيين من تصاريح العمل، مع أنه لم يتحقق عملياً.

وفي ورقة أصدرتها "تمكين" بعنوان "ظروف عمل الغزيين وحملة الجوازات المؤقتة في الأردن"، أكَّدت أنّ إصدار النظام يلغي التوجّه القاضي بالتعامل مع حملة الجوازات المؤقتة وأبناء غزة معاملة العمال المهاجرين والوافدين، فهم لم يأتوا إلى الأردن للعمل بخيارهم، ولا يمتلكون خيار العودة إلى وطنهم، ما يترتب عليه إعفاؤهم من شرط الحصول على تصريح العمل والسماح لهم بالعمل في كافة المهن المتاحة، في إطار تحسين مستوى معيشتهم وتخفيف الضغوطات عنهم وتمتعهم بالحقوق اللازمة لذلك، خاصة في العمل والصحة والتعليم.

قيود قانونية تحدّد عمل الفلسطينيين اللاجئين من هذه الشريحة

وأشارت الورقة، إلى أنّه وعلى الرغم من إقرار مجلس الوزراء في عام 2018 بعض التسهيلات لأبناء قطاع غزة، منها السماح لرب الأسرة من أبناء القطاع الحامل لجواز السفر الأردني المؤقت من فاقدي حق المواطنة، بتملك شقة في عمارة، أو منزل مستقل مقام على قطعة أرض لا تزيد مساحتها عن دونم واحد، أو تملك قطعة أرض فارغة لا تزيد مساحتها عن دونمٍ واحدٍ لبناء مسكن، تأتي هذه التسهيلات ضمن شروط وإجراءات معقدة للغاية، إضافة إلى الكلفة المالية الباهظة، التي يضطر إلى دفعها من أجل إجراءات التنازل والتملك، وهو ما أدى إلى عزوف الكثيرين عن اتخاذ هذه الخطوة لتردي أوضاعهم الاقتصادية.

وبيّنت الورقة، أنّ العديدين من أبناء غزة يُحرمون من الحصول على فرصة عمل لائق؛ بسبب القرارات العديدة التي تصدر حول حقهم في العمل، فيما أكّدت أنّ القيود القانونية تحدّد عمل الفلسطينيين، خاصة الغزيين، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بينهم، فلا يعملون في القطاع الحكومي الأردني، أو يزاولون بعض المهن، مثل طب الأسنان والهندسة الزراعية والمحاسبة والصيدلة والسياحة والمصارف، إلى جانب ذلك هناك فرص قليلة في القطاع الخاص شرط الموافقة الأمنية، بناء على قوانين لبعض النقابات المهنية الأردنية، واشتراط وزارة الداخلية الأردنية في بعض المهن.

وشددت الورقة، على أنّ فرض وجود تصريح عمل على هذه الفئة يدفعها للجوء لخيارات أخرى، مثل العمل في القطاع غير المنظم، ويجعلهم عرضة للاستغلال من أصحاب العمل، ويحرمهم من الضمان الاجتماعي وغيره من الحمايات الاجتماعية والحقوق العمالية.

وفي وقتٍ سابق، أكّد "أبناء غزة في الأردن" رفضهم أن يتم فرض رسوم أكثر من (300) دينار أردني بشكلٍ سنوي على كل تصريح عمل لهم، مُقابل فتح المهن المُغلقة، مُطالبين بإلغاء تصريح العمل تماماً.

وتضمّنت مطالب أبناء غزّة في حينه، إزالة تصريح العمل ومُعاملتهم كالأردنيين في كافة مجالات العمل والانتساب إلى النقابات وحق مُزاولة المهن، وتخفيض رسوم جواز السفر والرخصة إلى (50) دينار أردني، واستصدار الجواز في اليوم نفسه أسوةً بالأردنيين.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تشكيل لجنة من مجلس الأعيان والنوّاب لتقديم توصية للحكومة الأردنيّة، تقضي بإلغاء تصريح العمل عن أبناء غزة، لما فيه من ضرر كبير على هذه الفئة العاملة.

ويُضاف إلى عدم استفادة أبناء غزة في الأردن من خدمات التأمين الصحي والتعليم المدرسي المجاني، فإنّهم يُواجهون صعوبة في الالتحاق بالجامعات الرسميّة، ولا يتمتعون بحق التملك أو رخصة قيادة عامّة للعمل بها، وتنحصر فرص عملهم في الأعمال الحرّة الرخيصة مثل الإنشاءات والعمل في المصانع والأعمال اليوميّة.

ويحصل أبناء غزة على جواز سفر مؤقّت لمدة عامين يُمكّنهم من السفر، ولا يمنحهم الجنسيّة، علماً بأنّ كلفته وكلفة تجديده عالية بالنظر إلى ظروفهم المعيشيّة الصعبة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد