وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم السبت 29 حزيران / يونيو، جريمة "إسرائيلية" بحق مسنَة فلسطينية دهستها "جنازير" الدبابة "الإسرائيلية" وأردتها شهيدة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة فيما استخدم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" باقي أفراد أسرتها كدروع بشرية وهم مصابون بعد اقتحام الجيش لمنزلهم في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.

وقال الأورومتوسطي: إن فرقه الميدانية وثقت جريمة الاحتلال المركبة بحق العائلة الفلسطينية المكونة من أم مسنة وأربعة من أبنائها، منهم ثلاث فتيات وحفيدة لا تتعدى العام ونصف العام، باقتحام منزلهم وإطلاق النار والقنابل تجاههم مباشرة، داخل منزلهم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وفي التفاصيل أقدم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على إخراج العائلة من المنزل، مساء الخميس الموافق 27 حزيران/ يونيو، ثم احتجازهم وهم مصابون داخل وقرب دبابات "إسرائيلية" لأكثر من ثلاث ساعات، في منطقة قتال خطيرة واستخدامهم دروعًا بشرية، ومن ثم دهس الأم "صفية حسن موسى الجمال"، 65 عامًا، وقتلها، بعد إصابتها بجنازير دبابة "إسرائيلية" وهي ما تزال على قيد الحياة على مرأى من ابنها.

ونقل "الأورومتوسطي" شهادات أفراد من العائلة نجوا من هذه الجريمة المروعة، ومنهم نجل المسنة مهند الجمال الذي شرح تفاصيل ما وقع القول: "نحن نسكن في شارع النزاز في الشجاعية شرق غزة، في حوالي الساعة 10:00 صباح الخميس، فوجئنا بسماع صوت قصف وانفجارات، حاولنا أن نخرج ولم نستطع، حوصرنا، دخلنا البيت وصعدنا للطابق الأول وجلسنا في غرفة وسط البيت، ولاحظنا تقدم الدبابات الإسرائيلية باتجاه المنطقة".

وأضاف: "اشتدت وتيرة القصف، وانتبهت لوجود عدد كبير من الدبابات، التفت وتمركزت في أرض جيراننا الملاصقة لمنزلنا، وشرعت بأعمال تجريف وتدمير فيها، ثم رفعوا علم إسرائيل داخل الأرض، كنت أنا وأمي وشقيقاتي الثلاثة وابنة أختي الصغيرة داخل الغرفة، حرصنا ألا نصدر صوتًا، بعد العصر أو قبل المغرب بدأت الدبابة تطلق قذائف تجاه شقة أخي في الطابق الأرضي من منزلنا، جمعت أفراد أسرتي وجلسنا في إحدى الغرف، وبقينا ننتظر مصيرنا ونردد الشهادتين".

وأضاف: "بعد المغرب سمعنا صوت إطلاق نار في الشارع أعقبه صوت تفجير، وتبين لي أن الجنود اقتحموا المنزل بعد تفجير جدار وصعدوا إلينا، وعندما وجدونا في الغرفة بدؤوا بإطلاق النار عشوائياً على جدران الغرفة وألقوا قنبلة تلو القنبلة، حتى ألقوا 5 قنابل مع إطلاق نار تجاهنا في الغرفة، وكانوا يصرخون بالعبري ولا نعلم ماذا يقولون".

ويشرح: "أصبت بشظايا في ظهري وأصيبت شقيقتي بشظايا، وكانت شقيقاتي يصرخن "إحنا مدنيين"، وأصيبت والدتي بشظية كبيرة في صدرها، ثم تقدم الجنود واحدًا تلو الآخر وهم يصرخون "اصمت"، ثم سحبوني وأجبروني على خلع ملابسي وأوقفوني على الجدار، ثم دخلت مجندة عند والدتي وشقيقاتي، والجنود يصوبون أسلحتهم تجاهي لمدة نصف ساعة".

وتابع: "طلبوا مني حمل أمي على ظهري وإنزالها للأسفل، ثم قال جندي آخر بأن أنزلها على حمالة حيث حملتها مع جندي آخر، وخرجنا من الفتحة التي فجرها الجيش وخرجنا إلى الأرض المجاورة وأدخلونا في الدبابة، وأدخلت النقالة وعليها أمي ثم خرجت وأرجعوني للمنزل وأخذوا جواز سفري".

وفي تفاصيل مروعة أخرى يروي نجل المسنة كيف كانت قوات الاحتلال تروعه ليظن أنه على وشك الموت ووعود جنود الاحتلال الزائفة بنقله وأمه المصابة لتلقي العلاج، قبل أن يقوموا بدهسها بجنازير دباباتهم وهي على قيد الحياة، وسط شتائم مسيئة، وبصعوبة بالغة ينهي روايته بالكيفية التي تمكن بها من تغطية أمه والهروب نحو منطقة الدرج الأقل تصعيداً.

بينما شقيقة جمال تروي ما حدث من خلال شهادتها على إصابة والدتها بجروح كبيرة، وتقول: إن مجندة تظاهرت بتقديم إسعافات أولية لوالدتها وهي على وشك الموت، ومن ثم اصطحبوا الأم المصابة وأخبروهم بالمغادرة نحو شارع صلاح الدين أي إلى جنوبي قطاع غزة، في زعم أنه سيعالجون الأم المصابة، بينما وصلن هن مصابات إلى مستشفى المعمداني".

وسبق أن وثق الأورومتوسطي جرائم مماثلة لقتل مدنيين فلسطينيين دهسًا تحت جنازير الدبابات "الإسرائيلية" بشكل متعمد وهم أحياء، مذكراً بواقعة دهس الفلسطيني المسن جمال حمدي حسن عاشور (62 عامًا) بشكل متعمد في حي الزيتون بمدينة غزة يوم 29 شباط/ فبراير الفائت، بعد اعتقاله وتقييده بقيود بلاستيكية وإخضاعه للتحقيق قبل دهسه بمركبة مدرعة.

وفي 16 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وثق الأورومتوسطي إقدام الدبابات والجرافات "الإسرائيلية" على دهس وسحق نازحين داخل خيامهم في ساحة مستشفى "كمال عدوان" في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم، بمن فيهم مصابون، إلى جانب سحق جثامين شهداء كانت مدفونة داخل قبور في جانب من الساحة.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن التدمير واسع النطاق الذي يلحقه الجيش "الإسرائيلي" بالممتلكات، كما يحدث الآن في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وما يحدث في رفح وحدث في خانيونس جنوبي القطاع، وما سبق أن حدث في جباليا شمالي القطاع، من تدمير طال أكثر من 65 % من المباني فيها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك، وبطريقة عابثة، يعتبر جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته للمجتمع الدولي بتنفيذ التزاماته الدولية فورًا لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد جميع فلسطينيي قطاع غزة منذ نحو تسعة أشهر، وضمان امتثال "إسرائيل" لالتزاماتها الدولية، ولقراري مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، وتدابير محكمة العدل الدولية بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات كافة لضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني.

وبحسب المرصد، تعكس تلك الممارسات رغبات انتقامية لدى الجيش "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين كقومية بهدف القضاء عليهم بصفتهم هذه، وترهيبهم وتدميرهم جسديًّا ونفسيًّا، حيث تأتي تنفيذًا للتحريضات العلنية التي تدعو لإبادة الفلسطينيين جماعيًّا في قطاع غزة، والتي صرح بها مسؤولون وإعلاميون ومستوطنون "إسرائيليون"، وكنتيجة للحصانة المطلقة التي يتمتع بها مرتكبو هذه الجرائم وإفلاتهم المستمر من العقاب في ظل عدم اتخاذ أي إجراء لمساءلتهم ومحاسبتهم على أي مستوى أو من أي جهة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد