فيما يحيي اللاجئون الفلسطينيون في الأردن الذكرى السادسة والسبعين للنكبة الفلسطينية في أيار/ مايو يشهدون حدوث نكبة أخرى تحل بأهالي قطاع غزة جراء حرب الإبادة "الإسرائيلية" المستمرة عليه منذ سبعة أشهر، والجرائم المرتكبة بالفلسطينيين هناك ونسف منازلهم فوق رؤوسهم وقصف مراكز الإيواء ومشاهد التهجير بما فيها من تفاصيل قاسية ومؤلمة.
الجرح النازف في غزة يضاف إلى جروح اللاجئين الفلسطينيين التي لم تندمل
يقول الكاتب الفلسطيني وائل ملالحة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه "في الوقت الذي يتمسك به كافة اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة، وتمر القضية الفلسطينية بمراحل مفصلية من بعد اتفاقية أوسلو، يأتي السابع من أكتوبر، ليبين لنا نية الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول أن يهجروا أبناء قطاع غزة إلى مدينة سيناء، بهدف خلق مزيد من اللاجئين في الوقت الذي يتمسك به اللاجئون القدامى بحق العودة وينتظروا تطبيق هذا الحق بفارغ الصبر".
يرى ملالحة أن الإصرار "الإسرائيلي" المدعوم دولياً بتوليد مزيد من اللاجئين الفلسطينيين يسبب قلقاً كبير عند اللاجئين الفلسطينيين، خاصة "أن هذا العالم لا يريد حلاً لقضيتهم، بل على العكس يأتي وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ويضغط على الحكومة المصرية لاستقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة"
يضيف ملالحة: إن الاحتلال "الإسرائيلي" يتبع سياسة التهجير القسري من خلال استهدافه كل مقومات الحياة والبنية التحتية، مشيراً إلى أن الهدف "الإسرائيلي" هو عدم ترك خيار أمام الناس سوى الهجرة، عبر مزيد من إحكام إغلاق المعابر وعدم إدخال الإمدادات الغذائية والطبية والوقود لمد القطاع بقليل من سبل الحياة.
يصف ذكرى النكبة لهذه السنة بأنه جرح وضع عليه ملح وفتحت فيه جروح جديدة بالنسبة للاجئين إلى المخيمات الفلسطينية في الأردن، الذين يخرجون في مسيرات شبه يومية من أجل قطاع غزة، ويقول: إن الجرح النازف في القطاع المحاصر يضاف إلى جروحهم الموجودة في الأساس جراء اللجوء المستمر منذ 76 وازادادت ملامحه قسوة مع تقلصات خدمات ومساعدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وسياساتها التي ازدادت خطورة بعدما اتضح استهدافها مباشرة من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" ما سبب قلقاً لدى اللاجئين الفلسطينيين بتوقف عملها وخدماتها.
التحرير والعودة.. أمل الفلسطينيين المتجدد
الناشط السياسي محمد البهبهاني يقول:" إنه في كل عام يتم إحياء ذكرى النكبة في كافة مخيمات اللاجئين في الأردن أملأ في العودة القريبة إلى الوطن، لكن العدوان على غزة المستمر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر غيّر من مشاعر اللاجئين، "لم يعد أحد يفكر سوى بالحدث اليومي في قطاع غزة، وكيف سينتهى هذا العدوان" موضحاً أنه في المخيمات سيتم إلغاء معظم الفعاليات المصاحبة لهذه الذكرى فالعدوان على غزة هو المسيطر على مشاعرهم وتفكيرهم في رسالة منهم بأن "النكبة تولد نكبات متتالية".
وعلى الرغم من ذلك يرى البهبهاني أن عملية طوفان الأقصى ولدت أملاً جديداً لدى اللاجئين الفلسطينيين بأن العودة "من الممكن أن تتحق قريباً، فبعد السابع من أكتوبر شعرنا أن ضربة قاسية وجهت لكيان الاحتلال".
يأمل البهباني أن تكون نهاية هذه المعركة المستمرة والأثمان الباهظة التي دفعها الفلسطينيون هو تحقيق التحرير من الاحتلال وعودة اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أن "هذا الحل الوحيد الذي لا يرضى الفلسطينيون بغيره".
أما الناشطة المجتمعية ناديا إسماعيل فتؤكد أنهم في الأردن ينتفضون ألمًا ووجعا نتيجة المجازر التي تحدث في قطاع غزة، سواء كانوا يقطنوا في المخيمات أو خارجها، مشيرة إلى أنهم يشعروان بالظلم والوجع والخذلان مع هذه الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء القطاع.
تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "خلال الحرب الإبادة على قطاع غزة لم نكن منقسمين في الأردن، سواء كنا لاجئين أو أردنيين فمناطق المخيمات وكافة محافظات الأردن تشجب وتستنكر ما يشهده القطاع، والمظاهرات في كل أنحاء البلاد متواصلة منذ سبعة أشهر للمطالبة بوقف هذا العدوان"
تضيف: "نطمح ونأمل أن تكون العودة إلى الأراضي الفلسطينية قريبة، رغم ما يحدث من مجازر وأن يكون النصر قريباً".
شعور عام بـ "الخذلان العربي"
من جهته يقول الناشط السياسي ركان محمود أن هناك شعوراً عاماً لدى أبناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن جراء ما وصفه بـ "الخذلان العربي"، بما يخص قضية اللاجئين الفلسطينيين خاصة و"أن هناك مجموعة من الأحداث الكبرى حصلت في الدول العربية المستضيفة للاجئين الفلسطينيين من شأنها أن تصعب عملية جمع شمل اللاجئين وتحقيق حلم العودة، بالرغم أن العودة مشروطة ومرتبطة بشكل عضوي بالتحرير الشامل والكامل لفلسطين".
يشير محمود إلى أن ما حدث لمخيمات سوريا وخاصة مخيم اليرموك وتهجير أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين فيه إلى الدول الأوربية وسوء أوضاع السكان الذين بقوا في سوريا نتيجة الحصار والعدوان الغربي الدائم أدى إلى حالة من اليأس، إضافة إلى ما حدث من معارك مفتعلة في مخيم عين الحلوة وقبل ذلك في مخيم نهر البارد، وعدم سماح الدولة اللبنانية للاجئين الفلسطينيين بالعمل فيما يزيد عن 80 مهنة، "كل ذلك يندرج تحت عنوان شطب حق العودة للاجئ الفلسطيني" بحسب رؤيته.
يضيف الناشط السياسي: إن اللاجئين الفلسطينيين في الأردن لديهم معاناتهم المختلفة فهم يتمتعون بما يتمتع به المواطن الأردني بما فيه الجنسية الأردنية، ولكن هذا لا يعني بالمطلق -نتيجة اتفاقية وادي عربة والاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة- أن يتاح للاجئين الفلسطينيين في الأردن التعبير والعمل الفاعل في المطالبة بحق العودة .