افتقدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا هذا العام أجواء عيد الأضحى المعتادة، حيث غابت مظاهر الفرح واقتصرت الطقوس على الزيارات العائلية البسيطة، فيما لم تشهد المخيمات أي فعاليات كبيرة للأطفال، ونَدُرَ اللعب في الساحات، بينما كان غياب ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها الأبرز في هذه المناسبة، نتيجة الظروف الاقتصادية القاسية التي تعصف بالمخيمات من سنوات، وتفاقمت مؤخراً، في ظل نسب فقر مطلق تعدت 90%.
سادت أجواء الفقر والحزن على أهالي المخيمات، الذين يعانون منذ سنوات من أوضاع معيشية صعبة، وانعكست معاناة أهالي قطاع غزة وأطفالها على اللاجئين في سوريا، حيث أنستهم قهرهم المستمر منذ أكثر من عقد، وما زالوا يحاولون ترميم ندوبهم العميقة وسط حالة فقر مطلق يعيش فيها 93% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
غياب الملابس الجديدة والأضاحي
بات شراء الملابس الجديدة وتوزيع الأضاحي أمورا بعيدة المنال، فاللاجئة "أم سمير" من سكان مخيم جرمانا بريف دمشق، تحدثت لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن افتقار المخيم لمظاهر عيد الأضحى، مشيرةً إلى أن ارتفاع الأسعار جعل اللحوم الغائب الأكبر عن العيد هذا العام، وأثر ذلك بشكل خاص على الأطفال الذين لم يتح لهم ارتداء ملابس جديدة.
"أم سامر"، التي لديها ثلاثة أبناء أكبرهم في سن الثالثة عشرة واصغرهم في السابعة، قالت إنّها لم تستطع شراء ملابس جديدة لهم هذا العيد، وبدلاً من ذلك اعتمدوا على ملابس عيد الفطر الماضي، رغم أنها لم تعد مناسبة بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وأضافت أن معظم الأهالي في المخيمات يواجهون صعوبة في شراء ملابس جديدة في كل عيد، ما دفعهم إلى استخدام ملابس عيد الفطر الفائت كحل بديل لعيد الأضحى، وأشارت إلى أنّها بدّت ابنها الصغير عن بقية أبنائها، وخصه بقطعة ملابس " بلوزة" وحذاء جديد، بينما يقضي الاخرون عيدهم بما عندهم من ملابس.
ارتفاع أسعار الأضاحي وتوجيه التبرعات لغزة
في مخيم خان دنون بريف دمشق، غابت هذا العام مبادرات ذبح الأضاحي التي كانت تدعمها في الأعياد السابقة، جهات إغاثية ومغتربون، نتيجة ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل كبير.
أشار "أبو إحسان بلاوني"، أحد سكان المخيم، إلى أن سعر أرخص أضحية يتراوح بين مليونين ونصف المليون وثلاثة ملايين ليرة سورية، ما يعادل 250 إلى 350 دولار أمريكي، وهي مبالغ لا يستطيع أي لاجئ تحملها.
وأضاف أن العديد من العائلات لم تتمكن من استيفاء هذا الطقس المهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وأوضح "بلاوني" أن تبرعات المغتربين والجمعيات هذا العام تم توجيهها إلى قطاع غزة، في ظل الأولوية القصوى لدعم أهالي غزة الذين يعانون من الجوع والإبادة.
وقال اللاجئ في حديثه لموقعنا: " أهلنا في قطاع غزّة يموتون من الجوع وتعرضون للإبادة، وهم أولى بكل لقطة طعام يستطيع مسلم التبرع بها من اجل اخوتنا في قطاع غزّة."
وفي ظل هذه الظروف، اقتصرت طقوس العيد على التكبيرات التي صدحت في صباح اليوم الأول من العيد، وزيارات المقابر وزيارات العائلات.
وفي مخيم درعا جنوب سوريا، أفاد مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن موجة الحر الشديدة أثرت على أي هامش الترفيه المتبقي للأطفال، ما أدى إلى خلو ساحة العيد التي نصبت في شارع المدارس من روادها.
وأشار المراسل إلى أن الأهالي والمبادرات الشبابية خصصوا مساحة بالقرب من مدرسة "كفركنا" التابعة لوكالة "أونروا" كساحة للعب الأطفال، حيث نُصبت الأراجيح، لكن حرارة الجو والفقر القاتل أضعفا إمكانيات الاحتفال بالعيد. وأكد أن معظم العائلات لم تعد قادرة على الاحتفال بعيدين متقاربين، نظراً لانعدام الإمكانيات المادية بعد عيد الفطر الذي حل في نيسان الماضي.