يتردى الوضع المعيشي والاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في سوريا عاماً بعد عام، على خلفية الانهيار الاقتصادي في البلاد وهبوط قيمة العملة السورية المتواصل، وقرارات زيادة الرواتب التي تتخذها حكومة النظام السوري وما يتبعها من ارتفاعات جنونية في الأسعار، وازدياد معدلات التضخم، في وقت تحافظ فيه مداخيل اللاجئين الفلسطينيين الشهرية على معدلاتها.
وتتعمق مظاهر الفقر، ليكشف شهر رمضان بشكل واضح عن مظاهر الفقر، لا سيما في مخيمات ترتفع فيها نسبة الفقر عادة كمخيم درعا للاجئين جنوبي سوريا، والذي يعتبر من أفقر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين في درعا، رصد مظاهر هذا الفقر، كما عكستها الأجواء الرمضانية، والتي وصفها بالأسوأ مقارنة بالأعوام السابقة من حيث قدرة الناس الشرائية، وتوفير مستلزمات الغذاء، وانتظار معونات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أو أيّة جهة تقدم مساعدات غذائية، والتي صارت الرافد لوحيد لسد الجوع لدى معظم العائلات، حسبما أشار مراسلنا.
ويعكس الإقبال الخجول على الأسواق والمحال التجارية المتنوعة في رمضان، أوضاع الناس المعيشية وتدني قدرتهم الشرائية، نظراً لاختلاف العادات الغذائية في رمضان عن سواه، من حيث تنويع الأصناف على وجبات السحور والفطور، إلّا أنّ ذلك بات شبه معدوم في المخيم، حيث كانت حركة التسوق عادية على عكس ما تكون عليه عادة في رمضان.
تأخر معونات (أونروا) جعل الوضع أكثر سوءاً
ونقل مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين عن "أبو خالد" أحد سكان المخيم قوله: إنّ رمضان هذا العام كان أصعب مما كان عليه في السنوات السابقة، بسبب تأخر معونات وكالة "أونروا" المالية لهذا العام، في وقت كانت فيه في السابق شبه منتظمة، ويستفيد منها اللاجئون قبيل رمضان لتوفير بعض الحاجيات وسداد ديون متراكمة.
وأشار إلى أنّ الفقر وتأخر معونات "أونروا" غيّب عن منازل اللاجئين أي مظهر متميز لأيام رمضان، وجعلها كالأيام العادية من ناحية الروتين الغذائي، مع فارق وجود الصيام.
ويعتمد الأهالي معيشاً على معونات وكالة "أونروا" بشكل كبير، نظراً لتوفيرها مورداً كان يعتبر مضموناً في السابق، يوفر للأهالي شراء حاجياتهم من الدكاكين بالدين مع ضمان سداده عند صرف المعونة، إلّا أنّ تأخرها جعل الأوضاع أكثر سوءاً، إضافة إلى توقيف "أونروا" توزيع الطرود الغذائية التي كانت تحتوي مواد أساسية للمطبخ.
ولعل نشاط أو توسع الأسواق التجارية في المخيم، لم يعد يعني الأهالي كثيراً، بعد سنوات الحرب والتدمير وغياب مظاهر الحياة عن مخيمهم، طالما قدرتهم الشرائية لا تغطي احتياجاتهم، فصارت الأنشطة الإغاثية وأخبارها أهم بالنسبة للأهالي من أي شيء آخر، حيث شكلت الطرود الغذائية المقدمة من وكالة "أونروا" أو الهلال الأحمر السوري رافداً معيشياً رئيسياً للعديد من الأسر لفترة طويلة.
مع تأخر مساعدات (أونروا) نعيش على الصدقات والتبرعات من الجيران وفاعلي الخير
ونقل مراسلنا عن "أم خليل" وهي لاجئة فلسطينية أرملة تعيش مع حفيدتها، أنّ اعتمادها الأساسي في المعيشة، على ما توزعه جمعية الهلال الأحمر السوري على العائلات المسجلة لديها، من بينها عشرات الأسر الفلسطينية في المخيم التي يطالها التوزيع بين فترة وأخرى.
وتقول "أم خليل": إنه حين ينقطع توزيع الطرود الإغاثية، يصبح حالها وحال اسرتها في وضع يرثى له، لأنّ ذلك يرتب مصاريف كثيرة لتوفير الحاجات الأساسية كالأرز والسكر والزيت وسواها، في حين أنها لا تمتلك دخلاً مالياً، سوى معونة "أونروا" التي صارت تتأخر كثيراً وتزيد الأوضاع المعيشية صعوبة.
أما "أم قاسم" وتنتمي إلى الشريحة الأكثر عوزاً في المخيم وتعيش مع أخويها من ذوي الاحتياجات الخاصّة وتقوم بإعالتهما، فتقول: إن حاجيات ومستلزمات رمضان لهذا العام غير متوفرة، لعدم توفر القدرة المالية بشكل كامل، فمنزلهم لا يدخله مرتب شهري لأحد من سكانه.
تأخر معونات وكالة "أونروا" المالية قبل رمضان، جعل الطلب على الصدقات والتبرعات أكبر، وتقول "أم قاسم" نحن "نعيش على صدقات وتبرعات الجيران وفاعلي الخير في المنطقة فلولاهم نكاد نموت من الجوع."
وأضافت:" كنا نستفيد كغيرنا من الأهالي من المساعدات المالية والغذائية بشكل عام، ومع انقطاعها لم يعد لدينا أي مواد غذائية في المنزل فأصبحنا نشتري الطعام والخضار كل يوم بيومه فليس لدينا القدرة المالية على الشراء وكل عام يضيق بنا الحال أكثر فأكثر، ونطلب من الله أن يرحمنا جمعياً ونقول لميسوري الحال والمغتربين: أنقذوا الفقراء والمساكين فالأوضاع لم تعد تطاق".
ويناشد أهالي مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين وكالة "أونروا" والمنظمات الإنسانية والدولية مساعدة الأهالي بإعادة مساعدات وكالة "أونروا" المالية والغذائية، في ظل نسب فقر تجاوزت 90% بين أهالي المخيم، حسبما أشار مراسلنا.