في خطوة أولى تاريخياً رفعت دولة جنوب أفريقيا، الجمعة، قضية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي لدى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" خلال حربه المستمرة على قطاع غزة، والتي دخلت اليوم الأحد،31/كانون الأول، ديسمبر، يومها الـ86 وبلغت حصيلة ضحاياها 21.822 شهيداً و 56.451 مصاباً منذ السابع من أكتوبر الماضي.

بالمقابل، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل"، وأعربت حركة حماس عن تثمينها تقديم جنوب أفريقيا طلباً في محكمة العدل الدولية للبدء في إجراءات التحقيق مع "إسرائيل" حول ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة. 

وأكّدت جنوب أفريقيا أن "أفعال إسرائيل وأوجه تقصيرها تحمل طابع إبادة؛ لأنها مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة.. لتدمير فلسطينيي غزة كجزء من المجموعة القومية والعرقية والإثنية الأوسع، أي الفلسطينيين"، حسبما أفادت محكمة العدل الدولية في بيان، الجمعة الماضية.

ولتجاوز المدة الطويلة التي قد تستغرقها أي قضية ترفع لدى محكمة العدل العليا، حتى يتم الحسم فيها، فقد طالبت جنوب أفريقيا المحكمة بالانعقاد خلال الأيام القليلة القادمة لإصدار "إجراءات مؤقتة" تدعو إلى وقف إطلاق النار.

ومحكمة العدل الدولية في لاهاي هي أحد الأجهزة الرئيسية الستة التابعة للأمم المتحدة، وتساعد على تسوية النزاعات بين الدول، وفقاً للقانون الدولي.

وتُعد خطوة جنوب أفريقيا أحدث خطوة من جانبها في إطار رفضها للحرب الإسرائيلية بشدة، وفي إطار تكثيف الضغوط، بعد أن صوت مشرعوها الشهر الماضي لصالح إغلاق السفارة الإسرائيلية في بريتوريا، وتعليق جميع العلاقات الدبلوماسية إلى حين الاتفاق على وقف إطلاق النار.

وقالت حكومة جنوب أفريقيا في بيان صادر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون: إنها "قدمت الطلب ضد إسرائيل الجمعة".

وأضاف البيان: "لقد تقاعست إسرائيل، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على وجه الخصوص، عن منع الإبادة الجماعية وإجراء الملاحقات القضائية فيما يتعلق بالتحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية".

وتابعت الوزارة أنها طلبت من محكمة العدل الدولية أن تعلن "على وجه الاستعجال أن "إسرائيل" تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وأن عليها أن تتوقف فوراً عن جميع الأفعال والإجراءات التي تنتهك تلك الالتزامات، وأن تتخذ عدداً من الإجراءات ذات الصلة".

ونصّ الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا لفتح الإجراءات على ما يأتي: "إن الأعمال والانتهاكات التي ترتكبها "إسرائيل"، والتي تتقدم جنوب أفريقيا بشكوى حولها، إنما ترقى من حيث طبيعتها إلى جريمة الإبادة الجماعية، وذلك لأنها تستهدف إلحاق الدمار بجزء كبير من الجماعة الفلسطينية، قومياً وعرقياً. ولذلك فإن الإجراءات المؤقتة باتت ضرورية في هذه الحالة من أجل منع إلحاق المزيد من الضرر البالغ وغير القابل للإصلاح بحقوق الشعب الفلسطيني، وذلك بموجب معاهدة تحريم الإبادة الجماعية، والتي لم تزل "إسرائيل" تنتهكها دونما رقيباً ولا حسيب".

ووفقاً لتقرير أعدته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، فإن المادة التاسعة من معاهدة تحريم الإبادة الجماعية لأي دولة عضو فيها تجيز برفع قضية ضد أي دولة أخرى لدى محكمة العدل العليا، حتى وإن لم يكن لها أي ارتباط مباشر بالصراع المعني.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت، في وقت سابق، من قضاة محكمة العدل رأياً استشارياً بشأن الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.

"الخارجية الفلسطينية" ترحب وحماس تثمن الدعوى لمحاكمة"إسرائيل"…

بالمقابل، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالدعوة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" لارتكابها جريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وشددت الخارجية في بيان لها، على أن سلطة الاحتلال غير الشرعي، وتصريحات مسؤوليها وممارساتها وحربها التدميرية على شعبنا في قطاع غزة هي إبادة جماعية، كما أن تشبيه الشعب الفلسطيني "بالحيوانات البشرية وأطفال الظلام" تعكس نوايا قوات الاحتلال بارتكاب هذه الجريمة، بالإضافة إلى القطع الفعلي للماء، والغذاء، والكهرباء، ومنع دخول الدواء، والوقود، واستهداف البيوت، والمستشفيات وأماكن الإيواء، وتدمير محطات توليد الكهرباء وخزانات الماء بحيث من لم يمت بالقصف والدمار، يموت من الجوع والعطش.

وأشادت الخارجية بالخطوة، باعتبار جنوب أفريقيا وفلسطين أعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية للعام 1948، وشددت على ما قدمته جنوب أفريقيا استناداً للمادة التاسعة من الاتفاقية، وإلى انتهاك "إسرائيل" للمادة الثانية والثالثة، متسقاً تماماً مع واجبات الدول في منع ارتكاب هذه الجريمة.

وطالبت الخارجية، محكمة العدل الدولية سرعة الاستجابة إلى طلب الأصدقاء في جنوب أفريقيا للإجراءات المؤقتة وبشكل عاجل من أجل منع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، من خلال إصدار قرار بوقف العدوان، وإطلاق النار، والطلب من الدول المتواطئة في ارتكاب الجريمة ضد شعبنا أن تتوقف عن ذلك، وأن تطالب الدول جميعها بوقف إطلاق النار الفوري.

وأشارت الخارجية الفلسطينية، إلى أهمية تحمل الدول الأطراف مسؤولية منع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني استنادا إلى الاتفاقية وضرورة المعاقبة.وأكدت أن المساءلة والمحاسبة لـ "إسرائيل" واجبة استناداً لقواعد القانون الدولي.

من جهتها، أعربت حركة حماس عن تثمينها تقديم جنوب أفريقيا طلباً في محكمة العدل الدولية للبدء في إجراءات التحقيق مع "إسرائيل" حول ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

وقالت الحركة، في بيان، إن "تحرّك جنوب أفريقيا خطوة مهمّة لمحاسبة قادة الاحتلال، الذين ارتكبوا أبشع المجازر التي عرفتها البشرية في تاريخنا المعاصر".

ودعت كافة الدول لتقديم ملفات وطلبات مماثلة أمام المحاكم الجنائية المختصة، الوطنية والدولية، ضد "إسرائيل"، باعتبارها مهدداً للسلم والأمن الدوليين، ولضمان عدم إفلاتها من العقاب على ما ارتكبته من جرائم وحشية ضد الأطفال والمدنيين العزّل في قطاع غزة.

يذكر ان كيان الاحتلال هاجم دولة جنوب أفريقيا متهم إياها بدعم جماعة "إرهابية" (في إشارة إلى حركة حماس)، ووصفت قضية جنوب أفريقيا بـ"هجر الدم" وحثت محكمة العدل العليا على رفضها.

وقالت وزارة خارجية الاحتلال في بيان، رداً على رفع الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، إنها "لا تستند إلى أساس قانوني".وأضافت: "جنوب أفريقيا تتعاون مع جماعة إرهابية تدعو إلى تدمير "إسرائيل".

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد