تواصل الشرطة النمساوية التضييق على النشاطات الداعمة لقطاع غزة بمنع بعضها، خاصة التي تحمل شعار "من النهر إلى البحر... فلسطين حرة"، فيما أرسلت قبل أيام مخالفات مادية بحق المئات من المتضامنين.
ورفضت شرطة العاصمة "فيينا" الترخيص لوقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 12/12/2023 تقدم بها ناشطون تحت ذات الشعار، لتكون سادس مظاهرة تحظر منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أوكتوبر، منها 2 في مدينة "جراتز" وواحدة في مدينة "إنسبروك" واحدة في مدينة "فينير نيو شتات" والباقي في العاصمة فيينا، حيث تم الاعتراض على حظرهم جميعاً.
ويعود قرار المنع إلى هتاف يُردد عادة في المظاهرات وهو (من النهر إلى البحر .. فلسطين ستكون حرة) (From the river to the see… Palestine will be free)
وخلال أمسية قانونية أقامها نادي حنظلة والتجمع الأهلي في مقر البيت الفلسطيني وحملت عنوان "غزة تباد... أضواء على القانون النمساوي" أكد المحامي فرح أبو جرجورة تقديمه اعتراضات على أغلب التظاهرات التي منعت من الشرطة، حيث ينتظر جلسات المحاكم لمعرفة إن كانت هذه الجملة مخالفة للقوانين النمساوية، وهل هي نوع من "التحريض" أو ما يُوصف بـ "الإرهاب"، أم أن هناك سبباً سياسياً لمنع التظاهرات المؤيدة لفلسطين.
وأشار أبو جرجورة إلى أن الشرطة تستند في منع التظاهر إلى آراء "مركز توثيق الإسلام السياسي" التابع لمكتب المستشارية النمساوية في تفسير عبارة "من النهر إلى البحر فلسطين حرة"، لافتا إلى أن هذا المركز يقول: إنها ليست بمعنى واحد فيقصد بها عدة معاني منها: "إبادة إسرائيل" و"المطالبة بدولة إسلامية وبعض الحقوق للأقليات" و"دولة ديمقراطية وعلمانية لكل الناس"، ويلفت أبو جرجورة إلى أن الرأي الأخير أمر إيجابي ويثبت ما يقوله المنظمون.
كما شدد المحامي لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين على أن الأخطر يكمن بالإجراءات الجنائية لتهمتي "التأييد لعمل إرهابي، والتحريض"، حيث يمكن أن يستند الادعاء العام إلى هذا الهتاف، فيما تختلف مواقف النيابات العامة باختلاف المدن النمساوية، ففي مدينة "جراتز" هناك إجراءات قانونية بتهمة التحريض.
وأشار إلى أن أحد الأشخاص ردد هذا الشعار في مدينة "إنسبروك" فاتهم بتأييد "عمل إرهابي" وجرى ربطه بعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أوكتوبر، أما في مدينة "فينر نيو شتاد" فقد تهرب القضاء من البت بقانونيته، وقرر أنه ليس لديه الأدلة الكافية لإثبات نية المتهم تأييد "عمل إرهابي"، بينما النيابة في فيينا اعتبرت أنه لا يوجد اشتباه أولي للتهمة، فلا تشكل أي مسؤولية جنائية.
مخالفات بالجملة لفلسطينيين وعرب
وكانت الشرطة النمساوية قد بدأت بمنع التظاهرات الفلسطينية يوم 11/10/2023، حيث حظرت وقفةً قبل ساعة من موعدها وكانت حجة الشرطة هي "الخشية من وقوع أعمال عنف" نتيجة قربها من تجمع مؤيد لـ "إسرائيل".
ونتيجة عدم معرفة الكثيرين بالمنع فقد قدموا إليها وتركتهم الشرطة لبعض الوقت إلى أن طلبت منهم مغادرة المكان، حيث لم يسمع المشاركون ذلك، فأصدرت حينها مخالفات بحق نحو 300 شخص.
وأوضح أبو جرجورة الذي يتقدم باعتراضات على المخالفات، خاصة أن الشرطة فرضت الغرامات دون تمييز أو تفاوت في الحالات أو ظروف الشخص، بحال لديه مخالفات سابقة، وهذا يدل على رغبة بالضغط على الناس، وفق ما قال.
وأشار المحامي إلى أن القانون ينص على أن هذه المخالفة تعادل 720 يورو ولكن تفرض المخالفات الإدارية عادة بين 10 إلى 20% من القيمة العليا أي 70 إلى 150 يورو، إلا أن الشرطة غرَّمت المشاركين بـ 500 يورو، أي ما يعادل 70%.
كما قال المحامي: إن "على الشرطة التأكد من إبلاغ المتظاهرين أن المظاهرة ألغيت، خاصة أن الهتافات كانت بصوت مرتفع، وينبغي عليها إعطاء وقت لمئات المشاركين للمغادرة، وهذا ما لم يجر بحسب المشاركين". وأضاف "أتوفع بت المحكمة الإدارية بعدم قانونية منع التظاهرة، بالتالي تسقط المخالفات الموجهة إلى المتظاهرين".
أحمد شاب من العراق شارك في المظاهرة ولم يسمع أن الشرطة أعلنت حل المظاهرة بسبب أصوات مئات المحتجين، وهذا ما قاله للشرطي إلا أنه رفض ذلك وأصر على المخالفة.
"مخالفات بناء على لون البشرة"
ورغم عدم مشاركة الشاب المصري ضياء رشوان بالمظاهرة إلا أن الشرطة أجبرته على مغادرة مقهى قريب جلس فيه، وأصدرت له مخالفة ولأصدقائه، لـ"مجرد أن بشرتهم سمراء وتركوا من لهم ملامح أوروبية بالمقهى"، بحسب تفسيراته، ولفت إلى أنهم أرغموا على الدخول إلى المكان المطوق من قبل الشرطة والذي يضم من سيصدر بحقهم مخالفات، ما يعني أنه "مدبر ومقصود" بحسب قوله.
محمد طالب فلسطيني من قطاع غزة شارك في المظاهرة وعندما أعلنت الشرطة حلها غادر المكان إلى منطقة قريبة منها وانتظر أصدقاءه ليغادروا معاً، إلا أن شرطياً جاء وبدأ يوجه له الأسئلة حول مشاركته بالمظاهرة ومن أي بلد هو، وعندما علم الشرطي أنه فلسطيني كتب المخالفة له، وفق ما أكد.
كما لفت إلى وجود إجراءات قانونية بحق سيدة قالت: إن عملية طوفان الأقصى رد فعل طبيعي، والشرطة فسرت ذلك بتأييد العملية.
من بين التضيقات استدعاء الفلسطيني طارق إلى دائرة اللجوء بعد مقابلة أجراها مع صحيفة "كورير" تحدث فيها عن رغبته بالعودة إلى قريته المهجّرة في فلسطين، حيث عرضت عليه الدائرة تعبئة طلب عودة طوعية إلى سوريا إلا أنه رفض ذلك، لكونه بلداً غير آمن وأنه مستعد للمغادرة إلى بلده فلسطين، فأخبرته دائرة اللجوء أن هذا غير ممكن، فانتهى الأمر.
كما سجلت حالات يتعرض فيها طالبو اللجوء للأسئلة من هذه الدائرة كالمشاركة في المظاهرات المؤيدة لفلسطين ورأي طالب اللجوء بالتجمعات الفلسطينية والعربي الموجودة في النمسا.