لاقى تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" ويتهم الفصائل الفلسطينية بـ "ارتكاب جرائم" حرب خلال عملية طوفان الأقصى ضد مستوطنات الاحتلال "الإسرائيلي" في محيط قطاع غزة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ردود فعل مستنكرة ورافضة لما ورد فيه، واعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية وعدد من الفصائل أن ما ورد في تقرير المنظمة يتساوق مع الرواية "الإسرائيلية" والأكاذيب التي جاء بها كيان الاحتلال، ويتغافل عن جرائم الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" التي ترتكب منذ 9 أشهر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأربعاء 17 تموز/ يوليو، تقريرًا يتهم 5 فصائل فلسطينية بـ "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق مدنيين أثناء هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023" على مستوطنات غلاف غزة.
ووجهت المنظمة في التقرير الذي يتكون من 236 صفحة، عدداً من الاتهامات للفصائل الفلسطينية، وادعت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش "آيدا سومر" أن الهجوم الذي قادته حركة حماس "يهدف إلى قتل المدنيين وأخذ أكبر عدد من الرهائن"، بحسب وصفها.
وزعمت المنظمة أن الفصائل الفلسطينية "ارتكبت انتهاكات عديدة لقوانين الحرب"، منها "هجمات ضد مدنيين وأعيان مدنية، وقتل عمد بحق المحتجزين، إضافة إلى جرائم تنطوي على عنف جنسي".
فيما لم يتطرق التقرير إلى جرائم حرب الإبادة الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حتى اليوم.
من جهتها، عبرت الفصائل الفلسطينية عن رفضها واستنكارها الشديد لهذا التقرير، مؤكدةً أنه يمثل انحيازًا شاملًا لرواية الاحتلال، وأن الصراع مع المحتل لم يبدأ منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بل منذ أن قررت "إسرائيل" احتلال فلسطين، وتوالت الجرائم بدءاً من النكبة الفلسطينية عام 1948.
ورفضت منظمة التحرير الفلسطينية ما جاء في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وذلك عبر مدير دائرة حقوق الإنسان في المنظمة قاسم عواد، الذي أكد أن التقرير تناول الرواية "الإسرائيلية" المطلقة، في الوقت الذي تُتهم فيه "إسرائيل" بجرائم حرب في محكمة الجنايات الدولية.
وأضاف: أنهم لم يروا في تقرير المنظمة أي من اعترافات قيادة الاحتلال على أنه كانت هناك أوامر صارمة لجيش الاحتلال بتحرير الرهائن وقتل المقتحمين لغلاف غزة، وكان جزء كبير من القتلى على أيدي جيش الاحتلال.
فيما دعا قاسم "هيومن رايت ووتش" إلى جلسة لمناقشة هذا التقرير الذي يمس الشعب الفسطيني وقضيته.
من جهتها، أعربت حركة حماس عن رفضها الشديد للتقرير، ووصفت البيان بأنه يتبنى الرواية "الإسرائيلية" بالكامل، وابتعد عن أسلوب البحث العلمي والموقف القانوني المحايد، مما يجعله أشبه بوثيقة دعائية "إسرائيلية".
وقالت الحركة: إن التقرير لم يتطرق لما أصاب شعبنا في غزة من قتل وتدمير وتجويع وعذب فاق الخيال، مما يكرس فكرة التمييز العنصري بين البشر.
وتابعت حماس: "فاق عدد الشهداء والجرحى 120 ألفًا حتى اليوم، وتم تدمير المستشفيات والجامعات والمدارس والبنية التحتية بشكلٍ كامل، وما زالت آلت البطش الصهيونية تواصل جرائمها بدعمٍ أمريكي وغربي كامل، ولم يجد التقرير أن هذا كله يستحق الذكر".
وأكدت حركة حماس استنكارها لما اعتبرته خطأً من منظمة "هيومن رايتس ووتش" عندما اعتبرت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي هو نقطة البداية، وأهملت ما سبقها من معاناة الشعب الفلسطيني من قتل وتعذيب ودمار.
وشددت على أن هذا الجيش "ارتكب أيضا جرائم ضد المدنيين الإسرائيليين الذين تم قصفهم مع المقاتلين الفلسطينيين بالطائرات وقذائف الدبابات حسب التقارير الإسرائيلية نفسها".
وأضافت الحركة أن المنظمة انحازت بشكلٍ مباشر ولا إنساني عند الحديث عن الأسرى "الإسرائيليين" لدى المقاومة الفلسطينية، وطالبت بالإفراج عنهم بشكلٍ فوري، بالمقابل لم يطلب التقرير الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للتعذيب والقتل والتجويع والإذلال في سجون الاحتلال.
بدورها، أشارت الجبهة الشعبية إلى أن تقرير "هيومن رايتس ووتش" يستند إلى بيانات وأدلة ضعيفة وغير متعددة ومتناقضة، ويفتقر إلى الموضوعية والحياد، وأن الكثير من الشهود تراجعوا عن ادعاءتهم ضد فصائل المقاومة، فيما لم تصدر أي تقارير طبية شرعية تشير إلى ارتكاب أعمال تخالف القانون الدولي الإنساني.
وقالت الجبهة في بيان: إن التقرير يظهر انحيازًا واضحًا عندما يغفل عن السياق الأساسي وهو الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين، مطالبة بتحقيق دولي مستقل ونزيه يشمل جميع الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
وأكدت الجبهة الشعبية حق الشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبي في استخدام كافة الوسائل المتاحة لها للمقاومة والدفاع عن نفسها واستعادة حقوقها المشروعة وفقًا للقانون الدولي، ودعت "إلى ضرورة أن تكون التوصيات الدولية عادلة وشاملة، وتشمل جميع الأطراف في الصراع".
وعلقت الجبهة الديمقراطية بالقول: إنها لم تستلم من منظمة "هيومن اريتس ووتش" أي كتاب يطلب منها أن يجيبوها عن أسئلتها، وتفاجأت من إدراج اسم "قوات الشهيد عمر القاسم" في لائحة القوى التي تقول المؤسسة القانونية أنها ارتكبت جرائم خلال عملية طوفان الأقصى.
وأكدت الجبهة الديمقراطية أن معركة طوفان الأقصى كان عملًا دفاعيًا عن السيادة الوطنية لدولة فلسطين، في مواجهة الاحتلال والاستيطان الذي تعتبره القوانين الدولية جريمة حرب.
وأكدت أنها "تعمل بموجب قرارات الشرعية الدولية التي اعترفت للشعب الفلسطيني بحقه في الدفاع عن نفسه". وأشارت إلى أن "كافة مقاتلي «قوات الشهيد عمر القاسم» متطوعون، تدربوا على فنون القتال ضد جيش الاحتلال، وتلقوا دروساً غنية بـ"ميثاق جنيف" ، الذي يحرم التعدي على المدنيين، أو قتلهم، أو التنكيل بهم.
من جهته، وصف الأمين العام للمبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" حول أحداث السابع من تشرين الأول / أكتوبر بأنه "سقطة خطيرة" ويفتقر إلى الموضوعية والمهنية، مشيراً إلى أن التقرير يكرر الأكاذيب "الإسرائيلية" دون أي دليل.
وأشار البرغوثي إلى أن المنظمة قد تكون استسلمت للإرهاب الفكري "الإسرائيلي" والضغوط "الإسرائيلية" والأميركية، محاولة استرضاء الجانب "الإسرائيلي" من خلال تقريرها الجديد.