عائلة فلسطينية من مدينة غزة وجدت نفسها نازحة بين ليلة وضحاها داخل خيمة صغيرة على الشاطئ تصارع ارتفاع أمواج البحر من ناحية، ومن ناحية أخرى همّ الحصول على القوت اليومي من طعام وشراب في شبه المأوى الذي يعشونه فيه والذي لم يعد يصلح لإيوائهم من البرد القارص عقب أن لفظ البحر ما تبقى من متاعهم داخل تلك الخيمة التي ترسو على الشط كما القارب المثقوب دون أي إمكانات تنقذهم وتحمي أطفالهم.
انعدام المأوى وشح الطعام والشراب معاناة مضاعفة تعيشها العائلة
عدي عليوة وعائلته الصغيرة واحدة من الأسر النازحة بفعل اندلاع حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي تعاني انعدام المأوى وشح الطعام والشراب في أزمات متفاقمة يعيشها 2 مليون نازح فلسطيني، ومع دخول فصل الشتاء صار النازحون يصارعون للبقاء على قيد الحياة لا سيما الذين يبيتون في الخيام أو العراء.
ويروي عدي عليوة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: " عندي 3 أطفال مع زوجتي 5 من سكان غزة ونزحنا مع الحرب اجيت على رفح بعدين جينا على دير البلح وعملنا خيمة على البحر والامواج ارتفعت علينا وغرقت الخيمة ثم اخد البحر الفراش والاغطية والحمام وتبقى ما تبقى في الخيمة".
خيمة النازح عليوة كانت آخر خيمة لجوء قد تبقت بحسب وصفه على شاطئ البحر بعد أن تمكن غالبية النازحين من العثور على مأوى أخر إما داخل منازل مستأجرة أو ضمن خيارات أخرى إلا أنه لم يحظ بأي منها لافتقاره إلى مصدر دخل يلبي الحد الأدنى من احتياجات عائلته وأقلها المأوى الذي هم بأمس الحاجة إليه.
انعدام المساعدات الإنسانية وفرص العمل
ويعيش عليوة و زوجته وأطفاله الثلاثة على التكية الخيرية وما يوزع من مياه مجانية حيث يضطر في غالبية الأحيان لإرسال أحد ابنه للحصول على ما يمكن نيله من طعام داخل التكية الخيرية أو نيل بعضاً من المياه الصالحة للشرب والاستخدام ومعظم تلك الأيام القاسية لا تجد العائلة ما تأكله ولا تشربه وتبيت لياليها خاوية المعدة و أفواه عطشة إلى الماء.
ويقول عليوة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "هناك ناس خرجت لتتاجر ولكن انا لا يوجد لدي اجر حتى لو وجدت مكان لا يوجد لدي ايجار سيارة للنقل، عايش على التكية والمياه التي توزع مجانا بقيت وحدي هنا بسبب عدم وجود دخل يعيلني".
وتابع: "منذ ان نزحنا من غزة وانا قاعد لا يوجد فرصة عمل بطلع ابني على التكية أحيانا يجد ما ياخذه وأحيانا لا والمياه وانا اضطر لأهل الخير صعبة قد ما احكيلك كله على النار كنت الملم الورق والبلاستيك لتوليع النار لتسخين مياه او عمل حليب للطفلة".
ولم تتمكن الأسرة النازحة من الحصول أيضاً على الحد الأدنى من المساعدات التي تمنحها المنظمات الأممية أو غيرها من مؤسسات الخير لقلة ما توزعه ولصعوبة تصنيف وإدراج أسماء المحتاجين حيث لم يعد أحد غير محتاج داخل قطاع غزة الذي يعاني من حصار لعقود و منع سلطات الاحتلال من دخول شاحنات المساعدات الإنسانية و الأدوية بشكل متعمد ضمن سياسة التجويع.
أغطية مهلهلة لا تقي العائلة وأطفالها برد الشتاء
ومن جهتها تشكو زوجة عدي من برد الشتاء القارص الذي حل فجأة وهم يعيشون داخل خيمة صغيرة ومهترئة بفراش وأغطية مهلهلة لا يمكنها أن تقي الأطفال هذا الصقيع لا سيما أنهم أمام شاطئ البحر الذي يعبره رياح شديدة في غالبية الأيام والتي كانت سبباً في اقتلاع الخيمة عدة مرات.
وتخشى الزوجة على طفلتها الصغيرة من برد الشتاء حيث تعمد إلى لفها بأحد الأغطية لا سيما أنها لا تملك ملابس ملائمة للبرد كما لا يمكنها ارتداء الحفاضات التي تحتاجها في مثل هذا السن كونها باهظة الثمن والتي أضحت أيضاً رفاهية يصعب الحصول عليها إلا لمن يملك المال، كما أن العائلة لم تعد تمتلك أبسط مقومات الحياة وهي الحمام لتلبية حاجتها بعد أن جرفته أمواج البحر.
0%
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) December 2, 2024
تغطية صحفية| يعيش مع زوجته وأطفاله في نصف خيمة وسط أجواء شتوية قاسية تهدد حياة أطفاله
النازح من مدينة #غزة إلى شاطئ دير البلح، وبعد نزوح متكرر لا يملك اليوم ثمن خيمة ولا قوت يومه
لنتابع قصته #غزة_الآن pic.twitter.com/wLnerPVN7x
وكانت المكتب الإعلامي الحكومي قد أعلن قبل عدة أيام عن تعرض10 آلاف من خيام النازحين للغرق، بينما يهدد ارتفاع منسوب المياه في البرك باجتياح المياه للمنازل.
وأطلق المكتب الإعلامي في بيان نداء استغاثة إنساني عاجل للمجتمع الدولي ولجميع دول العالم ولكل المنظمات الدولية والأممية، لإنقاذ مئات آلاف النازحين بقطاع غزة قبل فوات الأوان.
وأوضح أن جيش الاحتلال منع إدخال 250 ألف خيمة وكرفان (منازل متنقلة) إلى القطاع في ظل واقع إنساني خطير.
كما حذرت منظمات أممية أبرزها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من حلول فصل الشتاء الذي يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية التي يعيشها النازحون في قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية "إسرائيلية" منذ 14 شهرا.
وأكدت على أن النازحين يعيشون أوضاعاً مأساوية في ظل الأمطار الغزيرة، والرياح الشديدة، وارتفاع أمواج البحر، مع استمرار النقص الحاد في المساعدات الإنسانية