قبل نحو شهر انسحب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من مناطق في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة مخلفاً دماراً مروعاً وآثار جرائم لا تزال ملامحها في المكان، بعد أن اختفت جميع ملامح الحياة فيه، وتحول معظم السكان الذين بقوا في المنطقة إلى نازحين مع تدمير المنازل.
وأظهر مقطع مصور وصل لبوابة اللاجئين الفلسطينيين اليوم الثلاثاء حجم الدمار والخراب الهائل في مشروع بيت لاهيا جراء حصار مناطق شمالي قطاع غزة لأسابيع والاجتياح البري الذي طالها مترافقاً مع قصف مدفعي وجوي.
لم يبق من ملامح المكان شيء
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) February 6, 2024
حجم دمار هائل ومروع في مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من المنطقة#غزة_تحت_القصف #غزة_تُباد #Gaza #GazaGenocide pic.twitter.com/usRzKx15qE
مقبرة جماعية داخل مدرسة
وفي وقت سابق، كشف نازحون عادوا إلى مدرسة حمد في بيت لاهيا عن مقبرة جماعية لجثامين عشرات الفلسطينيين، كان قد دفنهم جيش الاحتلال تحت كومة من الرمال في باحة المدرسة.
ووصف أبو العبد ايمو وهو من إدارة المدرسة المشهد الذي وجدوه بالفظيع الذي يصعب وصفه والذي يدل على جرائم لا إنسانية ارتكبها جنود الاحتلال "الإسرائيلي" في المكان.
وقال ايمو لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "الأمر جداً صعب وغير قادر على الحديث عن الموقف الذي حصل، صرنا نُخرج الجثث بتمهل بأيادينا حتى لا تمزقها الجرافة أكثر مما هي ممزقة حاولنا التعرف على بعض الجثث وجدنا جثثاً متحللة، كان منظراً رهيباً جداً يدل على جرائم هذا الاحتلال المغتصب جرائم لا إنسانية نهائياً"
وأضاف: أنهم وجدوا جثثاً معبأة بأكياس سوداء وجثثاً مكبلة ومقيدة الأيدي والأرجل، مشيراً إلى أن سؤالاً لم يجد النازحون الذين عادوا إلى المدرسة بعد إخراجهم منها قسراً لنحو 25 يوماً ظل بلا إجابة، هو من هم أصحاب هذه الجثامين، وكيف استشهدوا؟
في مدرسة قريبة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عاد إليها مئات النازحين روت سيدتان قررتا الصمود في مناطق الشمال وعدم الاستجابة لأوامر الاحتلال بالنزوح جنوباً جوانب من قساوة الأوضاع التي يكابدها النازحون في هذا المكان الذي لا تصل له أي مساعدات غذائية وطبية ولا وقود ولا مياه بفعل الجرائم "الإسرائيلية" التي يعجز المجتمع الدولي عن كبحها منذ أكثر من 123 يوماً.
وعبرت إحدى السيدات عن تمسكها بالبقاء في مكان وجودها شمالي قطاع غزة، رغم بشاعة الجرائم "الإسرائيلية" وقالت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أحب الحياة أنا فلسطينية من قطاع غزة أينما وجدت سأعمَر حتى لو كنت نازحة في مدرسة"، مضيفة: إن الناس هنا يحاولون العيش بأي إنجازات يمكن تحقيقها، رغم صعوبة الأوضاع وانعدام كافة مقومات الحياة، وممارسات جيش الاحتلال.
ويحاول النازحون في شمال القطاع، اجتراح وسائل للعيش والبقاء، رغم تركهم لوحدهم من قبل المنظمات الإغاثية والدولية وعلى رأسها وكالة "أونروا" ومنع الاحتلال دخول قوافل المساعدات إلى الشمال، وهجماته المتكررة على مراكز الإيواء، وتدمير بناها التحتية وجعلها غير قابلة للعيش فيها.
تروي السيدة الفلسطينية كيف داهم جيش الاحتلال المدرسة خلال اقتحامه المستشفى الإندونيسي القريب قبل أسابيع، حيث أمروا عبر مكبرات الصوت الأهالي بالمغادرة، وقنصوا عدداً من الشبّان ما أدى إلى استشهادهم، فتفرق النازحون كلّ في جهة، وبعضهم قصد مدارس أخرى.
تتابع: حين انسحب الاحتلال، بعد نحو 20 يوماً، عاد الأهالي الى المدرسة، ليجدوا أجزاء منها مدمّرة، وعمد الاحتلال على إتلاف كميات الطعام القليلة المتوفرة، ورمي مياه الشرب، وتدمير الشبابيك والأبواب وتدمير الأثاث الذي كان في الغرف الصفيّة.
نحيا بأقل السبل الممكنة
إلا أن هذا لم يمنع النازحين من ترميم ما يمكن ترميمه، فشرعوا بتنسيق أوضاعهم وتنظيف المبنى وتجهيزه من جديد.
وأشارت السيّدة إلى أنها جهزت إحدى الغرف الصفية لتكون شبه المنزل، حيث قسمتها إلى 4 اقسام، وجعلت فيها غرفتين للنوم واحدة لها وأخرى لأبنائها، إضافة إلى مطبخ وغرفة معيشة، وقالت:" أنا فلسطينية من قطاع غزة، مابدي أطلع على بلد ثاني، وحابين نعيش بأي السبل وأي إنجازات."
وقالت سيدة أخرى: إنّ الأهالي يعيشون حالة من الخوف في المدرسة، حيث يقنص جيش الاحتلال كل من يخرج إلى محيطها، في حين أنّ النازحين يعانون من الأمراض والأوبئة المنتشرة جراء نقص المياه وغياب الإغاثة والخدمات.
وانتقدت غياب وكالة "أونروا" في مناطق شمال القطاع، حيث يعاني النازحون وخصوصاً كبار السنّ، من فقدان أدوية الأمراض المزمنة كأدوية الضغط والسكري، فضلاً عن انتشار الأمراض مثل الانفلونزا والإسهال والالتهابات وسواها، ما يهدد بأوبئة وشيكة.
"أنا فلسطينية من قطاع غزة وين ما بدي أروح بدي أعمّر وما بدي أنزح" .. "والله بيكفي حرام يلي عم يصير فينا"
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) February 6, 2024
سيدتان في بيت لاهيا لم تنزحا إلى جنوبي قطاع #غزة قررتا الصمود في الشمال ترويان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين الظروف القاسية التي يكابدها الفلسطينيون هناك pic.twitter.com/2Jd9fCEfpY
تجدر الإشارة، إلى انّ العديد من المنظمات الدولية وعلى رأسها وكالة "أونروا" أكدت أن الفلسطينيين في شمالي قطاع غزة على شفا مجاعة قريبة، نظراً لكون ما تقدمه البعثات الأممية من دعم إغاثي، لا يلبي الاحتياجات حتّى ضمن حدها الأدنى، في ظل تصاعد الرفض "الإسرائيلي" لإدخال البعثات الإغاثية الى قطاع غزة، منذ بداية العام الجاري.
و بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الاممي " أوتشا" فإن جيش الاحتلال يمنع 3 من أصل 4 بعثات من دخول مناطق شمال القطاع، بمعدل شهري، وسجل في كانون الثاني/ يناير الفائت، منع الاحتلال دخول 22 بعث من أصل 29 مخصصة لمناطق الشمال،
وكانت وكالة "أونروا" قد حذرت في أكثر من مناسبة، من تداعيات الجوع على أكثر من 750 ألف انسان في شمالي قطاع غزة، ودعت إلى زيادة المساعدات بشكل كبير، لتدارك خطر المجاعة المتزايد على مئات الآلاف.