سرق جثامين الشهداء ويمنع بالرصاص أي تحرك للطواقم الطبية

جيش الاحتلال يحول مستشفى الشفاء في غزة إلى ثكنة عسكرية

الجمعة 17 نوفمبر 2023
من داخل مستشفى الشفاء
من داخل مستشفى الشفاء

احتل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مستشفى الشفاء غربي مدينة غزة بالكامل، وحوله إلى ثكنة عسكرية، بعد عدة اقتحامات وعمليات تفتيش وتجريف في أقسامه.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إن جيش الاحتلال حول مجمع الشفاء الطبي إلى ثكنة عسكرية مغلقة، ويطلق النار ويقتل كل من يحاول الدخول أو الخروج منه، حتى أنه ارتقى قرابة 30 فلسطينياً حاول الخروج من المجمع.

وأضاف المكتب في بيان له: إن جيش الاحتلال نفذ جيش الاحتلال عمليات حفر وتفتيش داخل مجمع الشفاء ونقل جثث الشهداء إلى جهة مجهول، فيما يمن دخول الماء والغذاء والمستلزمات الطبية إلى المجمع، مطالباً بضغط دولي لتحرير مجمع الشفاء من الجيش "الإسرائيلي" وإخراج جنوده ودباباته.

وفي وقت سابق، أفادت وكالة اوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، أنّ "قوات الاحتلال لا تزال تحاصر المستشفى بالدبابات والجرافات لليوم الثامن، في الوقت الذي جدد جيش الاحتلال اقتحام المستشفى اليوم، واتّخذ نحو 5 آلاف فلسطيني كرهائن داخل المستشفى".

ونقلت "وفا" عن مراسلها، أنّ قوات الاحتلال فجرت ودمرت أجهزة طبية، مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي وغيرها، كما هدمت جرافات الاحتلال أسوار المستشفى الشمالية والجنوبية، ومطبخ المستشفى، ومركبات العاملين والمواطنين، كما جرفت الطرق جميعها حول المستشفى على مسافة كيلومتر، ومنها شارع الوحدة، حيث دمرت المنازل والمحال تجارية، والصيدليات ومحطة وقود".

وكان جيش الاحتلال قد اجتاح كافة مرافق مجمع الشفاء الطبي في انتهاك لحرمته، أمس الأربعاء، وأمعن في ترويع الأطقم الصحية فيه، وكذلك الإداريين والمرضى والجرحى والنازحين الذين لجؤوا إليه بعدما هُجّروا من بيوتهم، ولم يجدوا مأوى آخر لهم، دون أي اعتبار للتحذيرات والتنديد الدولي والعالمي بعملية الاقتحام.

يذكر ان اقتحام جيش الاحتلال مجمع الشفاء الطبي، سبقه حصار شامل لا يزال متواصلاً على قطاع غزة، ويمنع دخول الوقود والإمدادات الطبية والغذائية إلى كافة أنحاء القطاع، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات.

تعمد الاحتلال قبل أن يشن حربه على المشافي في قطاع غزة قطع الإمدادات المطلوبة عن القطاع الصحي، من أدوية ومستلزمات طبية ومياه ومواد غذائية، خصوصاً الوقود اللازم من أجل تشغيل المولّدات وتوفير التيار الكهربائي الضروري للأجهزة الداعمة للحياة.

ورغم ذلك، تسود حالة إحباط كبير لدى الكثير من المعلقين في "تل أبيب"، بخصوص فشل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في تقديم، ولو دليل واحد مقنع يثبت مزاعم قادة الجيش "الإسرائيلي" بأنّ مجمع الشفاء الطبي يضم مراكز قيادة لحركة حماس، ويوجد فيه الأسرى "الإسرائيليون"، لدى المقاومة الفلسطينية.

40 فلسطينياً استشهدوا داخل مستشفى الشفاء بسبب الحصار "الإسرائيلي"

في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة، مساء أمس الخميس، ارتفاع عدد الشهداء إلى 11660 شهيداً، ونحو 32 ألف مصاب، منذ بداية العدوان "الإسرائيلي" الشامل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة الغربية، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وأوضحت الوزارة، في تقريرها اليومي حول حرب الإبادة "الإسرائيلية" المتواصلة على غزة منذ 41 يوماً، أنّ عدد الشهداء في قطاع غزّة حتى 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، بلغ 11470 شهيداً، منهم 4707 أطفال، و3155 امرأة، و668 مسنًا، فيما بلغ عدد المصابين نحو 29 ألفاً؛ وهذه الأرقام في تصاعد مستمر جراء استمرار المجازر.

وأوضح تقرير الصحة الفلسطينية أنّ من بين الشهداء 203 من الكوادر الصحية، و36 شهيداً من الدفاع المدني، إضافة إلى أكثر من 210 جرحى من الكوادر الصحية.

وأضاف التقرير: أنّه "في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الدبابات، مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزّة، وورد أنها اقتحمت عدة أقسام، وفتشتها واستجوبت الأشخاص، وأصاب القصف أجزاءً منها، وألحق أضرارًا بها، بما في ذلك قسم العمليات الجراحية المتخصصة، وقسم رعاية القلب، ومخزن، مضيفة أنه جرى بعد الاقتحام، نقل المرضى والكوادر الصحية والنازحين داخل المجمع".

ويؤكد التقرير أنّ 40 مريضاً استُشهدوا في مجمع الشفاء، بينهم ثلاثة أطفال خدج، منذ 11 من الشهر الحالي، بسبب نقص الوقود وإغلاق أقسامه بعد محاصرة قوات الاحتلال لها، وأنه لا يوجد مياه شرب أو طعام في مستشفى الشفاء لا للمرضى ولا للموظفين، إضافة إلى ما يعانونه.

وأشار التقرير إلى أن الطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء لا تستطيع التنقل بين أقسام المجمع الطبي ومبانيه، بسبب قيام طائرة "إسرائيلية" دون طيار بإطلاق النار على كل من يتحرك داخل المجمع أو حوله.

نداء إلى الصليب الأحمر الدولي

وفي السياق، وجه العاملون في مجمع الشفاء الطبي نداءً إلى الصليب الأحمر والمنظّمات الدولية لحمايتهم والموجودين بالمستشفى من نازحين ومرضى، خاصة أنه لا يوجد في المستشفى لا مياه ولا كهرباء ولا طعام، كما تقوم قوات الاحتلال بإطلاق النار على أي شخص يتحرك داخل المستشفى، حيث أطلقت النار على طفل (12 عاماً) وأصابته في قدمه برصاصتين لأنه تنقل من قسم لآخر.

ونقلت وكالة "رويترز" في وقت سابق، عن مسؤول عسكري "إسرائيلي"، أنّ قوات خاصة "إسرائيلية" تفتش كل مبنى، وكل طابق في مستشفى الشفاء، وتأتي هذه الخطوة بعد عرض جيش الاحتلال صوراً من داخل المستشفى أمس الأول، قال: إنها أسلحة لعناصر حركة حماس، وقد فندت قيادات فلسطينية ومحللون عسكريون صحة هذه الفيديوهات، خاصة بعد أن أزال حساب وزارة الحرب "الإسرائيلية" على منصة "إكس"، الفيديو الأول الذي نشرته لعملية التفتيش عن أسلحة، وإعادة نشره بعد إدخال تعديلات عليه.

ومجمع الشفاء الطبي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، تأسس عام 1946، في عهد الانتداب البريطاني في مدينة غزة، وكان في شكله الأولي أكشاكاً صغيرة تقدم خدمات الرعاية الطبية إلى المرضى، وتطور مع الوقت، فأصبح أكبر مجمع طبي في القطاع، ويعمل فيه 25% من العاملين في المستشفيات بقطاع غزة كله.

مدير مجمع الشفاء الطبي: "المستشفى تحوّل إلى سجن كبير"

وقبل انقطاع الاتصال مع مجمع الشفاء الطبي، قال مديره، الدكتور محمد أبو سلمية، في تصريحات إعلامية: إنّ "المستشفى تحوّل إلى سجن كبير "، واصفاً ما يحصل بأنه "جريمة حرب" سوف يستشهد بها التاريخ" مؤكداً أنّ قوات الاحتلال ما زالت في حرم المجمع، فيما دباباتها تحاصر مبانيه وسط "استمرار عمليات القنص"، وبالتالي هم غير قادرين حتى على إخراج القمامة من المستشفى.

وأضاف أنّ "الطائرات المسيّرة تحلّق على مدار الساعة فوق المستشفى، وفي الأجواء المحيطة به". وأردف قائلاً: إنّ أحداً لا يستطيع التنقّل من مبنى إلى آخر، في حين "فقدنا الاتصال بزملائنا". وشدّد على أنّ الأوضاع صعبة جداً لا بل "كارثية"، وأنّ المحاصرين يعانون العطش بعدما "نفدت المياه كلياً" في المستشفى المحاصر والمحتلّ.

وأوضح د. أبو سلمية، الذي رفض هو وزملاؤه الأطباء مغادرة المستشفى حرصاً على حياة المرضى، أنّ "مقوّمات الحياة مفقودة في داخله" من دون مياه وغذاء وكهرباء، مشيراً كذلك إلى نفاد الأوكسجين. وبيّن أنّ "في المستشفى أكثر من 650 مريضاً و500 فرد من الأطقم الصحية وخمسة آلاف نازح، لكن لم يعد في مقدورنا القيام بأيّ شيء". وأنّ "ثمّة جثثاً ما زالت في الأقسام، ونحن في حاجة إلى إخراجها تجنّباً لوقوع كارثة صحية"، غير أنّهم عاجزون عن ذلك".

وأكمل، أنّ "القوات الإسرائيلية يتجوّلون في الأقسام، خصوصاً في قسم الطوارئ، وقد سحبوا منه عدداً من الجثث"، والأمر كذلك بالنسبة إلى "جثث كانت في ثلاجات مجمع الشفاء الطبي أو موزّعة في الطرقات المحيطة به".

ويضم مجمع الشفاء الطبي، التابع لوزارة الصحة الفلسطينية، والذي يعدّ أكبر مؤسسة صحية تقدم خدمات طبية في قطاع غزّة، ثلاثة مستشفيات متخصصة، وهي: مستشفى الجراحة، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى النساء والتوليد، مع قسم حضانة للأطفال الخدج، إضافة إلى قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط، ويحتوي على 500-700 سرير.

الصحة العالمية: نبحث سبل إخلاء مستشفى الشفاء

من جهتها، قالت منظّمة الصحة العالمية، أمس الخميس: إنّ "الأمم المتحدة تبحث عن سُبُل لإخلاء مستشفى الشفاء في غزة، لكن الخيارات محدودة بسبب القيود الأمنية واللوجستية"

جاء ذلك على لسان، "ريك برينان"، مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظّمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والذي أضاف لوكالة "رويترز" إن إحدى العقبات تتمثل في أنّ الهلال الأحمر الفلسطيني يفتقر إلى الوقود الكافي لتشغيل سيارات الإسعاف داخل غزة لإجلاء المرضى.

وأردف قائلاً: إنّ القاهرة منفتحة على عبور سيارات إسعاف مصرية إلى غزة للمساعدة على إجلاء الناس طالما يمكن توفير الضمانات الأمنية والمرور الآمن. وتابع: أنّ "منظّمة الصحة العالمية علمت أنه لا يزال هناك نحو 600 مريض، من بينهم 27 في حالة حرجة، في مستشفى الشفاء، الذي دخلته القوات الإسرائيلية هذا الأسبوع بعد حصار استمر أياماً"، مضيفاً "نحن ننظر في مسألة الإخلاء الطبي الكامل، ولكن هناك الكثير من المخاوف الأمنية، والكثير من القيود اللوجستية، خياراتنا محدودة إلى حدّ ما ولكننا نأمل تلقي بعض الأخبار الأفضل خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة أو نحو ذلك".

وأشار المسؤول الأممي، إلى أنّ الأولوية في عملية الإخلاء تشمل المرضى المصابين بأمراض خطيرة و36 طفلاً حديثي الولادة لا يجدون حضانات بسبب نقص الوقود اللازم لتوليد الطاقة. كاشفاً أنّ "خطط الإخلاء تعقدت بسبب انقطاع الاتصالات مع المستشفى معظم الوقت". وأضاف "الفكرة هي أن ننقل غالبية المرضى على مدى أيام أو أسابيع من مستشفى الشفاء". موضحاً أنه "كنا سننقل الجزء الأكبر منهم إلى المستشفيات في جنوب غزة، لكن تلك المستشفيات مكتظة بالفعل، وهذا عامل تعقيد آخر. والخيار الآخر بالطبع هو نقل عدد منهم إلى مصر".

بدوره قال، منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ "مارتن غريفيث"، في بيان صدر الأربعاء، إنه "لا يمكن السماح باستمرار المذبحة في غزّة"، مقدماً خطة من عشر خطوات لمعالجة الأزمة الإنسانية التي تتكشف، بما في ذلك الاتفاق على وقف إطلاق النار الإنساني، واحترام القانون الإنساني الدولي، والسماح بدخول الوقود.

وزير الحرب "الإسرائيلي": بدء مرحلة جديدة من القتال في غزة

وأعلن وزير الحرب "الإسرائيلي"، يوآف غالانت، مساء أمس الخميس، إنّ الجيش استكمل ما أسماه "احتلال وتطهير" غربيّ مدينة غزة بالكامل، معلناً بدء الجيش مرحلة جديدة من العملية البرية في القطاع.

إعلان غالانت، سبقه اقتحام جرّافات الجيش "الإسرائيلي" لمجمع الشفاء الطبي من مدخله الجنوبي، في حين دخلت قوات خاصة مبانيه، وراحت تنفّذ عمليات تفتيش جديدة فيه بعدما احتلّته أمس الأربعاء.

وبالتزامن مع عمليّة التجريف والاقتحام الجديد، انقطع التواصل مع المحاصرين في داخل المستشفى.

وزعم غالانت، أنّ التقييم الأمني أظهر أنه يوجد في مستشفى الشفاء "أدلة مهمّة"، وأن "العملية العسكرية هناك مستمرة، وتُنفّذ بشكل انتقائي، ولكن بشكل حازم للغاية".

وفي حديثه عن العملية البرية، ربط غالانت بين تكثيف العمل براً وزيادة الضغط على حركة حماس بخصوص ملف صفقة تبادل الأسرى، وتحدث عن شكل المرحلة القادمة، قائلاً: إنّ "الجيش يعمل بدقة وإصرار وبشكل حاسم وبتنسيق عالٍ جداً بين القوات الجوية والبحرية والبرية، مصحوباً بمعلومات استخباراتية قوية جداً وشاملة"، على حد وصفه.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد