دفع العدوان "الإسرائيلي" المتواصل على لبنان، واتساع نطاقه بشكل يومي، مئات العائلات من أبناء المخيمات الفلسطينية إلى النزوح بشكل واسع من مخيمات الجنوب وبيروت والبقاع إلى مناطق تُعدّ أقل خطراً، وذلك منذ ما يقارب الشهرين.
لكن مع أولى قطرات المطر وتزايد برودة الطقس، تتفاقم معاناة النازحين، الذين لم يحملوا معهم سوى ملابسهم الصيفية إلى مراكز الإيواء التي وفرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ومنها مراكز إيواء مخيم نهر البارد شمالي لبنان.
اعتمد النازحون بشكل كبير على الوكالة، التي لطالما تعهدت باستعدادها لأي طارئ من خلال خطط طوارئ، ولكن مع اقتراب الشتاء، اكتشف اللاجئون أن استعدادات الوكالة لم تلبِ احتياجاتهم الأساسية؛ فلا طعام كافٍ، ولا ملابس تقيهم البرد، ولا بطانيات أو مستلزمات تضمن لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
نقص الخدمات وغياب الاحتياجات الأساسية وتشديد على تأمين ملابس الشتاء
وسيم قبيعان، نازح من مخيم البص بمدينة صور جنوبي لبنان، قال في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "الأوضاع في مراكز الإيواء مأساوية للغاية، لدرجة أنني أصفها بالمزرية".
وأشار إلى تقصير وكالة "أونروا"، مضيفاً: "لم تقدم لنا الأونروا سوى سقف وجدران وأرضية، بالإضافة إلى فرشة وبطانية، وطعام قليل جداً". وناشد قبيعان بتوفير الملابس الشتوية للأطفال، ووسائل التدفئة، على الأقل البطانيات لمواجهة برد الشتاء.
كما عبّر عن امتنانه لأهالي مخيم نهر البارد الذين بادروا إلى تقديم بعض الملابس الشتوية والبطانيات، لتخفيف حدة البرد على النازحين.
الطفل زكريا، نازح من تجمع جل البحر في صور، قال لموقعنا: إنه يرتدي ملابس صيفية، لأن هذا كل ما استطاع أهله أن يؤمّنوه له، وطالب "أونروا" بتوفير ملابس شتوية له وللأطفال الآخرين، مشيراً إلى أنه يشعر بالبرد الشديد، خصوصاً عند هطول المطر.
وائل محمد، نازح من مخيم برج الشمالي، قال: "غادرنا مخيمنا بملابس صيفية، ولم نكن نعتقد أن الحرب ستطول حتى فصل الشتاء، لنجد أنفسنا الآن دون أي ملابس شتوية تقي أجسادنا من البرد". مطالباً وكالة الأونروا بتوفير الملابس الشتوية والبطانيات، خاصة للأطفال.
اللاجئ وليد ياسين، نازح من مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، أعرب عن ألمه قائلاً: "غادرت منزلي بملابسي، ولا أملك أي ملابس شتوية لأرتديها. أتمنى العودة إلى منزلي حتى لا أتعرض للذل أكثر في مراكز الإيواء، ولتجنب شعور الإهمال من الأونروا".
أبو ربيع، أحد النازحين من مخيم برج الشمالي، عبّر عن استيائه من قلة الخدمات التي تقدمها "أونروا"، وقال: "لم توفر لنا الوكالة سوى سقف نحتمي به من حر الصيف وبرد الشتاء، متجاهلة الحاجات الأخرى الأكثر أهمية".
وطالب الوكالة بتوفير كل ما يلزمهم وهم على أبواب فصل الشتاء، مشيراً إلى خطر الأمراض التي قد تصيب الأطفال، مثل الإنفلونزا وأمراض أخرى، في حال بقاء الوضع على ما هو عليه.
حالات مرضية تتطلب عناية خاصة
أحمد ياسين، نازح ومريض بالأنيميا، وقد أجرى مؤخراً عملية في الورك، يتحدث عن معاناته قائلاً: "إذا لم أتناول أدويتي، أشعر بألم شديد، ولا أستطيع تحمل برد الشتاء، وإذا شعرت بالقليل من البرد فإن الألم يشتد".
وأوضح ياسين، أنه بسبب مرضه نُقل إلى المستشفى لمدة أربعة أيام وهو نازح، وناشد "أونروا" بتوفير وسائل تدفئة وغذاء وعلاج، لأنه غير قادر على العمل لتغطية احتياجاته. واختتم حديثه بالمثل القائل: "ما حدا بشعر بوجعي إلا اللي متلي".
وأشار ياسين إلى الأمراض التي ستحل بالأطفال لو بقي الوضع على هذا الحال، من انتشار الأمراض الموسمية، ولا سيما الإنفلونزا وأمراض أخرى، لافتاً إلى واجب "أونروا" بتقديم تقدم لهم كل ما يحتاجونه لتفادي برد الشتاء والأمراض وبالأخص عند الأطفال.
مع تزايد برودة الطقس وتضاعف معاناة النازحين، تتزايد الدعوات للوكالة والمؤسسات الإنسانية للاستجابة العاجلة لتلبية احتياجات النازحين من ملابس شتوية، بطانيات، ووسائل تدفئة، لتفادي تفاقم الوضع الإنساني في مراكز الإيواء، خصوصاً مع تصاعد المخاوف بأن يطول أمد العدوان، ما سيؤدي إلى تفاقم الحاجات مع ازدياد موجات النزوح المتوقعة.
هطلت الأمطار للمرة الأولى ومئات العائلات الفلسطينية نازحة في مراكز الإيواء التابعة لوكالة #الأونروا في #مخيم_نهر_البارد
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) November 7, 2024
قلق وتخوف من اشتداد البرد وقد نزحوا بملابسهم الصيفية ولا تتوفر لديهم مستلزمات التدفئة
تابعوا تغطيتنا المستمرةhttps://t.co/vvAQuQ2Zzs pic.twitter.com/DHv42jHQys