عبّر المرصد "الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان عن قلقه من تقارير تتوارد عن فرض الاحتلال "الإسرائيلي" خطط تهجير جديدة في قطاع غزة، تقضي بفرض منطقة عازلة، تتيح له قضم أجزاء من أراضي القطاع ما يعني إجبار المزيد من المدنيين على النزوح المتدرج باتجاه الحدود مع مصر.
الخطّة التي بدأها الاحتلال مع استئناف حربه على قطاع غزة بعد انهيار الهدنة الإنسانية الجمعة الفائتة 1 كانون الثاني/ نوفمبر الجاري، والتي استمرّت 7 أيّام، تستوجب تقسيم القطاع إلى مناطق صغيرة، لإجبار السكّان على الإخلاء القسري، وتشمل مناطق الإخلاء حوالي 25% من مناطق القطاع، وفق المرصد الذي استند إلى خرائط نشرها الجيش "الإسرائيلي".
الجدير بالإشارة، أنّ مناطق الإخلاء تشمل، عدة بلدات في شرق منطقة خان يونس (القرارة وخزاعة وعبسان وبني سهيلة) والتي أعلن الاحتلال أمس السبت 2 كانون الأول/ ديسمبر، بدء مرحلة من العمليات العسكرية البريّة في منطقة خان يونس، وهي أوّل جبهة عسكرية بريّة يفتحها الاحتلال في المنطقة الجنوبية منذ بدء التوغل البرّي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.
وكان جيش الاحتلال، قد أصدر" أوامر" لسكان بلدات شرق خان يونس، بالتحرك باتجاه الجنوب إلى منطقة رفح، الحدودية مع مصر، وهي تمثّل 19% من مساحة قطاع غزة (69 كيلومترًا مربعًا) ويسكنها حوالي 350 ألف نسمة قبل الحرب.
ووثّق المرصد، توجيه جيش الاحتلال "الإسرائيلي" تحذيرات جديدة لسكان الأجزاء الشرقية من مدينة غزة (الشجاعية والزيتون والمدينة القديمة) وجباليا، وكلاهما في شمال القطاع، بالإخلاء، وتغطي المناطق المحددة حوالي 6% من قطاع غزة، ويسكنها نحو 415 ألف شخص.
بالتوازي مع تدمير 60% من القطاع والقضاء على كل سبل الحياة
وتأتي خطط التهجير العلنية والمعلنّة للاحتلال، بالتوازي مع استمرار التدمير الشامل للبنى العمرانية والوحدات السكنية، وسحق كل أسباب الحياة في القطاع، لمنع عودة النازحين، وذلك عبر مسح مدن وأحياء بأكمها، وبلغت مساحة العمران السكني المدمّرة في القطاع 60% من الوحدات السكنيّة، ما يعادل 300 ألف وحدة سكنية خلال سبعة أسابيع من الحرب المتواصلة.
يضاف إلى ذلك وقف إدخال المساعدات الإنسانية ما اعتبره المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، "أسلوباً وضيعاً في الضغط على الشعب الفلسطيني وعلى الأطفال والنساء من خلال حرمانهم من الغذاء والدواء وحرمانهم من مستلزمات الحياة المهمة والأساسية ومن أبسط حقوقهم، ويعدُّ حُكماً بالإعدام على (2.4) مليون إنسان في قطاع غزة مع سبق الإصرار".
وحذّر المكتب الإعلامي، دول العالم والمنظمات الدولية والعالمية من وقوع كارثة إنسانية يرتكبها جيش الاحتلال ضد المدنيين، بتدمير المنازل والعمران، في ظل وجود 1.5 كليون نازح في ظل ظروف إيواء غير إنسانية، يعانون معاناة بالغة الصعوبة في الحصول على الغذاء والماء والدواء، ومن سوء المعيشة والمأوى ومخاطر انتشار الأمراض والأوبئة المختلفة بالتزامن مع دخول فصل الشتاء والبرد القارس.
المرصد " الأورو متوسطي" لحقوق الإنسان، قال: إنّ "إسرائيل" تسحق كل أشكال الحياة المدنية في غزة وتعيد السكان إلى مرحلة ما قبل النهضة الصناعية، فيما تحيل القطاع، بما في ذلك المنازل والمصانع والشركات والبنى التحتية، إلى أكوام من الركام".
ونبّه المرصد، من تبعات دخول فصل الشتاء والبرد القارس، بينما يتكدس الناس في مراكز اللجوء والمدارس بمئات الآلاف، وسط شح الغذاء الكافي ودون توفر وسائل النظافة العامة والشخصية، ومع انعدام خدمات الرعاية الصحية.
كما حذّر "الأورو متوسطي" من سوء الظروف الصحية في مراكز الإيواء بما في ذلك زيادات كبيرة في بعض الأمراض مثل التهاب الكبد، والحالات المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والحالات المرتبطة بالنظافة.
وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" "فيليب لازاريني"، قد حذّر في وقت سابق، من أن "الهجوم الإسرائيلي على جنوب غزة قد يدفع مليون لاجئ إلى الحدود المصرية".
وقال، في تدوينة نشرتها "أونروا" على حسابها الرسمي عبر منصة "إكس": إنه "إذا كان هناك قتال، فمن المرجح أن يرغب سكان غزة في الفرار إلى المناطق الجنوبية، وإلى ما وراء الحدود."
يأتي ذلك، بالتوازي مع تكثيف الاحتلال لمجازره بشكل وصف بالأعنف منذ بدء الحرب، وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إن 316 شهيداً ارتقوا في القصف "الإسرائيلي" على قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية.
ودمّر الاحتلال مربعات سكنية في مخيم جباليا حي الشجاعية وعدّة مناطق في خان يونس، وارتكب 23 مجزرة في القطاع خلال الساعات الـ 24 الماضية، ما يزال المئات من ضحاياها تحت الأنقاض.