جددت أجهزة السلطة حملتها على مقاتلي كتيبة جنين وسط عودة الاشتباكات المسلحة في ظل مواصلة حصار مخيم جنين وسكانه في إطار ما أسمته السلطة بـ "العملية الأمنية" التي دخلت يومها الثاني عشر على التوالي، فيما دوت أصوات انفجارات لعبوات ناسفة تحت أزيز أصوات الرصاص الحي المتبادل.
ويأتي تجدد الاشتباكات على وقع ما أعلنت عنه أجهزة السلطة حول بدء تنفيذ المرحلة ما قبل الأخيرة للعملية التي أطلق عليها "حماية وطن" وهو ما جاء به الناطق باسم أمن السلطة، أنور رجب، في بيان على أن الحملة تأتي "في إطار جهود حفظ الأمن والسلم الأهلي وبسط سيادة القانون، وقطع دابر الفتنة والفوضى في مخيم جنين".
وزعم رجب أن هدف ما أسماها بـ "جهود استعادة مخيم جنين من سطوة الخارجين على القانون، الذين نغصوا على المواطن حياته اليومية، وسلبوه حقه في تلقي الخدمات العامة بحرية وأمان".
وشهد المخيم خروج مظاهرات واسعة تطالب السلطة بالانسحاب وكف أيديها عن المقاومين، بالمقابل قمعت أجهزة السلطة هذه المظاهرات وسط إطلاق قنابل الدخان و النيران الكثيفة.
وفي السياق أظهرت مشاهد معاناة السكان مع استمرار حصار السلطة لمخيم جنين الذي تجاوز أسبوعاً كاملاً ، حيث بدأ أهالي المخيم يجمعون الماء من حفر بشوارع وأحياء المخيم عقب انقطاع المياه والكهرباء.
ونقل موقع "ألترا فلسطين" عن عضو اللجنة الشعبية في مخيم جنين فرحة أبو الهيجا تأكيدها أنه نتيجة الاشتباكات في المخيم ومحيطه أصيبت محولات الكهرباء، ما أدى إلى تعطلها وانقطاع التيار الكهربائي، عدا عن انقطاع خدمات الهاتف والإنترنت.
وقالت أبو الهيجا: إن خزانات المياه أصيبت أيضًا، وحصل نقص في الموارد الأساسية في المخيم، بالإضافة إلى تعطل الخدمات الأساسية والصحية والمدارس، وإغلاق المتاجر والبنوك، وبالتالي تعطيل حياة الناس اليومية في جنين بالكامل.
ورفضت أبو الهيجا تحميل أي جهة المسؤولية عن تعطيل الخدمات، قائلة: "لا نستطيع تحديد الجهة التي أدت إلى إصابة محولات الكهرباء وانقطاع التيار الكهربائي، لكن هذا يشكل عائقًا للحياة اليومية في المخيم".
وأشارت فرحة أبو الهيجا إلى أن خدمات وكالة "أونروا" معطلة قبل التوتر الحالي، وقالت: إنها تحدثت مع مديرة الوكالة في المخيم، وردت عليها بأن "سبب تعطل الخدمات هو الوضع الأمني وعدم توفر أمان للموظفين".
وأكدت أبو الهيجا، أن كل الحوارات واللقاءات باءت بالفشل، وما زالت الأمور عالقة، ولا يوجد أي جديد، و"نحاول قدر الإمكان عدم تطور الأمور، والعثور على حلول، وننادي بالسلم الأهلي"، وفق قولها.
وكان عدد كبير من الشبان قد خرجوا إلى شوارع مخيم جنين في مسعى لفك الحصار عنه ودعماً للمقاومة وتنديداً باستمرار عملية أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تحاصر المخيم وتطلق نيرانها تجاه الفلسطينيين ومنازلهم.
وفي تطور لاحق داهمت عناصر من أجهزة السلطة منازل الفلسطينيين وفتشتها.
من جهتها، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها: "إن الحملة الأمنية ضد عناصر المقاومة تشكل تجاوزا خطيرا للخطوط الحمراء، وتلقي بظلالها السلبية على العلاقات الوطنية الداخلية"
وأضافت: إن "سلاح المقاومة هو سلاح شرعي، وأن المقاومين ليسوا خارجين عن القانون، بل هم حماة الشعب والمدافعون عنه في مواجهة جرائم الاحتلال. الدور الوطني الذي يقوم به المقاومون لحماية شعبنا من جرائم المستوطنين وجنود الاحتلال يفترض أن يكون أولوية بالنسبة للسلطة الفلسطينية".
وحذرت الجبهة الشعبية مما وصفته بحسابات السلطة الخاطئة "التي ستدفع الوضع الفلسطيني نحو منحدر خطير قد يؤدي إلى اقتتال داخلي"، مشيرة إلى أن هذه الحملة "لن تحقق أهدافها سوى بإشعال المزيد من التوتر، لتصب في مصلحة الاحتلال فقط".
وطالبت السلطة الفلسطينية بالتراجع الفوري عن هذه الحملة، وسحب قواتها من مدينة جنين ومخيمها ورفع الحصار عنها، حتى لا تنتقل هذه الأحداث المؤسفة إلى مناطق أخرى؛ حسبما جاء في البيان.
وختمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بيانها بالقول، إن "الاحتلال نفسه لم يتمكن من اقتلاع المقاومة"، داعية إلى "تغليب لغة العقل والمصلحة الوطنية قبل فوات الأوان، وتشكيل لجنة وطنية لمحاصرة الفتنة وتداعياتها وإعادة الأمور إلى نصابها بما يحفظ السلم الأهلي والمجتمعي".