حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على لسان مفوضها العام فيليب لازاريني، من تحول لبنان إلى "غزة جديدة" في ظل التصعيد الحالي، مشدداً على ضرورة بذل جهود إضافية لمنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وأعرب لازاريني في حوار صحفي أجراه لموقع "أخبار الأمم المتحدة" عن مخاوفه إزاء الأوضاع المتدهورة في غزة والضفة الغربية، مسلطاً الضوء على المخاطر التي تواجه جيلاً كاملاً من الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون صدمات نفسية عميقة بسبب الحرب المستمرة.
وقال لازاريني: "لدينا اليوم أكثر من 600 ألف فتاة وفتى يعيشون بين الركام، ويعانون من صدمة عميقة في قطاع غزة. وكلما انتظرنا لإعادتهم إلى بيئة التعلم، كلما خاطرنا بضياع جيل كامل".
وأكد أن المخاطر لا تقتصر على التعليم، بل تمتد لتغذية بذور الكراهية والاستياء، محذراً من أن التأخر في العودة إلى المدارس سيؤدي إلى تداعيات كارثية.
وأوضح لازاريني أن "أونروا" فقدت أكثر من 220 موظفاً منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وأن أكثر من 70% من منشآتها تضررت أو دُمرت بالكامل.
ولفت لازاريني، إلى أنّ "هناك هجمات سياسية ضد الوكالة وضد الأمم المتحدة، وتجاهل يومي للقانون الدولي الإنساني"، مشيراً إلى أن الهجمات طالت العاملين في المجال الإنساني والمنشآت التعليمية على حد سواء.
وأبرز لازاريني في حديثه أن التعليم كان وما يزال جوهر التنمية البشرية للفلسطينيين، لكن الحرب المستمرة تهدد هذه الركيزة الأساسية. "الفلسطينيون تم تجريدهم من أراضيهم، ولكنهم استثمروا في التعليم، ولكن اليوم، حتى هذا الاستثمار مهدد" حسبما أضاف.
وحذر لازاريني، من أن إعادة بناء النظام التعليمي في غزة ستكون تحدياً كبيراً يتطلب التزاماً دولياً وسياسياً، وأضاف: "لا يمكن انتظار إعادة الإعمار قبل بدء عملية تعليم الأطفال. الحل يكمن في دعم الأونروا لتوفير التعليم، فلا بديل عن وجود وكالة تعمل على تقديم هذه الخدمات الحيوية".
وفيما يتعلق بالجانب الصحي، تطرق لازاريني إلى تفشي شلل الأطفال مجدداً في غزة بعد 25 عاماً من القضاء عليه، مشيراً إلى نجاح حملة التطعيم التي استهدفت 90% من الأطفال دون سن العاشرة.
وأضاف أن الحملة تمت بالشراكة مع وزارة الصحة الفلسطينية واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، مؤكداً أنه بالرغم من التحديات، تم تحقيق إنجاز كبير في هذا الصدد.
ووصف لازاريني الوضع في الضفة الغربية بأنه "حرب صامتة تغلي"، حيث تفرض عمليات أمنية "إسرائيلية" عقوبات جماعية على السكان، وتتعرض البنية التحتية للتدمير.
كما أشار إلى تزايد العنف من قبل المستوطنين، مؤكداً أن "أونروا" تواجه صعوبات جمة في الحفاظ على سير العمل في مدارسها ومراكزها الصحية وسط هذه الظروف العنيفة.
وفي سياق التصعيد عبر الحدود بين لبنان و"إسرائيل"، قال لازاريني إن الوضع هناك هو امتداد لما يحدث في غزة والضفة الغربية، محذراً من أن لبنان قد يتحول إلى "غزة جديدة" إذا لم يتم بذل المزيد من الجهود لوقف التصعيد ومنع اندلاع حرب شاملة.
وأكد لازاريني أن "أونروا" تواجه أزمة تمويل خانقة، تفاقمت في السنوات الأخيرة، حيث جمدت 16 دولة مانحة مساهماتها، إلا أنّه قد أوضح أن الوكالة تمكنت من استعادة ثقة معظم المانحين بفضل مراجعات شاملة قامت بها، إلا أن التحديات المالية لا تزال كبيرة، في ظل تزايد احتياجات اللاجئين الفلسطينيين.
وفي ختام حديثه، وجه لازاريني دعوة عاجلة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير، قائلا: “نحن نعرف ما هو الحل السياسي، لكننا نحتاج إلى إرادة سياسية لتحقيقه"، مشدداً على أهمية الحلول السياسية لإنهاء الأزمة الإنسانية المستمرة.