في ظل تصاعد العدوان "الإسرائيلي" على جنوبي لبنان والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، يشهد مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين في طرابلس نشاطاً مجتمعياً واسعاً لإغاثة النازحين، فالمبادرات الشبابية والأهلية تتصدر المشهد في تعويض غياب وكالة "أونروا" ومؤسسات المجتمع المدني، مع دعوات لتوسيع نطاق هذه الجهود الإنسانية.
وفتح اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات بيوتهم للنازحين من جنسيات لبنانية وفلسطينية وسورية، تجسيداً لـ"معاني الأخوة والإنسانية"، فشعار "لن نترك من بذلوا الدماء نصرة لفلسطين وغزة" تحول إلى واقع ملموس، وحملته السيارات التي همّت لحثّ الأهالي على مد يد العون لأشقائهم، حيث ساهم سكان المخيم رغم ضيق الحال في توفير مأوى ودعم للنازحين الذين هربوا من حمم العدوان.
"نحن معكم في مخيمات الشمال"، هذا ما قاله محمد ميعاري، أحد المتطوعين في المبادرة، لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، مضيفاً: أن هذه الحملة تهدف إلى إغاثة النازحين من خلال جمع تبرعات عينية من أهالي المخيم لسد ثغرة في هذا الوضع الصعب.
وطالب ميعاري وكالة "أونروا" بتحمل مسؤولياتها والعمل على إغاثة النازحين، وعدم ترك ذلك للشباب "الذين يقدمون ما يستطيعون من خلال مبادرات فردية، لأن هناك عائلات نازحة استأجرت منازل لا يوجد بها أي نوع من الأثاث، وهم بحاجة إلى العديد من الأمور الضرورية للحياة".
ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني من واجبه الوقوف إلى جانب النازحين والشعور بهم، لأن الفلسطينيين عايشوا هذه اللحظات العصيبة.
كما أطلق النادي الثقافي الفلسطيني العربي في مخيم البداوي منذ اليوم الأول لبدء النزوح نداءً عاجلاً إلى أهالي المخيم والمناطق المجاورة، لحثهم على تقديم المساعدة للنازحين المتضررين. وطالب كل من يستطيع استقبال نازحين في منزله أو تأجير بيوت أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم، بالتواصل مع الجهات المسؤولة لتنسيق الجهود.
العلاج والإسعاف
وتواصل وحدات الإسعاف والطوارئ التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني جهوداً كبيرة في تقديم الرعاية الصحية للنازحين وتوفير الخدمات العلاجية، إذ أعلنت وحدة الإسعاف والطوارئ في مخيم البداوي عن استعدادها الكامل لتقديم العناية التمريضية والإسعافية للنازحين في كل مناطق مخيم البداوي وضواحيه.
وفي السياق ذاته، افتتح النادي الثقافي الفلسطيني العربي في المخيم مركزاً طبياً صحياً لخدمة النازحين القادمين إلى المخيم من جنوبي لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية.
ويقول مسؤول العمل الاجتماعي والصحي في النادي الثقافي الفلسطيني العربي، أحمد الأمين، لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن افتتاح المركز الطبي يهدف إلى تقديم بعض الأدوية والحفاضات والحليب والطعام للأطفال، إضافة إلى الخدمات الصحية الأولية بالمجان للنازحين الموجودين في المخيم البداوي وضواحيه.
وتم افتتاح المركز بمبادرة من اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينيين في ألمانيا، الذي ساهم مالياً في تأسيسه وأمّن بعض الأدوية والحفاضات للأطفال والكبار، فيما قام النادي الثقافي بتأمين الحليب وأدوية أخرى.
مطابخ إغاثية
كما افتتح النادي الثقافي مطبخاً إغاثياً. حيث قالت أم ناصر سليمان، إحدى المتطوعات في المطبخ، لموقعنا: إن المطبخ يهدف إلى تخفيف العبء عن النازحين، لافتةً إلى أن حوالي 18 متطوعاً ومتطوعة يعملون في المطبخ بشكل تطوعي وبدون أجر مادي.
ويتم إعداد الطعام داخل مطبخ النادي وتوزيع حوالي 600 وجبة ساخنة يومياً، وشددت على أن ما يقمن به هو واجب عليهن، لما قدمه لبنان تجاه الفلسطينيين.
كما تقوم جمعية البرامج النسائية في مخيم البداوي، من خلال مطبخها، بإعداد الطعام وتوزيع 900 وجبة ساخنة على مراكز الإيواء التابعة لـ "أونروا" في مخيم نهر البارد، بحسب مديرة الجمعية رانيا بهيج.
كسوة الشتاء
ومع حلول فصل الشتاء، افتتح النادي الثقافي سوقاً على شكل بازار في ساحة النادي بمبادرة لتوزيع الملابس على النازحين تحت عنوان "البازار الخيري".
وقال أحمد الأمين لموقعنا: إن عدد قطع الملابس التي تم توزيعها في البازار حوالي 4 آلاف قطعة، لافتاً إلى أن فكرة السوق هدفها أن يختار النازحون بأنفسهم حاجياتهم، وذلك لتفاوت الأعمار، وشدد على أن جميع الملابس التي تم توزيعها هي تبرعات من أهالي مخيم البداوي.
نشاطات ترفيهية
وأقامت جمعية الشباب قادة "YALA" نشاطاً ترفيهياً للأطفال النازحين الذين عانوا من آثار العدوان على لبنان، بالشراكة مع قسم الحماية في وكالة "أونروا"، وقالت منى السعيد، مديرة الجمعية: إن النشاط المفتوح استهدف 50 طفلاً من النازحين من جنسيات مختلفة، وذلك للتخفيف عن الأطفال هول النزوح وما يعيشونه، من خلال أنشطة ترفيهية وهادفة.
ويتفق اللاجئون الفلسطينيون في المخيم وباقي المخيمات الأخرى أن "أونروا" هي الجهة المعنية بإغاثة النازحين واللاجئين، وعليها العمل بمسؤولية تجاه الشعب الفلسطيني في هذه الحرب الهمجية،داعين الوكالة إلى التحرك بشكل فوري والعمل على حماية اللاجئين من "الخطر القادم".
ويواصل جيش الاحتلال عدوانه على المناطق اللبنانية منذ صباح الاثنين 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، وسط تصاعد في موجات النزوح من المناطق التي يطالها العدوان.