قال منسق فرق الطوارئ الطبية في منظمة الصحة العالمية "شون كيسي" الذي شارك في مهمة إنسانية إلى وسط غزة: إن هناك دماء في كل مكان في مستشفيات القطاع، واصفاً ما شاهده بأنه "حمام دم ومذبحة"، مؤكداً بأنه لا يوجد مكان آمن في غزة.

وأضاف كيسي في حوار مع موقع "الأخبار" التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، بعد زيارته إلى مستشفى الأقصى في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة: "إنه حمام دم، كما قلنا من قبل، إنها مذبحة. إنه مشهد فظيع".

وتابع: إنه رأى ذلك أيضاً في مستشفى الشفاء في الشمال، وشاهده كذلك في الأسابيع الماضية في أكبر مستشفيين في الجزء الجنوبي من غزة وهما مستشفى غزة الأوروبي ومجمع ناصر الطبي، في الأسابيع الماضية، مؤكداً بأن الوضع متشابه جداً في قسم الطوارئ في أي مستشفى بأي جزء من قطاع غزة.

وأشار إلى أنه "لا مكان آمن في غزة"، مشيراً إلى وجود مخيم يضم آلاف النازحين على بعد 50 متراً من مركز العمليات الإنسانية المشتركة التابع للأمم المتحدة في رفح، ومع ذلك كان صوت الاشتباكات مسموعاً طوال الليل تقريباً مع ورود تقارير خلال النهار عن العديد من الإصابات التي وصلت إلى المستشفيات في الجنوب.

وقال: إنه في جميع أنحاء غزة في الوقت الحالي، تبلغ القدرة الصحية حوالي 20% مما كانت عليه قبل 80 يوماً أو نحو ذلك، مشيراً إلى توقف جميع الخدمات تقريباً عن العمل، إما لأن المرافق نفسها تضررت، أو لأن الموظفين اضطروا إلى الفرار، أو لأن موارد الطاقة قد نفدت، أو لأن الإمدادات الطبية نفدت، أو لأن الموظفين لم يتمكنوا من الوصول إليها.

وأكد منسق فرق الطوارئ الطبية في منظمة الصحة العالمية، بأن العديد من المستشفيات في جميع أنحاء غزة تعاني نقصاً في الإمدادات، والاكتظاظ بالمرضى والمصابين، وقال: إن أقسام الطوارئ تشهد الكثير من حالات الرضوض، في حين أن جميع المصابين بالأمراض غير المعدية -مثل مرضى السرطان والسكري ومرضى القلب وغيرها من الحالات- غير قادرين على الوصول إلى الخدمات في معظم أنحاء قطاع غزة في الوقت الحالي.

وأشار كيسي كذلك، إلى الصعوبات اللوجستية التي تواجه العدد المحدود من شاحنات الإمداد القادمة عبر معبر رفح، حيث يتحتم عليهم التنسيق مع أطراف النزاع للتأكد من أن الطرق آمنة قدر الإمكان للعبور. حسب تعبيره.

وأوضح أنه في بعض الأحيان تتغير تلك الطرق ويتحتم عليهم المرور عبر مناطق مزدحمة، ومع نزوح مليوني شخص تقريباً فإن حشوداً ضخمة تعيش في مناطق معينة، وفي رفح قد يستغرق الأمر في بعض الأحيان نصف ساعة لقطع كيلومتر واحد بسبب كثرة الناس في الشوارع.

وأردف أنه بالإضافة إلى ذلك، يزداد مستوى الدمار بشكل لا يصدق كلما اتجهت نحو الشمال، فالطرقات مليئة بالركام، وهناك أسلاك مقطوعة، وخطوط كهرباء وأعمدة مقطوعة، وعليهم عبور نقاط التفتيش واتباع إجراءات أمنية والتعامل مع ظروف الطريق والإطارات المثقوبة بسبب السير فوق الأنقاض وقضبان التسليح المكشوفة بعد دمار المنازل نتيجة القصف "الإسرائيلي".

نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار والمزيد من المساعدات الإنسانية

وأمس، قال كيسي رداً على سؤال حول ما إذا كان العالم قد أصبح مخدراً تجاه ما يحدث في قطاع غزة، خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية،
"أتمنى ألا يكون الأمر كذلك. آمل أن يفهم الناس أن هؤلاء بشر. نحن نرى الناس يصرخون من أجل الطعام والماء".
وأضاف: "آمل ألا نصبح مخدرين لذلك الأمر. ولهذا السبب نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار. نحن بحاجة إلى فهم مستوى المعاناة الإنسانية ووضع حد لها".
وشدّد على الحاجة إلى مزيد من المساعدات الإنسانية في غزة، وذلك في ظل كارثة إنسانية وتحذيرات أممية من خطر المجاعة جراء تواصل العدوان والقصف العشوائي الذي يستهدف المرافق الحيوية والمنشآت المدنية في القطاع المحاصر.

وفي ذات السياق، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، "تيدروس أدهانوم غبرييسوس"، في منشور على منصّة "إكس"، أمس الأول، إن "فريق منظمة الصحة العالمية سمع من الطواقم الطبية والضحايا قصصاً مروّعة عن المعاناة التي خلّفها القصف "الإسرائيلي" على مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة.

وأضاف أنّ طفلاً فقدَ عائلته بأكملها في قصف المخيم، وهناك ممرّض في المستشفى مني بنفس الخسارة، إذ قُتلت عائلته بأكملها.

وشدّد تيدروس، على أن عدد المرضى الذين يعالجهم المستشفى يفوق بكثير طاقته من حيث الأسرّة والطواقم الطبية.

وحذّر من أنّ الكثيرين لن تُكتب لهم النجاة بينما هم ينتظرون دورهم لتلقّي الرعاية الصحية اللازمة.

ونبّه إلى أنّ هذا القصف "يُظهر بوضوح لماذا يجب وقف إطلاق النار على الفور".

تصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية هذه، سبقها تحذير أطلقه الأحد الفائت، مفاده أن "النظام الصحي في غزة يتعرّض للتدمير"، ودعا مجدّداً لوقف إطلاق النار.
وأشاد تيدروس بالعاملين في القطاع الطبي في غزة الذين يواصلون عملهم في ظل ظروف لا تنفك تزداد صعوبة.
وقال في منشور على منصة "إكس": إن "القضاء على النظام الصحي في غزة هو مأساة"، مضيفاً: "نحن مستمرون في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار".
وشدّد تيدروس، على أنه "في مواجهة انعدام مستمر للأمن وتدفّق المصابين، هناك أطباء وممرضون وسائقو سيارات إسعاف وغيرهم يواصلون بذل الجهود لإنقاذ الأرواح".
وتفيد منظمة الصحة العالمية بأن من بين مستشفيات غزة البالغ عددها الإجمالي 36 مستشفى، هناك تسعة فقط تعمل الآن بشكل جزئي، وكلها في الجنوب.
وأوفدت المنظمة بعثات إلى مستشفيي الشفاء والأهلي الواقعين في شمال قطاع غزة واللذين أصيبا بأضرار بالغة، ووصفت مشاهد مرضى متروكين يستجدون الطعام والماء بأنها "لا تحتمل".
وحذّرت من أن نسبة أفراد طواقم الرعاية الصحية الذين لا زالوا يعملون في غزة تقتصر على 30 بالمئة.

وتعرضت المستشفيات المحميّة بموجب القانون الدولي الإنساني، لقصف إسرائيلي بشكل متكرر في قطاع غزة منذ بدء العدوان على القطاع.

وأحصت منظمة الصحة العالمية، في وقت سابق، 246 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في غزة، بما في ذلك المستشفيات وسيارات الإسعاف، ما أسفر عن استشهاد 582فلسطينياً، و748 مصاباً.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد