التعليم عن بعد بين الفرص والتحديات

عام دراسي استثنائي للطلبة الفلسطينيين في لبنان

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
مجمع مدارس مجدو ومزار المختلطة التابع لـ"أونروا" في مخيم نهر البارد
مجمع مدارس مجدو ومزار المختلطة التابع لـ"أونروا" في مخيم نهر البارد

وسط تداعيات العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، انطلق العام الدراسي 2024-2025 لطلاب وكالة "أونروا" في لبنان يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر، وجراء الظروف الأمنية الاستثنائية، تبنت الوكالة التعليم عن بعد، وبدأته بـ"مرحلة الاستعداد"، التي تهدف إلى بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز العافية النفسية للطلاب، حسبما أوضحت في بيان سابق لها، ومع ذلك، فإن هذا النموذج التعليمي يواجه تحديات كبيرة أظهرها الأهالي والطلاب خلال الأسابيع الأولى.

بين الجدران الأربعة: أصوات الأمهات 

زينة منصور، وهي أم لطفلتين، تصف الصعوبات التي تواجهها: وتقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "أنا أم ومربية منزل وامرأة عاملة. لدي ابنتان، الكبرى في الصف الأول الإعدادي والصغرى في الروضة الثانية، وكلتاهما تتلقيان الدروس عن بعد، أما من ناحية إيجابية، الأطفال في أمان في المنزل في ظل الظروف المتأزمة، لكن هناك العديد من العقبات".

وتضيف منصور: أكون في عملي خلال وقت الدراسة، وعند عودتي يجب أن أؤدي أعمال المنزل، مما يجعل متابعة الدروس صعباً، بالإضافة إلى ذلك، الهاتف الذي أملكه من الطراز القديم لا يدعم تطبيقات التعليم، وابنتي الصغرى تعاني من فرط الحركة، فلا تستطيع ضبط نفسها أو التركيز عبر الهاتف. بالنسبة لها، الهاتف يعني الألعاب وأفلام الكرتون.

وعن مشاكل شبكة الإنترنت أشارت منصور: نحن الآن في فصل الشتاء، ونعاني من ضعف شديد في الإنترنت، وليس لدينا الإمكانيات لتوفير المتطلبات الكافية للدراسة عن بعد.

أما أم زكريا قمر، فتقول: "نحن الآن في مرحلة الأنشطة، ولم ندخل بعد في مرحلة الدراسة الجدية، لكنني أواجه مشكلة كبيرة، ولدي أكثر من طفل في المدرسة، ولا أملك سوى هاتف واحد، هنا تكمن الصعوبة في كيفية تقسيم الوقت بينهم".

وتضيف قمر: هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن طفلتي الصغيرة في الصف الأول تحتاج إلى تأسيس في القراءة والكتابة. هذا يتطلب أن تكون داخل الصف لتتمكن من التركيز بشكل جيد.

أما أم تيم زعرورة توضح رؤيتها للصعوبات التي تواجهها وتقول: هناك العديد من العقبات مع التعليم عن بعد، أبرزها عدم الجدية في الدراسة، فالطالب لا يأخذ الدروس على محمل الجد، ولا يمكن إيصال المعلومات إليه بنفس كفاءة المعلم داخل الصف، الذي يمتلك خبرة أوسع وأشمل.

وأضافت: من الصعب ضبط الطالب للجلوس والتركيز على الدراسة، خصوصًا في الصفوف الأولى. الأطفال يتململون بسرعة، ولا يدركون أهمية المتابعة الجدية. التعلم ضمن مجموعات وزملاء الصف يساعد الطفل على الفهم، وهذا مفقود تمامًا في التعلم عن بعد.

بين التحديات والطموح: شهادات الطلاب

تقول الطالبة بتول خضير لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: الدراسة عن بعد جيدة نوعاً ما، لأنني أستطيع مشاهدة الفيديوهات التي ترسلها المعلمة أكثر من مرة حتى أفهمها. لكنني أواجه بعض الصعوبات أحيانًا عندما لا أستطيع فهم أمور معينة بمفردي.

وتضيف خضير: لدي أخت في الصف الثاني، وتواجه أمي صعوبات معها أيضًا. المعلمة تجري اتصالات جماعية مع الطالبات، لكن هناك الكثير من الضجة؛ الجميع يتحدث في الوقت نفسه، فلا نستطيع فهم ما تقوله المعلمة.

وتتابع توضيحها لمسألة التعليم عن بعد كما تراها: أمي تعيد تشغيل الفيديوهات عدة مرات حتى تستطيع شرحها لأختي. وأحيانًا تقطع الكهرباء أو الإنترنت عندما يكون هناك وقت محدد لإرسال المهام المطلوبة، مما يجعل الالتزام صعباً.

أما الطالبة مها عبد الحفيظ، فتتحدث عن تجربة مزعجة وتقول: الدراسة أونلاين بالنسبة لي مزعجة للغاية، فالفيديوهات كثيرة والدرس الواحد يتطلب مشاهدة عدة مقاطع. أحياناً لا يسمح الإنترنت بتحميل جميع الفيديوهات.

وتتابع حول الصعوبات: الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشة يسبب لي آلامًا في رقبتي، كما أنني لا أشعر بجو الدراسة أبدًا. التعليم عن بعد يفتقر إلى الأجواء التي تجعلنا نركز ونشعر بأننا في صف دراسي.

تهيئة نفسية واجتماعية قبل التعليم الأكاديمي

وفي بيان رسمي، أوضحت "أونروا" أن "مرحلة الاستعداد"، التي تستمر أسبوعين، تهدف إلى تعزيز الروابط بين الطلاب ومعلميهم وأقرانهم، مع التركيز على دعم العافية الاجتماعية والعاطفية للطلاب.

وتضمنت هذه المرحلة أنشطة مصممة لمساعدة الطلاب على تطوير مهارات مثل الوعي الذاتي، التعامل مع الضغوط، والتعاون ضمن المجموعات.

وأشارت الوكالة إلى أن هذه الأنشطة تُنفذ يومياً لمدة ساعة، على مدار أربعة أيام في الأسبوع، لتشجيع مشاركة الطلاب. كما يتابع المعلمون مع الأهالي لدعم التزام الأطفال بهذه المرحلة.

وبين تحديات الإنترنت، ضيق الوقت، والحاجة إلى تأسيس تعليمي قوي للأطفال، يبقى التعليم عن بعد ضرورة فرضتها الظروف الاستثنائية، حسبما تؤكد الوقائع، ورغم المبادرات التي أطلقتها "أونروا" لتخفيف الأعباء النفسية والاجتماعية، تبقى أصوات الأمهات والطلاب تذكيراً صارخاً بأن التعليم هو أكثر من مجرد محتوى أكاديمي، بل تجربة تتطلب بيئة متكاملة لتحقيق النجاح، وهو ما حرم منه الطلاب الفلسطينيون في لبنان جراء العدوان " الإسرائيلي" المتواصل.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد