السويد - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
لم ينتظر اللاجئ الفلسطيني محمد سقيرق الواصل إلى السويد قبل سنة ونصف قرار منحه إقامة، وما يرافق ذلك من تعقيدات ووقت، بل أخذ زمام المبادرة ليتحول من طالب لجوء إلى شخص فاعل ومؤثر في المجتمع الجديد عليه.
يسرد سقيرق حكايته لموقع بوابة اللاجئين: "بالعودة أربع سنوات إلى الوراء لم يكن يخطر ببالي ابداً أن ينتهي بي المطاف في السويد ، خرجت عام 2013 من سوريا إلى لبنان بسبب ظروف الحرب، وبعد رحلة بحث طويلة حصلت على عمل في مكتب هندسي كرسام تخطيط ،كوني أحمل دبلوم هندسة ديكور، وقررت الإلتحاق بالجامعة اللبنانية لإكمال دراستي، وهنا زاد شغفي في مجال الديكور والتصميم الداخلي".
يتابع سقيرق: "خلال فترة دراستي في الجامعة واجهتني عدة صعوبات، لعل أبرزها مشكلة الإقامة في لبنان، حيث لا يُمنح للفلسطيني السوري سوى إقامة مدتها ثلاثة أشهر، تُجدد دورياً، وحينها كان التفكير في المستقبل هاجسي الأكبر."
وهنا كانت أوروبا الخيار الوحيد المُتاح امام الفلسطيني والذي يٌمكن التعويل عليه، كون الوصول إليها لا يحتاج سوى إلى اجتياز بحرٍ صار الملاذ الوحيد لفلسطينيي سوريا، رغم انه ابتلع العشرات منهم.
وفي أيلول / سبتمبر عام 2015 ترك محمد لبنان وتوجه إلى أربيل، ومنها إلى تركيا لتبدأ رحلة لجوئه المحفوفة بالمخاطر، بدءاً من القارب المطاطي المكتظ باللاجئين، ومروراً بقطاعي الطرق المتربصين على طريق البلقان، وصولاً إلى حرس الحدود وكلابهم البوليسية وأسلاكهم الشائكة المزروعة على الحدود الهنغارية.
يقول سقيرق: "بعد اجتيازي لكل تلك المخاطر، وصلت إلى ألمانيا وتنفست الصعداء، و على الفور ركبت القطار المتوجه إلى السويد ، وفي الطريق توقف القطار عند محطة يوجد فيها عدد كبير من رجال الشرطة الألمانية الذين فتشوا القطار، واقتادوا جميع اللاجئين إلى قسم الشرطة وأخذوا بصماتهم وجميع أوراقهم الثبوتية، من هنا بدأ فصل جديد من المعاناة،فانا لم أعد أحمل في جعبتي أي ورقة تثبت شخصيتي ، ولا حتى شهادتي التعليمية."
تابع محمد بيئس طريقه ليصل إلى السويد ، وعند تقدمه بطلب اللجوء أخبر دائرة الهجرة بما حدث معه وأنّ جميع أوراقه الثبوتية في ألمانيا، فوعدوه بأنهم سيتواصلون مع السلطات الألمانية لجلب الأوراق، وحينها بدأت محنة الإنتظار الطويل في مأوى لللاجئين.
يقول سقيرق : " كان الوقت يمر ببطئ شديد في ذلك الكامب المكتظ باللاجئين القادمين من بلاد مختلفة وكان الوضع أصعب مما تخيلت بكثير ." يضيف: "حاولت استثمار ذلك الوقت الطويل بتطوير نفسي من خلال العمل على برامج تصميم جديدة لم أكن قد عملت بها سابقاً، ما أكسبني مهارات وخبرات جديدة في مجال التصميم، و شعرت أنّ هذه هي البداية فقط و يجب علي فعل المزيد و بدأت بتعلم اللغة السويدية من خلال الذهاب الى أحد المراكز التطوعية التي كانت تقدم الدورات المجانية للاجئين والتي أدخلت إلى حياتي مفهوماً جديداً وهو العمل التطوعي.
العمل التطوعي هو الحل
فكر "محمد سقيرق" كثيراً بالعمل التطوعي و الآثار الايجابية التي يمكن ان نجنيها من استثمار فترات الانتظار الطويلة التي يقضيها اللاجئون بانتظار الحصول على قرار الإقامة، وعلى الفور بدأ بوضع بعض الافكار التي ما لبثت أن تُرجمت إلى أفعال على أرض الواقع.
بدأ مع مجموعة من الشباب المختصين في مجال التصميم والديكور بافتتاح دورات في الفوتوشوب و ثري دي ماكس و التصوير الفوتوغرافي وكان الإقبال على تلك الدورات لافتاً، خصوصاً من قبل طالبي الجوء من المهندسين والمصممين والذين يودون إستكمال دراستهم في هذه المجالات، يقول سقيرق: "نعم لقد نجحنا في استثمار فترات الإنتظار الطويلة المليئة باليأس والمعاناة وحولناها إلى فرصة للتعليم والتطوير والإندماج".
بعد عدة أيام من إجراء هذا اللقاء حصل محمد على حق الإقامة عقب فترة انتظار أستمرت أكثر من سنة ونصف.