وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الإثنين، أن استخدام الحكومة "الإسرائيلية" تجويع المدنيين كسلاح في قطاع غزة بمثابة جريمة حرب.
جاء ذلك في تقرير مطول نشرته المنظمة الحقوقية (مقرها نيويورك)، على موقعها الإلكتروني.
وأوضحت المنظمة أن الجيش "الإسرائيلي" يتعمد منع إيصال المياه والغذاء والوقود، بينما يعرقل عمداً المساعدات الإنسانية، ويجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.
وأشارت إلى أنه منذ هجوم حماس على "إسرائيل" 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب تعبيرها، أدلى مسؤولون "إسرائيليون" كبار، منهم وزير الحرب "يوآف غالانت"، وما يسمى وزير الأمن القومي "إيتمار بن غفير"، ووزير الطاقة "يسرائيل كاتس"، بتصريحات علنيّة أعربوا فيها عن نيّتهم حرمان المدنيين في غزة من الغذاء والمياه والوقود، وهذه التصريحات تعكسها العمليات البرية للجيش الإسرائيلي".
وأضاف التقرير: أن مسؤولين "إسرائيليين" آخرين صرحوا علناً بأن المساعدات الإنسانية لغزة ستكون مشروطة إما بالإفراج عن "الرهائن الذين تحتجزهم حماس بشكل غير قانوني أو بتدمير الحركة".
من جهته، قال مدير شؤون "إسرائيل" وفلسطين في المنظمة، عمر شاكر: لأكثر من شهرين، تحرم "إسرائيل" سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حرض عليها مسؤولون "إسرائيليون" كبار أو أيّدوها، وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، داعياً زعماء العالم إلى رفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة هذه، ذات الآثار المدمرة على سكان غزة.
وأضاف: أن الحكومة "الإسرائيلية" تضاعف عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع كسلاح حرب، موضحاً أن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلّب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.
وأوضحت المنظمة أنها أجرت مقابلات مع 11 فلسطينياً نازحاً في غزة بين 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي و4 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تطرقوا خلالها للصعوبات الشديدة التي واجهوها في تأمين الضروريات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة.
وقال رجل غادر شمال غزة: "لم يكن لدينا طعام ولا كهرباء ولا إنترنت ولا شيء على الإطلاق. لا نعرف كيف نجونا".
وفي جنوب غزة، قال أب لطفلين: "نبحث باستمرار عن الأشياء اللازمة لنعيش".
وفي السياق، أشارت المنظمة إلى أن القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب "تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب"، حيث ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن "تجويع المدنيين عمدا بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغذائية، هو جريمة حرب".
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة "الإسرائيلية" بـالتوقف فوراً عن استخدام تجويع المدنيين أسلوباً للحرب، وقالت: إن على "تل أبيب الالتزام بحظر الهجمات على الأهداف الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، ورفع حصارها عن قطاع غزة".
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنه "على الحكومات المعنية مطالبة إسرائيل بوقف هذه الانتهاكات. كما على الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما يستمر جيشها بارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين مع الإفلات من العقاب".
نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الحاد
وارتفعت مستويات الجوع في قطاع عزة المحاصر، في ظل شحّ المساعدات الإنسانية مقارنة بضخامة الاحتياجات، ومنع الفلسطينيين من الغذاء والدواء والوقود.
ومع عدم دخول قدر ضئيل من المساعدات وتعطّل التوزيع بسبب القصف "الإسرائيلي"، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن زيادة من 38% إلى 56% في عدد الأسر النازحة التي يعاني أفرادها من الجوع.
وقال برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة: إنه في الشمال، حيث لم تتمكن المساعدات من الدخول، من المتوقع أن تواجه الأسر وضعاً كارثيا.
وجدد "كارل سكاو" نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، الجمعة، الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية وفتح المعابر كي يتمكن البرنامج من زيادة المساعدات الإنسانية في غزة.
وأكد سكاو في تصريح له، أن البرنامج مستعد للوصول إلى الملايين بالمساعدات الإنسانية، بمجرد أن يسمح الوضع بذلك. وأضاف قائلاً: "ما نحتاجه حقاً هو زيادة كميات المساعدات التي تدخل القطاع. ولهذا نحتاج إلى المزيد من المعابر، نود أيضاً أن نرى دخول الشاحنات التجارية حتى نتمكن في أقرب وقت ممكن من استئناف نظام توزيع النقود والقسائم، لأن هذا برنامج له أيضاً نطاق أوسع تأثيراً في الاقتصاد".
وكشف المسؤول الأممي عن مسح أجراه برنامج الأغذية العالمي خلال فترة أيام الهدنة السبعة. وخلص المسح إلى أن نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الحاد، وفي بعض المناطق تسعة من كل عشرة أشخاص يقضون يوماً كاملاً بليلته دون تناول أي غذاء، و18% من تلك الأسر مرت بتلك الظروف في أكثر من 10 أيام خلال الشهر الماضي
وكان قطاع غزة يستقبل يومياً نحو 600 شاحنة من الاحتياجات الصحية والإنسانية، قبل حرب الابادة "الإسرائيلية" المتواصلة على القطاع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلا أن العدد تدنى إلى نحو 100 شاحنة يومياً في أفضل الظروف خلال فترة الحرب عبر معبر رفح البري فقط، وبعد عدة مفاوضات واتصالات تجريها أطراف دولية.
وفقط أمس الأحد، دخل لأول مرة منذ 73 يومياً عدد من الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم بما فيه 6 شاحنات فقط من الوقود وغاز الطبخ، فيما لا تزال الإمدادات التي تدخل إلى القطاع غير كافية لسد الاحتياجات المتصاعدة جراء واقع الحرب والمجازر "الإسرائيلة" والنزوح والكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، وتؤكد وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي باستمرار إلى حاجة القطاع لنحو ألف شاحنة مساعدات يومياً للاستجابة للاحتياجات الطارئة والاستثنائية التي يشهدها القطاع.