يواجه اللاجئون الفلسطينيون المهجرون من جنوب لبنان، وخصوصاً فلسطينيي سوريا، أوضاعاً إيوائية صعبة وسط ضعف شديد في الإغاثة، ولا سيما الذين قصدوا مدينة صيدا، حيث اقتصرت مراكز الإيواء في المدينة على استقبال النازحين اللبنانيين فقط، حسبما أكد ناشطون فلسطينيون.
وقصد العديد من المهجرين الفلسطينيين من المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأيضاً من فلسطينيي سوريا -الذين لجؤوا إلى لبنان إثر الحرب في سوريا-، والذين نزحوا جميعاً من الجنوب، الحدائق العامة أو اضطروا لاستئجار منازل بأسعار باهظة، حسبما أكد ناشطون وشهود عيان، فيما لجأ بعض الفلسطينيين إلى مدرسة نابلس صيدا.
مراكز الإيواء في صيدا تستقبل اللبنانيين حصراً
الناشط أبو المعتصم شعبان، أفاد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن مراكز الإيواء في صيدا مخصصة حصراً للبنانيين، ولا يُسمح للفلسطينيين أو السوريين بالدخول إليها، فيما قضى العديد من الفلسطينيين لياليهم منذ الاثنين الفائت في ساحات صيدا والحدائق العامة.
وأشار إلى أن العديد من العائلات الفلسطينية، سواء من المهجرين من سوريا أو اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قد نزحوا إلى الحدائق أو اضطروا لاستئجار منازل بأسعار مرتفعة دون وجود أي جهة تقدم لهم المساعدات المطلوبة.
وأضاف شعبان أن أوضاع النازحين الفلسطينيين السوريين الذين استأجروا منازل تعتبر مزرية، نظراً لتدهور أوضاعهم الاقتصادية والمالية، حيث يعتمدون على مساعدات "أونروا" المحدودة وأعمال ذات دخل يومي متواضع، مما يجعل دفع الإيجارات مسألة شبه مستحيلة في ظل ارتفاع الأسعار المستمر، وفقدان النازحين لأعمالهم.
وانتقد شعبان أداء الفصائل الفلسطينية في التعامل مع الأزمة الإنسانية الحالية وأزمة النزوح، موضحاً أن "الفصائل لم تلتفت بشكل كافٍ لمعاناة النازحين الفلسطينيين سواء في لبنان أو المهجرين من سوريا" بحسب وصفه.
ودعا الفصائل إلى تحمل مسؤولياتها وعدم الاعتماد فقط على وكالة "أونروا" التي قصرت مساعداتها على بعض مراكز الإيواء المحدودة، مما ترك العديد من النازحين دون أي دعم إضافي.
وأشار إلى "أن الجهود الإغاثية للفصائل الفلسطينية تركزت بشكل أساسي على دعم مراكز إيواء النازحين اللبنانيين، دون تخصيص جهود إضافية لدعم النازحين الفلسطينيين" بحسب ما قال.
كما أشار إلى أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي قامتا بتنفيذ حملات إغاثية، لكنها استهدفت المدارس اللبنانية فقط.
فلسطينيو سوريا.. الحلقة الأضعف في هذا العدوان
في سياق متصل، أوضح الناشط الفلسطيني السوري في منطقة البقاع الغربي محمود شهابي، أن اللاجئين الفلسطينيين السوريين يعانون من أوضاع استثنائية كونهم الحلقة الأضعف بين المجموعات البشرية المقيمة في لبنان.
ولفت إلى أن العديد من الأسر الفلسطينية السورية لا تستطيع العودة إلى سوريا بسبب الظروف الأمنية الصعبة، في حين أدى النزوح جراء العدوان "الإسرائيلي" إلى قطع مصادر رزق العديد من العائلات التي كانت تعتمد على أعمال يومية بسيطة.
وأضاف شهابي أن هناك نقصاً كبيراً في المستلزمات الأساسية، وخاصة الفراش والبطانيات، مشيراً إلى أن العديد من العائلات الفلسطينية السورية التي نزحت من مناطق بعلبك إلى البقاع الغربي تعاني من نقص شديد في كافة اللوازم الإغاثية، وتناشد الخيرين والنشطاء لتأمين الحد الأدنى من مستلزمات الإيواء والدعم الإنساني.
وتواجه الأسر الفلسطينية السورية النازحة، التي تعد الأكثر تضرراً في هذه الأزمة، ظروفاً معيشية صعبة في ظل تجاهل المؤسسات المعنية ونقص المساعدات المقدمة لهم، فيما ينذر استمرار العدوان "الإسرائيلي" وتوسعه، إلى احتماليات تفاقم الأزمة، كلما توسع جحم النزوح ومتطلباته، حسبما حذّر ناشطون.
ويعيش في لبنان نحو 23 ألف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا، يعاني 90% منهم في حالة فقر مؤكد، حسبما بينت مديرة شؤون وكالة "أونروا" دوروثي كلاوس، في أحدث تصريح لها حول أوضاعهم، في شهر آب/ أغسطس الفائت.
ويعيش 70% من الفلسطينيين اللاجئين من سوريا إلى لبنان، اوضاعاً غير قانونية تتعلق بتجديد الإقامات، حيث لم يصدر أي تسويات قانونية جديدة للاجئين الفلسطينيين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية، منذ تموز/ يوليو 2017، ما يخلف مصاعب استثنائية في أوضاعهم خلال العدوان على لبنان، لعدم وجود خيارات لهم للخروج من البلاد، في وقت لا تستطيع نسبة كبيرة منهم الذهاب إلى سوريا لأسباب أمنية وتتعلق بالخدمة العسكرية فضلاً عن تدمير منازلهم في مخيماتهم ولا سيما مخيم اليرموك وسواه.