نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم الاثنين 29 تموز/ يوليو، تقريراً وثّق شهادات وإفادات تبيّن سوء المعاملة للأسرى الفلسطينيين في السجون "الإسرائيلية"، ووصفته بالقاتل، ووصفت وفقاً لشهادات المعتقلين أوضاعهم، بأنه مشابه لمعتقل "غوانتانامو". وأشار التقرير إلى وفاة عدد من السجناء الفلسطينيين في ظروف مروعة.
ونقل التقرير، حالة أحد الأسرى وهو عبد الرحمن بهاش البالغ من العمر 23 عاماً توفي بعد أن تعرض لضرب مبرح من قبل حراس السجون في سجن مجيدو، بعد أن انفجر طحاله، وتعرضت ضلوعه للكسر نتيجة للضرب.
بينما توفي سجين آخر بسبب عدم تلقيه العلاج لحالة مرضية مزمنة، وثالث صرخ طلباً للمساعدة لعدة ساعات قبل أن يلقى حتفه.
وقالت الصحيفة، إنّ الحالات تم توثيقها من قبل شهود عيان وأطباء من منظمة "الأطباء لحقوق الإنسان - إسرائيل" (PHRI)، الذين حضروا تشريح الجثث، ونشروا نتائجها للعائلات، التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست".
ووفقاً لـ( PHRI)، توفي 13 فلسطينياً على الأقل من الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، في السجون "الإسرائيلية" منذ 7 أكتوبر، بينما توفي عدد غير معروف من السجناء من قطاع غزة.
ونقل التقرير عن مجموعات حقوقية، أن تدهور ظروف السجون إلى ارتفاع نسبة الازدحام بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ووصف السجناء الفلسطينيون السابقون التعذيب الروتيني الذي يشمل استخدام العصي والكلاب، فضلاً عن الحرمان من الطعام الكافي والرعاية الطبية، بالإضافة إلى الإساءة النفسية والجسدية.
في حديثها إلى "واشنطن بوست"، أكدت جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمجموعة "هاموكيد الإسرائيلية"، أن العنف منتشر بشكل واسع في السجون، مشيرةً إلى أن جميع السجناء الذين التقوهم فقدوا حوالي 30 رطلاً من وزنهم.
وأرجعت المديرة التنفيذية للجنة العامة ضد التعذيب في "إسرائيل" تل شتاينر، الانتهاكات إلى الأجواء الانتقامية السائدة في "إسرائيل" بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، قائلةً إن الوضع يعكس "مزيجاً من المشاعر الفردية السلبية والعنيفة، ودعم صانعي السياسات وغياب المساءلة".
من جانبها، نفت ما تسمّى خدمة السجون "الإسرائيلية" في بيان لها وجود أي أحداث كما تم وصفها في التقرير، وزعمت أنها تلتزم بالقوانين، وتوفر جميع الحقوق الأساسية للسجناء. بينما قالت المحكمة الجنائية الدولية إنها تدرس إصدار أوامر اعتقال لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت؛ بسبب تصرفات "إسرائيل" في غزة، وحذر رئيس المخابرات "الإسرائيلية"، رونين بار، من أن الظروف في السجون قد تؤدي إلى مزيد من الإجراءات القانونية الدولية.
وبالعودة إلى الأسير الشهيد عبد الرحمن بهاش، الذي اعتقل على خلفية اشتباكات مسلحة مع القوات "الإسرائيلية"، قالت الصحيفة إنّه تعرض للضرب المبرح في سجن مجيدو، وتوفي بعد حوالي ثلاثة أسابيع.
وجاء في التقرير الطبي، أنّ إصابات صادمة وكسوراً متعددة في الأضلاع وإصابة في الطحال تعرض لها الأسير بهاش، ما يثير التساؤلات حول وفاة بهاش التي كانت نتيجة للإصابات.
ونقل التقرير، أنّ اثنين من زملاء الأسير الشهيد بهاش في سجن مجيدو، الواقع شمال فلسطين المحتلّة، قد رُبطوا، وتوفي ثلاثة سجناء على الأقل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، من خلال الضرب الشديد من قبل الحراس في قسمهم في كانون الأول /ديسمبر.
وقال سجين عمره 28 عاماً، وكان محتجزاً في القسم نفسه: "اقتحم الضباط جميع الخلايا في الجناح، وقيّدوا السجناء قبل ضربهم"، مضيفاً أن مثل هذه الضربات كانت تحدث مرتين في الأسبوع خلال فترة سجنه.
وتابع السجين، إن الحراس كانوا يضربونهم "بطريقة مجنونة"، حيث "استخدموا العصي، وركلونا... في جميع أنحاء أجسامنا."
ولفت إلى أنّه بعد جولة الضرب، تم نقل الأسير بهاش وآخرين من زنزانته نُقِلُوا إلى منطقة غرف العزل المسماة "تورا بورا"، على اسم شبكة كهوف القاعدة الأفغانية.
وقال: "كان صرخات الألم في كل أنحاء القسم" ثم عاد بهاش مع كدمات عميقة، واشتكى من أن أضلاعه قد تكون مكسورة، وعندما طلب المساعدة الطبية، قال زميله في السجن، أُعيد به إلى السجن مع "أسيمول"، وهو في حالة لم يكن قادراً على الوقوف على قدميه." وأضاف: "ساعدناه في المشي كما لو كان طفلاً".
بالإضافة إلى ذلك، توفي الأسير عبد الرحمن المعري، البالغ من العمر 33 عاماً، في السجن نفسه في 13 نوفمبر. ووفقًا لتقارير، تعرض المعري لضرب شديد؛ مما أدى إلى وفاته بعد أن فقدت عائلته الاتصال به بعد 7 أكتوبر.
التقرير أشار أيضاً إلى أن الظروف في السجون تتسم بالازدحام الشديد، حيث كانت الزنزانات المصممة لاستيعاب ستة أشخاص تحتوي على ضعف هذا العدد، بالإضافة إلى حرمان السجناء من الطعام والرعاية الطبية اللازمة.
كما عُرض السجناء لظروف معيشية قاسية تتضمن البرد الشديد وصوت النشيد الوطني "الإسرائيلي" المزعج، كما نقل التقرير، الذي أشار إلى حالة الصحفي معاذ عمارنة، الذي سُجن في مجيدو، ووصف الظروف في زنزانته بأنها غير إنسانية، حيث كان يتشارك السجناء في وجبات ضئيلة، ولا تكفي للبقاء على قيد الحياة.
يأتي هذا التقرير للصحيفة الأمريكية، عقب عدّة تحذيرات فلسطينية وحقوقية، تؤكد سوء الأوضاع في السجون "الإسرائيلية" وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قد حذرت الأربعاء الفائت، أن أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجن عوفر "الإسرائيلي" سيئة للغاية، وصاروا يواجهون ظروفاً حياتية وصحية صعبة في ظل معاناتهم من شبه مجاعة حقيقية أدت إلى إنهاك أجسادهم، وتسلل الأمراض الخطيرة إليهم.
وكشفت الهيئة، عن الإهمال الطبي المتعمد الذي ما زالت سلطات سجون الاحتلال "الإسرائيلي" تمارسه على المعتقلين الفلسطينيين، وعن تقديمها لهم طعاماً سيئاً كماً ونوعاً، أنهك أجسادهم وحولها إلى جلد وعظم، وسمح للأمراض بالتغلغل فيها.
كما يواصل الاحتلال ارتكاب الجرائم بحق الأسرى المرضى، ويمنع عنهم الأدوية، ويمارس بحقهم إهمالاً طبياً متعمداً، إضافة إلى معاناتهم من نقص الملابس ومواد التنظيف والمستلزمات الحياتية كافة.
اقرأ/ي أيضا: أوضاع قاسية وشبه مجاعة يعانيها الأسرى الفلسطينيون في سجني "عوفر" و"عتصيون"