أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريراً اليوم الاثنين 5 شباط/ فبراير، يروي قصصًا جديدة للمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، بما في ذلك النساء والأطفال، كتعرضهم لتعذيب قاس ومعاملة غير إنسانية، مثل التعرية والتحرش الجنسي أو التهديد به، وطالب المرصد بضرورة التحرك الدولي السريع لوقف الانتهاكات التي يرتكبها بها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في سياق مواصلته جريمة الإبادة الجماعية بحق أهالي القطاع منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن فرقه تلقت شهادات من مجموعة من المعتقلين المفرج عنهم خلال الأيام الماضية، بعد أن أمضوا مددًا مختلفة من الاعتقال تحدثوا فيها عن تعرضهم لممارسات قاسية تصل إلى حد التعذيب، شملت ضربهم بشكل وحشي وانتقامي وإطلاق الكلاب تجاههم، وشبحهم لساعات طويلة، وتعريتهم من ملابسهم بشكل تام، وحرمانهم من الطعام والذهاب لدورات المياه.
تحرش جنسي مباشر تعرضت له معتقلات من قطاع غزة
وقال المرصد الحقوقي: إن أخطر ما تلقاه من شهادات هو تعرض معتقلات لتحرش جنسي مباشر، موضّحاً أن عددًا من المعتقلات —رفضن الإفصاح عن هويتهن- أبلغن أن جنودًا إسرائيليين تحرشوا بهن، بما في ذلك وضع أيديهم على أعضاء خاصة، وإجبارهن على التعري وخلع الحجاب.
وأضاف الأورومتوسطي أن الجنود "الإسرائيليين" وجهوا كذلك تهديدات بالاغتصاب وهتك العرض لمعتقلات ومعتقلين وذويهم، في إطار عملية التعذيب والابتزاز لإجبارهم على الإدلاء بمعلومات عن آخرين.
شهادة 1
أفاد "م ن" (70 عامًا) (طلب عدم ذكر اسمه): "اعتقلوني من منزلي في حي الأمل غرب خان يونس، أبلغتهم أنني مريض ولا أستطيع التحرك، لكن لم يهتموا، أجبروني على خلع ملابسي، نقلوني إلى بيت مهدوم، شعرت أنني أُستخدم كدرع بشري، لاحقًا اعتقلوا المزيد ونقلونا برحلة عذاب قاسية إلى معتقل عبارة عن قفص من الحديد، مكثت 10 أيام داخل السجن".
وأضاف: "كل يوم كنا نتعرض للضرب والسب، لم نشرب الماء داخل السجن لمدة 4 أيام، كانوا يصبون المياه على الأرض أمامنا، حتى يعذبونا ونحن عطشى، طوال الوقت كنا جالسين على ركبنا، أكل قليل، والذهاب للحمام مرة واحدة، والشبح متكرر بالوقوع على السياج وربط الأيدي للأعلى".
شهادة 2
أما "خ ن"، أفاد: طلبوا منا النزوح فغادرت مع عائلتي غرب خان يونس، اعتقلوني على الحاجز وأجبروني على خلع ملابسي. تعرضت للضرب الشديد، كنا نتغطى ببطانيات ممتلئة بالمياه، عشنا برداً غير طبيعي ولم نشرب الماء قط".
وتابع: "الجيش نقلنا إلى مكان آخر، تعرضنا لتعذيب مختلف، كل مكان فيه عملية تعذيب مختلفة عن الأخرى، كان الضابط يضربني على رأسي، وعندما أشكو، يضربني أكثر، ولم أستطع النوم من البرد".
وقال "م و": "اعتقلوني من بيت لاهيا، وأجبروني على خلع ملابسي تمامًا، احتجزوني في العراء مع ضرب شديد، عبثوا بأيديهم في جسمي، تعرضت للضرب الشديد بالبساطير وأعقاب البنادق، وعلقوني من رجلي بالسقف، كنت أتعرض للشبح على مدار ك 4-6 ساعات [يوميًّا]"
وأضاف: هددوا باغتصاب عائلتي، وطلبوا معلومات لا أعلمها. كانوا يجبروننا على شتم فصائل وشخصيات معينة، وأن نهتف "لإسرائيل"، ونقول عن الكلب الذي يسمح له بنهشنا أنه "تاج راسنا"
شهادة 3
وأفادت "غ": اعتقلوني على الحاجز على طريق صلاح الدين خلال نزوحي. طلبوا مني التوجه نحو ساتر رملي، هناك وضعوا عٌصبةً على عيني، وفتشوني بأيديهم، وسألوني عن حماس والأنفاق، ثم نقلوني إلى مكان مفتوح، ثم أخذوني إلى معتقل، أجبروني على خلع ملابسي، كان هناك جنود ينظرون ويعلقون تعليقات خادشة، أعطوني ترنج [ملابس منزلية] فقط دون ملابس داخلية لألبسها.
وأضافت: "في المعتقل خضعت لعدة مرات للتحقيق، في كل مرة كان قبلها يتم تعريتي من مجندات يضعن أيديهن ويتحرشن بي، والجنود كانوا ينظرون أحياناً ويعلقون، وكان هناك شتائم قاسية لا أستطيع قولها، وتهديد بهتك العرض".
وفي شهاداتٍ أخرى لمعتقلين لوسائل إعلام، ظهرت عليهم أشكال التعذيب اللاإنساني واختراق الأصفدة لحمهم الحيّ، وحرمانهم من الغذاء والماء، بالإضافة إلى تعرضهم لتعذيب نفسي من خلال سكب الماء أمام أعينهم على الأرض دون السماح لهم بشربها، وعدم السماح لهم بدخول الحمام، وعبر أحدهم أنه اضطر إلى التبول على نفسه، ويقول آخر: إنه تم رميهم مكبلين الأيدي والقدمين على حجارة تسمى "بالحصمى"، وعبر آخر أنه كان يتم تعذيبهم بغرض التعذيب ولم يتم سؤاله أي سؤال خلال فترة اعتقاله، وفي شهادة لسيدة ذكرت أنه تم إجبارها على خلع حجابها أمام الجنود، وتحدث آخر وهو منهار نفسيًا وجسديًا وهو يبكي بأنهم طلبوا منه تكسير الجدران والأبواب، وتم ربطه بالأصفاد وضربه بشكل مبرح بالأسلحة والقضبان الحديدية.
"غوانتنامو" جديد بين بئر السبع وغزة
وقال الأورومتوسطي: إن ما نشرته وسائل إعلام "إسرائيلية" من تقرير عن المعتقل الذي يُحتجز فيه الفلسطينيون من قطاع غزة، يؤشر على اعترافها بالتعذيب الممنهج واستهتارها بمواثيق حقوق الإنسان التي تجرم التعذيب.
وأشار إلى أنه ظهر في هذا التقرير معتقلون وهم مقيدون ومجبرون على الجلوس على الأرض في وضع مهين وسط قفص حديدي يشبه الأقفاص التي تحتجز بها الحيوانات، في تماهٍ مع ما سبق أن أعلنه وزير الحرب "الإسرائيلي" بأنه يجري التعامل مع الفلسطينيين في غزة كـ "حيوانات بشرية".
وأضاف المرصد الحقوقي: إن القوات "الإسرائيلية" تواصل إخفاء المعتقلين قسرًا وتعريضهم للتعذيب والعنف الوحشي من لحظة الاعتقال حتى لحظة الإفراج التي تتم لبعضهم.
وأكد أن بعض المعتقلين تعرضوا لمساومات وعمليات ابتزاز من أجل التعاون مع الجيش والشاباك "الإسرائيلي" مقابل التخفيف من تعذيبهم أو الحصول على بعض ما أسميت الامتيازات والإفراج عنهم.
وأشار إلى أنه لا يوجد عدد دقيق لأعداد المعتقلين من غزة، في حين أعلن الجيش "الإسرائيلي" مؤخرًا أن عدد المعتقلين يبلغ 2300 معتقلًا، بينما تشير تقديرات أن عدد المعتقلين من واقع شهادات المفرج عنهم أكبر من ذلك بكثير وهو يصل إلى عدة آلاف.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن معسكر "سديه تيمان"، الذي يديره الجيش "الإسرائيلي"، ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا ويُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة، تحول إلى سجن "غوانتنامو" جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين، وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج.
وذكّر المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات سابقة عن وفاة اثنين من المعتقلين داخل معسكر "سديه تيمان"، أحدهما مبتور القدم، ولم تعلن "إسرائيل رسميًّا" -حتى وقت نشر البيان- عن وفاتهما.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كيان الاحتلال "الإسرائيلي" بالكشف الفوري عن مصير المعتقلين المخفيين قسرياً، بما في ذلك الإفصاح عن أسمائهم وأماكن وجودهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه سلامتهم والوقف الفوري لعمليات التعذيب وسوء المعاملة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وظروف احتجازهم.
وحث المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب في الأورومتوسطي والفريق العامل في حالات الاحتجاز التعسفي بإجراء تحقيق فوري ومحايد في ظروف استشهاد جميع المعتقلين الذين ارتقوا في السجون "الإسرائيلية" منذ بدء "إسرائيل" حربها على قطاع غزة، واتخاذ الخطوات المناسبة لمحاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا.
جندي "إسرائيلي" يتفاخر بالاستقواء على مدني فلسطيني مصاب وأعزل
وفي السياق نشر جندي "إسرائيلي" يدعى "يوسي غامزو" مقطع فيديو عبر حساباته على منصات التواصل يُظهر اعتقال رجل من أهالي حي الرمال في غزة، وتضمن الفيديو اقتياد الرجل الفلسطيني وهو مكبل اليدين، وتم خلع ملابسه، كما أظهر المقطع الرجل وهو يجلس على كرسي في مبنى في مدينة غزة، وقد قيّدت يديه إلى الخلف والدم يسيل من رجله وهو في حالةً يرثى لها ما يؤكد تعرضه للتعذيب.
وانتشرت صورة المعتقل الفلسطيني، بشكل واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، محدثةً حالة كبيرة من الصدمة والغضب.
ورأى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصورة تفضح جرائم الإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بحق أهالي قطاع غزة، وبأنها دليل ملموس على أن هذه الاعتداءات الوحشية ضد المعتقلين والمعتقلات الفلسطينيين والاعتداء على كرامتهم وتعمد إلحاق الألم والمعاناة الشديدة لديهم على هذا النحو، ما يصل إلى حد ارتكابها لجريمة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وهي جرائم قائمة بحد ذاتها، وتقع ضمن نطاق جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ودعت حركة حماس المؤسسات الحقوقية والأممية إلى متابعة الشهادات المروّعة، التي رواها معتقلون فلسطينيون من قطاع غزة، أُفرج عنهم مؤخراً، والتي تقع تحت إطار جرائم التعذيب الجسدي والنفسي، والانتهاكات التي تعرّضوا لها في سجون الاحتلال الذي يَعمَد إلى تعتيم كامل عن أماكن احتجازهم وأعدادهم، وظروف اعتقالهم.