"من بقى في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة فهو في عداد الموتى من شدة صعوبة ما يحدث، الكلمات تعجز عن وصف المشهد، الشهداء يفترشون الطرقات، والقذائف تتناثر في كل مكان وقصف ونسف للبيوت في كل لحظة" هكذا وصفت أنسام عايش لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أوضاع المحاصرين في مناطق شمال غزة وخاصة مخيم جباليا، حيث تستمر العملية العسكرية "الإسرائيلية" الجديدة المسماة "خطة الجنرلات" منذ 17 يوماً.

تقول عايش: إن أعداد الإصابات يفوق الخيال في مناطق الشمال ، الحركة جدًا صعبة فجيش الاحتلال الإسرائيلي يطوق المخيم ويمنع أي شخص من الخروج منه إضافة إلى قطع كل إمدادات الغذاء والشراب، "الناس مش عارفة تدبر أمورها تُحارب بكافة الطرق".

مخاطر النزوح.. نجاة أو موت

الحصار يمتد من منطقة التوام حتى الصفطاوي إلى دوار أبو شرخ ، إضافة إلى مخيم جباليا جميعها محاصرة من مسيرات الكواد كابتر، والقذائف المدفعية تتساقط بكثافة حاصدة أرواح مئات المحاصرين.

تتابع عايش: إن النزوح كان بمنتهى الصعوبة خاصة أن جميع الطرق مطوّقة والمخرج الوحيد هو دوار أبو شرخ الذي تغطي سماءه مسيرات الكواد كابتر، للوصول إلى منطقة جباليا النزلة، موضحة أن الوصول إلى الدوار هو مغامرة تذهب وتحمل كفنك بيدك لا تعلم إن كنت ستنجو أم لا.

تصف عايش رحلة نزوحها من المخيم، وتقول: "كانت بمنتهى الصعوبة بمجرد أن وصلنا إلى دوار أبو شرخ بدأت الطائرات بإطلاق نيرانها، وهي مسافة أربعة أمتار، ركضنا بأسرع ما أمكننا حتى نتلاشى الإصابة وهي مسألة حظ أننا نجونا، وبعد أن تجاوزنا مسافة تبعد 10 أمتار عن الدوار تم استهداف العوائل التي تلينا أمام أعيننا"

مجازر وهدم للبيوت على ساكنيها

تروي عايش لنا تفاصيل مؤلمة عايشتها وهي خارج مخيم جباليا بقولها " قصف الاحتلال بيت جيراننا على رؤوس ساكنيه وكان هناك عدد كبير من الإصابات، تواصلوا معنا حتى نناشد طواقم الإسعاف والدفاع المدني ولصعوبة ما يجري كان من المستحيل أن تصل سيارات الإسعاف إلى المكان ، نزفوا ساعات الليل بأكملها، ولم تجد نفعًا كل نداءات الاستغاثة التي أطلقتها العائلة من أجل أن تصل إليهم سيارات الإسعاف والدفاع المدني.

وعندما ذهب الإسعاف في ساعات الصباح الباكرة تم استهداف طواقمه في البيت مرة أخرى ومن كان مصاباً صار شهيدًا.

وما زالت قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن هجومًا بريا على مناطق شمال غزة؛ لليوم 17 على التوالي ، وترتكب أفظع أنواع المجازر بحق سكانها في ظل حصار وتطويق شديد.

حصار مشدد ومنع إمدادات المياه والغذاء عن مراكز الإيواء

من جهته يروي لنا محمد النازح في أحد مراكز الإيواء في جباليا البلد أنه بشكل يومي يتم إلقاء قنابل دخانية وصوتية على فناء وبوابة المدرسة لمنع النازحين من الخروج من المدرسة، حتى لو لإحضار مياه الشرب، ناهيك عن صوت طائرات الاستطلاع والكواد كابتر الذي يصم الآذان ويدب الرعب في قلوب الأطفال ومن في المكان.

يقول لموقعنا: "لا نستطيع الخروج من المدرسة وهناك عوائل كثيرة تشعر بالخوف والرعب ولا تعلم ماذا تفعل وإلى أين ستذهب فلا خيار سوى البقاء، رغم أن الموت يحاصرنا من كل مكان".

يردف أن شقيقته محاصرة داخل مستشفى الأندونيسي الذي خرج قسرا عن الخدمة، يتواصلون معها بصعوبة، وهي تؤكد أن الأوضاع صعبة للغاية فهم في حصار مطبق بدون مأكل أو مشرب.

يضيف: إن هناك مجموعة من النساء كانت تعد الخبز مقابل مستشفى الأندونيسي، لإعطائه إلى المحاصرين داخل المستشفى ومراكز الإيواء القريبة لكن تم استهدافهم من أجل تجويع النازحين.

يؤكد أن هناك طوقاً أمنياً كبيراً على من يتحرك حتى سيارات الإسعاف والدفاع المدني يتم استهدافها، فالناس تصاب وتنزف حتى الوفاة، نظرا لصعوبة تحرك سيارات الإسعاف.

المنفذ الوحيد لأهالي مناطق الشمال هو دوار أبو شرخ الذي من خلاله يصلون مدينة غزة، وهو مطوق من قبل طائرات ودبابات الاحتلال "الإسرائيلي"، والمحاصرزن داخل مناطق الشمال حكم عليهم بالإعدام في ظل تعنت الاحتلال ومنعه إدخال المساعدات وفرض سياسة التجويع على أهالي الشمال.

الموت محيط بهم في كل مكان

تقول أم أسامة التي تقطن في مخيم جباليا: إنه في مساء الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر تناثرت القذائف عليهم في كل مكان، وبعدها ألقى عليهم جيش الاحتلال منشورات تطالب سكان منطقة (D5)، أن ينزحوا إلى ما تسمى المنطقة الآمنة جنوبي قطاع غزة، علماً أنه لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة .

تواصل: "نزحنا إلى جباليا البلد وبعدها ألقوا منشورات جديدة تأمر بأن ننزح إلى مواصي خان يونس وتوجهنا إلى غرب غزة ".

تتابع في وصف ما عاشت: "كان الوضع مرعباً جداً، قصف ونسف للمباني في كل ثانية عدا عن القذائف التي تسقط دون توقف، خرجنا بأعجوبة من تحت النيران لم نتخيل أننا سننجو، لم نشعر بالأمان منذ بداية العدوان على غزة، تعبنا من تكرار النزوح وعدم الاستقرار في مكان".

تتواصل أم أسامة بصعوبة مع أختها وعائلتها التي تزال محاصرة، وأصرت على البقاء رغم الظروف الصعبة التي تعيشها على مدار الساعة، حتى أن ابنها أصيب وهو يحاول تعبئة المياه لأهله وبصعوبة تلقى العلاج وتم نقله إلى مستشفى كمال عدوان.

تؤكد أم أسامة أنهم يعيشون في متاهة لا يعلموا ماذا سيحدث وما المجهول الذي ينتظرهم؟

نفس التجربة القاسية عاشتها شيماء التي نزحت من مخيم جباليا بصعوبة تحت انهيال القذائف والقنابل الدخانية في كل أرجاء المخيم، وفي تلك اللحظات علمت شيماء أن هناك توغلاً لآليات الاحتلال "الإسرائيلي"، والدبابات توجهت من ناحية الشرق باتجاه مخيم جباليا، وتقدمت حتى تمركزت عند دوار أبو شرخ ووضعوا سواتر رملية بعد ذلك لتطويق المنطقة.

موضوع ذو صلة: "أونروا: الوضع في شمال غزة خطير للغاية ولا يوجد ممرات آمنة لوصول المساعدات

في شمالي قطاع غزة، صار السكان على دراية بالتعامل مع توغل قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، فهذا الاجتياح الثالث لمناطق الشمال منذ بداية حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

تقول: إن أوضاع من بقي في مناطق الشمال صعب للغاية، "خالتي موجودة في منطقة المشروع في بيت لاهيا ، ولا يوجد ماء ولا طعام ، ومن يذهب ليحضر المواد الغذائية يتم استهدافه من قبل القذائف المدفعية أو القناصة.

هناك العديد من النازحين افترشت الشوارع لا يعلمون إلى أين سيذهبون، يركضون من هول القذائف والقصف،وهم يعلمون أنه لا يوجد مكان آمن في كل قطاع غزة.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد