لفت منسق تجمع "اتحرك لمجابهة التطبيع" في الأردن، محمد العبسي إلى التحولات العميقة التي شهدتها حملات المقاطعة في الأردن، مشيرًا إلى أن هذه الحملات لم تعد مجرد رد فعل عاطفي تضامني، بل تحولت إلى حالة ثقافية متجذرة في الوعي العام، تعكس التزامًا شعبيًا واسعًا يمتد إلى مختلف جوانب الحياة اليومية.

وفي لقاء خاص مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، استعرض العبسي التطور الذي شهده حراك المقاطعة في الأردن، موضحاً أن هذه الحملات كانت في الماضي تقتصر على النخب المثقفة والمهتمة باستخدام المقاطعة كسلاح فعّال ضد كيان الاحتلال "الإسرائيلي" وداعميه من الشركات الكبرى، إلا أن الوضع اليوم مختلف تماماً، فمنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومع تصاعد جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية، شهد الأردن تحوّلاً جذرياً حيث أصبح حراك المقاطعة شمولياً يضم كافة شرائح المجتمع.

وقال العبسي: إن هذه المرحلة الجديدة من الوعي المجتمعي أفسحت المجال لظهور خطوط إنتاج محلية، حيث نشهد اليوم عشرات المنتجات الأردنية التي لم تكن موجودة من قبل، والتي أصبحت تُعتمد كبديل أساسي لمنتجات الشركات الداعمة للاحتلال.

المقاطعة من رد فعل إلى ثقافة مجتمعية

وأوضح العبسي أن المقاطعة في الأردن لم تعد مرتبطة فقط بالأحداث الجارية، بل تحولت إلى جزء من ثقافة المجتمع، فقد أسهم الالتزام الشعبي الواسع في تعزيز هذه الحالة، حيث نرى اليوم العديد من المحلات التجارية والمطاعم تخلو من المنتجات الداعمة للاحتلال، تم واستبدالها بمنتجات محلية.

وأكد الناشط العبسي، أن هذه المنتجات لم تعد تُعتبر بديلاً مؤقتاً، بل أصبحت الأصل، مما يعكس تحولاً كبيراً في سلوك المستهلكين.

ولفت إلى أن المقاطعة لم تعد تقتصر على رفض شراء منتجات الشركات الداعمة للاحتلال "الإسرائيلي"، بل أصبحت تشمل أيضاً فرزاً مجتمعياً واضحاً، حيث يتم اليوم تحديد المحلات التي لا تلتزم بالمقاطعة على أنها جزء من الحملة العامة، ما أدى إلى تقليص شعبية تلك المحلات بشكل ملموس، معبراً أن هذا الفرز المجتمعي يعكس وعيًا عامًا متزايدًا بخطورة التطبيع وتأثيره السلبي على القضية الفلسطينية.

تعزيز الحملة واستمراريتها

وحول استمرارية حملة المقاطعة، يرى العبسي أنها ستظل جزءاً من المشهد العام في الأردن حتى لو تراجعت حدة الحماس لها، مؤكداً أن تعزيز هذه الحالة يتطلب جهودًا مستمرة في نشر الوعي من خلال الندوات، المواد الإعلامية، والأنشطة الميدانية.

وأشار إلى أن حملات المقاطعة لم تعد مقتصرة على وسائل الإعلام فقط، بل أصبحت تتركز أيضًا في الشارع من خلال زيارات يومية للأسواق والمحال التجارية، بالتنسيق مع حركات مقاطعة أخرى، لافتاً إلى أن الحملة نشرت دليل المقاطعة الذي يحتوي على أكثر من 400 علامة تجارية داعمة للاحتلال، استجابةً لطلب متزايد من الجمهور.

وتحدث العبسي عن التحديات التي تواجه حراك المقاطعة في الأردن، حيث تعرضت الفعاليات المناهضة للتطبيع لقمع حكومي من خلال المنع، الاعتقالات، والاستدعاءات الأمنية.

ورغم ذلك، أكد أن الحراك الشعبي في الأردن استطاع الحفاظ على زخم كبير، خاصة في العاصمة عمان وبعض المحافظات، مؤكداً أن هذا القمع لم ينجح في كبح الحراك بشكل كبير، "بل زاد من إصرار الناس على مواصلة النضال ضد التطبيع".

مقاطعة مظاهرة.jpg

المخيمات والجامعات.. جبهات للمقاطعة

وفي إطار توسيع نطاق الحملة، تحدث العبسي عن الجهود المبذولة لتفعيل دور الجامعات والمخيمات الفلسطينية في حملة المقاطعة.

وأوضح أنه يجري التنسيق مع القوى الطلابية لإطلاق حملة "الجامعة خالية من منتجات الشركات الداعمة للكيان"، حيث سيتم إطلاق هذه الحملة في كبرى الجامعات الأردنية مثل "جامعة العلوم والتكنولوجيا"، "الجامعة الأردنية"، و"الجامعة الهاشمية".

وأضاف: أنه تم أيضاً عقد لقاءات مع اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، مثل مخيم البقعة، بهدف تعزيز المقاطعة داخل المخيمات، والتمهيد لإطلاق حملة "المخيم خالٍ من بضائع الشركات الداعمة للكيان الصهيوني".

واختتم العبسي حديثه بالتأكيد على أن تكريس حالة المقاطعة يتطلب استمرار الجهود على كافة الأصعدة. وشدد على أهمية توسيع دائرة الناشطين في حملات المقاطعة، من خلال دعوات مفتوحة ولقاءات تهدف إلى استقطاب المزيد من المشاركين، لضمان استمرار الحملة وتحقيق أهدافها، وأوضح أن استمرار الحديث عن المقاطعة بين الناس هو العامل الأساسي لضمان ترسيخ هذه الثقافة في المجتمع، وجعلها جزءًا دائمًا من الحياة اليومية في الأردن.

وأصدر تجمّع "اتحرك لمهاجمة التطبيع" نسخة محدّثة من الدليل الشامل، والذي يحتوي على أكثر من 400 علامة تجاريّة لمنتجات الشركات العالميّة المُدرجة ضمن لائحة المقاطعة، لاعتبارات دعمها وتأيّيدها للاحتلال "الإسرائيلي".

لمتابعة الدليل (انقر على هنا)

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد