تحول شارع المدارس في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان اليوم الإثنين 13 أيار/مايو 2024، إلى معرض وطني تراثي، حيث أقيم فيه معسكر النكبة السابع عشر بتنظيم من النادي الثقافي الفلسطيني العربي ومؤسسات أخرى تحت عنوان "غزة العزة والصمود" إحياء للذكرى السادسة والسبعين للنكبة الفلسطينية والتي يتزامن مرورها مع استمر حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي.
وضم المعرض عدداً من الزوايا الفنية والثقافية والتراثيات المتنوعة، بدءاً من التطريز الفلسطيني وصولاً إلى الأطعمة والحلويات المعروفة في تراث المأكولات الفلسطينية، بالإضافة إلى صور المدن فلسطينية ولوحات تحاكي معاناة اللجوء والنكبة، وحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة، والتي تشكل نكبة أخرى في سجل تاريخ الفلسطينيين الحافل بالنكبات.
ويهدف المعسكر بفعاليته المتنوعة إلى تعزيز الهوية الفلسطينية وترسيخها لدى الأجيال الفلسطينية الحديثة، وحث الجيل الصاعد في المخيم على التفاعل مع التراث "كي تبقى القضية الفلسطينية حاضرة في قلوبهم" بحسب منسقي المعسكر.
عضو النادي الثقافي الفلسطيني العربي ريهام سليمان، تحدثت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن أهمية هذا المعسكر في تعريف الطلاب والأجيال الصغيرة على التراث الفلسطيني وتاريخ وأحداث النكبة، وأكدت على ضرورة استمرار إحياء هذه الذكرى لترسيخها في عقول الشباب.
وأوضح عضو النادي الثقافي الفلسطيني العربي إبراهيم إبراهيم أن هذا المعرض الذي يشكل جزءاً أساسياً من المعسكر في كل عام، يلخص تفاصيل النكبة في رموز، وأن هذه الرموز من المهم أن تبقى حاضرة في ذاكرة من لم يعايشوا النكبة أو يروا فلسطين، ومن ناحية أخرى فإن عرض هذه اللوحات والرموز والمأكولات والتراثيات هو أحد أشكال التعبير عن تمسك اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات بكل مكنونات قضيتهم، بدءاً من الأرض وحق العودة إليها وحتى العادات والتراث بكل تفاصيله.
عادة ما تقيم المؤسسات الفلسطينية في مخيمات اللاجئين معارض ومعسكرات كهذه، فهي بالنسبة إليهم أحد أشكال التعبير عن الانتماء والتمسك بالهوية في ظل تردي الوضع السياسي الفلسطيني والعربي في العقود الأخيرة، ولعل اللاجئين الفلسطينيين يجدون في المشاركة بهكذا فعاليات متنفساً لهم وسط حالة تهميش سياسي تعرضوا لها منذ إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982، وتوقف العمل النضالي المباشر في مواجهة الاحتلال، بعدما ظلت المخيمات الفلسطينية لسنين نقطة انطلاق له وانخرط فيه جيل كامل من اللاجئين الفلسطينيين.
لذا هم مع كل حدث في فلسطين، يكثفون من هذه النشاطات الوطنية التي تؤتي أكلها في تعزيز حس الانتماء لدى أجيال لم تشهد النكبة ولا العمل الفدائي الذي انطلق من لبنان والأردن لسنين بعدها، بل تتابع ما يجري من جرائم "إسرائيلية" في فلسطين وسط صرخات من قبلها تتجسد بالمظاهرات والفعاليات الوطنية.
في هذا السياق، يقول مسؤول اللجنة التربوية في اللجنة الشعبية بمخيم البداوي وائل زيد: إن "ذكرى النكبة السادسة والسبعين تمر ونحن نشهد معركة طوفان الأقصى الذي يبدي فيه أهلنا في قطاع غزة كل الثبات والصمود في وجه الظلم والعدوان من العدو الصهيوني وكل الذين تآمروا عليه".
فيما تشير اللاجئة أم نادر شامية، التي تشارك في المعرض وهي تحيك مشغولات تراثية فلسطينية، إلى أهمية المحافظة على هذا التراث، وتعبر عن قلقها من "النكبة الأكبر التي يعيشها الشعب الفلسطيني حالياً في قطاع غزة".
أما اللاجئة الفلسطينية ديانا كايد فتعلق على مشاركتها في معسكر النكبة بالقول: إنها للتأكيد على أن "المرأة الفلسطينية مناضلة وقادرة على فعل المستحيل".
وأمام لوحة كبيرة عرضت فيها صور وأسماء شهداء من فلسطين تعلق عضو مؤسسة بيت أطفال الصمود في المخيم سونيا عيسى على أهمية تذكر الشهداء والجرحى في هذه الذكرى المؤثرة والمفصلية والتي رسمت تاريخاً مرّاً للشعب الفلسطيني طيلة أكثر من سبعة عقود.
يذكر، أنّ النادي الثقافي الفلسطيني العربي في مخيم البداوي، يواظب على إحياء ذكرى النكبة للعام الـ 17 على التوالي منذ تأسيسه عام 1993، على يد مجموعة من ناشطين في المخيمات والجامعات، وهو من الهيئات الناشطة والعاملة في المخيمات الفلسطينية.Top of Form
وانطلق النادي بهدف تعزيز الحضور الفلسطيني على الصعيد الجامعي بشكل خاص، وعلى صعيد العمل الطلابي الثقافي في المخيمات بعد الركود الذي أصاب العمل التنظيمي الفلسطيني في الشتات عقب اتفاقية "أوسلو" عام 1993، ويسعى إلى ترسيخ الوعي الوطني عند الجيل الشاب، وزيادة الوعي بتاريخ القضية من خلال إعطاء دروس حول تاريخ وجغرافية فلسطين، وسواها من الأنشطة.