اشتباكات تنسف كل الخطوات السياسية

قتلى وجرحى في معارك هي الأعنف داخل مخيم عين الحلوة

الأربعاء 13 سبتمبر 2023
منازل تحترق جراء الاشتباكات في عين الحلوة
منازل تحترق جراء الاشتباكات في عين الحلوة

يشهد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا جنوبي لبنان، منذ ساعات، معارك وصفت بالأعنف على الإطلاق، منذ بدء الاشتباكات بين عناصر الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح من جهة، وتجمع "الشباب المسلم" من جهة ثانية في أواخر حزيران/ يونيو الفائت، في وقت يتوالى فيه فشل الجهود السياسية للأطراف الفلسطينية لاحتواء الأزمة.

وقال مسؤول وحدة الإسعاف والطوارئ في مستشفى الهمشري، الدكتور زياد أبو العنين في تصريح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، ليل الأربعاء 13 أيلول/ سبتمبر: إنّ 5 جثث وصلت إلى المشفى و14 جريحاً اثنان منهم من وحدة الطوارئ التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.

وأضاف أبو العنين: إن وحدة الإسعاف موجودة على أطراف مخيم عين الحلوة وإنها ما تزال تدخل إلى المخيم في حال الضرورة إذا كانت هناك حالة حرجة تستدعي الدخول، لأن مسعفين اثنين من الفريق طالهما رصاص الاشتباكات وأصيبا إصابات طفيفة.

وأكد أبو العنين أن الوضع الآن في المخيم متوتر وإطلاق نار مستمر، تنخفض حدة الاشتباكات تارة وتارة أخرى تشتعل على جبهات عدة، مشيراً إلى أن فريق وحدة الطوارئ مستعد لتقديم الإسعافات لأي شخص كان مدنياً أو عسكرياً.

وأشار أبو العينين أن معظم الجرحى كانوا من حي حطين الذي تعرض إلى إطلاق نار عنيف اليوم، مضيفاً: "نحن نتعامل مع كل الإصابات إن كانوا مدنيين أو عسكريين فواجبنا هو تقديم الإسعافات لأي شخص كان".

ونفى مسؤول وحدة الإسعاف والطوارئ الخبر المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، أن مستشفى الهمشري بحاجة إلى متبرعين بالدم بكل الفئات مؤكداً أن الهمشري لم تطلب من أي أحد القدوم إلى المستشفى والتبرع بالدم.

وأفاد شهود عيان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، مساء اليوم الأربعاء 13 أيلول/ سبتمبر، أنّ ردهة الطوارئ وممرات المشاة في مستشفى الهمشري، غصّت بالجرحى والكوادر الإسعافية، فيما تشهد المستشفى حالة استنفار لكوادرها، جراء اشتداد المعارك.

ونعى إعلام الأمن الوطني الفلسطيني، مساء اليوم، عنصراً إعلامي من عناصره يعمل على نقل الأخبار من الميدان ويدعى "الشبل" دون الإفصاح عن هويته حتى اللحظة.

من جهته، نعى ما يسمى " التيار الإصلاحي في حركة فتح" التابع للقيادي السابق في الحركة محمد دحلان، مقتل أحد عناصره "خالد أبو النعاج" بعد تلقيه رصاصات عدة.

وجاء في بيان نسب للتيار : "إن خالد أبو النعاج تعرض إلى عملية غدر وإطلاق النار من مجموعة مخترقة في الأمن الوطني ومرتبطة بأجندات خارجية وتسعى إلى تدمير المخيم وإجهاض كل محاولات التهدئة".

وأضاف البيان: "تعاملت مجموعاتنا مع مصادر النيران وتم القضاء على مطلقي النار بين قتيل وجريح، وقد عملت قيادة التيار على عودة الهدوء والاستقرار وقد تلقت قيادة التيار اتصالاً من سعادة السفير أشرف دبور الذي أكد أن هذه المجموعة مخترقة ومرتبطة بالمشاريع الهدامة التي تطال مخيمنا" بحسب البيان.

ومنذ انتشار أنباء إطلاق النار على القيادي في التيار أبو النعاج، سجّل في حي صفورية، حركة نزوح خوفاً من نشوء معارك بين التيار الإصلاحي الذي يقوده عسكرياً في المخيم المدعو " اللينو" وبين الأمن الوطني الفلسطيني، ولم تسجل معارك بين الجانبين.

خالد ابو النعاج.jpg
القيادي في ما يسمى التيار الإصلاحي لحركة فتح خالد أبو النعاج

واشتعلت المعارك عصراً، عند محاور حي حطين، والتعمير، والبركسات والرأس الأحمر وصولاً إلى جبل الحليب، وسط حالة من النزوح وصفت بالأكبر منذ بدء الاشتباكات المسلحة في المخيم.

وطالت القذائف والرصاصات المتطايرة، عدّة أحياء في مدينة صيدا، وصولاً إلى حي الجامعة والدوار العربي وسوق الحسبة، فيما أغلق الجيش أوتستراد الجنوب، وسط سريان قرار إقفال المؤسسات الحكومية والأهلية والجامعات في المدينة.

ساعة الصفر بالنسبة لفتح لم تتحدد بعد!

وبحسب رواية حركة فتح حول أسباب تجدد المعارك، والتي صرّح بها مسؤول الإعلام لدى الحركة يوسف الزراعي، للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، فإنّ المعارك بدأت حين "تعرضت مواقعنا اليوم، لهجوم من قبل القوات الإرهابية ما اضطر عناصرنا للرد عليها، ولا سيما عند محور جبل الحليب - حطين ومحور التعمير – البركسات".

ووصف ما يجري بأنه "ليس بعملية عسكرية لفتح إنما صد هجوم الجماعات الإرهابية"، مضيفاً أنّ "ساعة الصفر بالنسبة لفتح لم تتحدد بعد، فالحركة ملتزمة ما تم الاتفاق عليه اليوم في السراي الحكومي لجهة إعطاء مهلة زمنية لهذه المجموعات الإرهابية والضغط عليها من قبل القوى الإسلامية وحركة حماس من أجل تسليم المطلوبين في عملية اغتيال العميد الشهيد ابو أشرف العرموشي ورفاقه"، حسب قوله.

وحول حل الأزمة، حصر الزراعي ذلك، بتسليم المطلوبين أنفسهم، وقال إنّ "الحل يكون من خلال عملية لبنانية فلسطينية، ونحن كحركة فتح وقوى فلسطينية اتفقنا مع الدولة اللبنانية على إعطاء مهلة زمنية لن تكون طويلة من أجل أن يُسلم هؤلاء المجرمون أنفسهم، وفي حال لم يتم تسليمهم فسيكون هناك كلام آخر".

تصريحات عقب خطوات سياسية

تصريحات حركة فتح عبر مسؤولها الإعلامي، جاءت بالتوازي مع تصريح لعضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، وقال فيها: إنّ" ما يجري في مخيم عين الحلوة الآن هو تدمير للمخيم تحت عنوان محاربة الإرهاب، ولكن بدون نتائج حقيقية تُذكر، وحاولنا جاهدين مساعدة من هو في مأزق ولكن التعهدات التي قُطعت لنا بلا معنى".

الجدير ذكره، أنّ تصريحات أبو مرزوق، والمسؤول الإعلامي لحركة فتح، والتي تعكس تدهور الأوضاع ميدانياً، جاءت عقب اجتماع بين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، وعضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق في مقر سفارة السلطة في بيروت، وخرجا بقرار لوقف إطلاق النار.

وكان القياديان، قد ترأسا وفدين مساء أمس الثلاثاء، بحضور أطراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك وسفير السلطة الفلسطينية في لبنان أشرف دبور، واتفقا على "تسليم المطلوبين المتهمين باغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه وعبد الرحمن فرهود للقضاء اللبناني لاتخاذ ما يجب بشأنهم والتأكيد على قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بتكليف القوة الأمنية المشتركة القيام بالواجب الموكل إليها".

كما دعا المجتمعون إلى "الالتزام الكامل بتثبيت وقف إطلاق النار وبالتفاهم الذي جرى برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وبحضور قادة الأجهزة الأمنية واللقاء الأخير الذي جرى في المديرية العامة للأمن العام اللبناني".

وكانا الأحمد وأبو مرزوق، قد وصلا إلى لبنان للوقوف على تطورات المشهد في مخيم عين الحلوة، وعقدا سلسلة لقاءات مع أطراف لبنانية، وذلك امتداداً لجهود سياسية بدأتها أطراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك منذ آب/ أغسطس الفائت، وتكللت بنحو 6 قرارات لوقف إطلاق النار، جميعها باءت بالفشل.

وكانت المعارك بين حركة فتح وتجمع "الشباب المسلم" قد اندلعت في 30 تموز/ يوليو الماضي في المخيم، إثر عمليتي اغتيال، استهدفت الأولى الناشط "الإسلامي" عبد الرحمن فرهود، فيما استهدفت الثانية قائد الأمن الوطني الفلسطيني في مدينة صيدا أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه، واستعرت على أثرها المعارك واستمرت لأيام، أسفرت وقوع العشرات من كلا الطرفين بين قتيل وجريح، ودمار واسع في البيوت والممتلكات.

وتتركز المعارك، على محاور البركسات/ الطوارئ، حطين، التعمير، حيث تقع المربعات الأمنية لتجمع "الشباب المسلم"، فيما تمتد إلى مناطق بستان القدس والرأس الأحمر وجبل الحليب، وسط أضرار واسعة في ممتلكات الأهالي، نتيجة استخدام قذائف الهاون والأسلحة الثقيلة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد