لا أجواء رمضانية معتادة هذا العام بين الفلسطينيين في أوروبا، فالحزن على ما يحل بقطاع غزة من إبادة جماعية متواصلة منذ نحو 6 أشهر، غيب ذلك، فيما كان حافزاً لآخرين لدعم التمور والاقتصاد الفلسطيني وتعزيز مقاطعة جميع الشركات الداعمة للاحتلال "الإسرائيلي".
السيدة أريج القادري من مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية دمشق، هاجرت إلى العاصمة الألمانية برلين جراء الحرب تؤكد أنه أساساً أجواء شهر رمضان في الحالة العادية غائبة جزئياً، من حيث ما اعتاد عليه اللاجئون الفلسطينيون سابقاً في المخيم، كالزينة وإضاءة الشوارع المستلهمة من الطقوس الإسلامية بأضواء الهلال والفانوس.
لم نوجه دعوات الإفطار لبعضنا كما اعتدنا في السنوات السابقة
وتقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إن الأجواء القليلة التي سعوا إلى إيجادها خلال السنوات السابقة من تهجيرهم الثاني، غابت كلياً هذه السنة بسبب الحزن على شهداء قطاع غزة، "فما نشاهده ونشعر به يجعلنا مكتوفي الأيدي ويبعدنا عن مشاعر الفرح بمرور الشهر الفضيل".
تضيف: "لدينا أصدقاء وأهل في مناطق قريبة نسيباً في ألمانيا، ونلتقي بين فترة وأخرى خاصة على الإفطار في رمضان، إلا أننا هذا العام، لم نوجه لأحد دعوة لتناول الإفطار، على عكس ما اعتدنا عليه في السنوات السابقة".
تذكر القادري أن الكثير من الجمعيات والتجمعات العربية والإسلامية ألغت الإفطارات الجماعية التي كانت تقيمها في السنوات الماضية، بهدف خلق أجواء التعارف والتقارب في رمضان.
الطقوس الرمضانية في يوتوبوري تحولت عند البعض إلى المشاركة في المظاهرات وحضور إفطارات يعود ريعها لدعم غزة
أما الشاب خالد لبد البالغ من العمر 23 عاماً والمقيم في مدينة "يوتوبوري" السويدية، يقول لموقعنا: إن "تفكيري وعقلي وقلبي عند أهلي وأصدقائي وأبناء القطاع الحبيب، فلا توجد إمكانية لتواصل دائم للاطمئنان عنهم، وإنما بحسب توفر "لإنترنت، أي رمضان وأي أجواء هذه".
يضيف: أنه قبل الحرب المدمرة على غزة، كانت الأجواء الرمضانية في أوروبا منقوصة، فلا صوت للآذان يُسمع، لذا هو يذهب لتناول الإفطار في المساجد أو عند بعض الأصدقاء في كثير من الأحيان، ليشغل نفسي بعض الوقت، ثم يعود فوراً إلى هاتفه لمتابعة أخبار غزة.
وأفاد لبد أنه اعتاد على الاستراحة في المنزل والالتزام بالعبادة، وقراءة القرآن، إلا أن رمضان هذا العام دفع الكثيرين إلى الذهاب للمظاهرات والاعتصامات التضامنية مع القطاع والتي تجري في "يوتوبوري" والمدن القريبة منها وإلى الإفطارات التي يعود ريعها لأهالي غزة.
وفي النمسا يتمنى عماد ساخراً أن يعود النقاش والخلاف كما السابق حول ظهور هلال رمضان والخلاف على أوقات الإفطار، دون يستشهد طفل أو امرأة أو أي إنسان من أبناء قطاع غزة فيما "العرب والمسلمون يتفرجون" على حد تعبيره.
يؤكد أن رمضان هذا العام دفع الكثيرين إلى الالتزام بمقاطعة بضائع المنتجات الداعمة للاحتلال، وبات البحث أكثر عن زيت الزيتون والزعتر وتمور مجهول التي تشتهر بها فلسطين لشرائها.
ولفت عماد إلى أن زينة رمضان لا تزال حاضرة في المنازل من أجل إشعار الأطفال بقدوم شهر الصيام، أما بالنسبة للكبار فللأسف ليس لديهم البهجة التي اعتادوا عليها، بسبب حرب الإبادة في قطاع غزة، وبدء تفشي المجاعة هناك.
واعتبر أن الإفطارات الجماعية، التي تقيمها المؤسسات العربية والخيرية بالنمسا كانت تمثل متنفساً للمسلمين للالتقاء والتعارف، أما هذا العام فتحولت إلى جمع للتبرعات للمطابخ الخيرية والجماعية المنتشرة في القطاع.
بدوره دعا رئيس مبادرة مسلمي النمسا طرفة بغجاتي على مواقع التواصل الاجتماعي في شهر رمضان إلى وجوب دعم الاقتصاد الفلسطيني، خاصة المنتجات المتوفرة في النمسا مثل التمور الفلسطينية، حتى لو كان سعرها أغلى.
كما حذر بغجاتي من حملات تدعو إلى مقاطعة التمر الفلسطيني بدعوى أنه "إسرائيلي"، من خلال تصديق الشائعات وتوزيع الاتهامات، دون التأكد والتمحيص وتقصي الحقائق، فهناك منتجات مؤكدة أنها فلسطينية خالصة وتنتج بأياد فلسطينية ولا علاقة للاحتلال بها.