بعد سنوات من التدمير والتهجير، بدأ مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق يشهد جهوداً جديدة لاستعادة هويته التاريخية ومكانته كرمز للنضال الفلسطيني، وسط آمال بسير عجلة إعادة الاهتمام له، بعد تدميره من قبل النظام السوري وتهميشه المتعمد لسنوات.
مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين جال في أرجاء المخيم، الذي عانى طويلاً تحت سيطرة النظام السوري السابق، ورصد أوضاعاً مأساوية على لسان أهاليه الذين أجمعوا على مجموعة من المطالب الملحة، في مقدمتها إزالة الركام والدمار الذي خلفه القصف الجوي والبري، وإعادة تمديد المياه والكهرباء.
بين الركام... أصوات تنادي بالعودة
أبو سامر، صاحب محل بقالة صغير بين أنقاض المخيم، تحدث عن معاناة الأهالي اليومية قائلاً: "المطالب كثيرة، أولها إزالة الركام من الشوارع وتنظيفها. المياه لا تصل إلا عبر مواسير عشوائية تمتد إلى جزء صغير من المخيم، بينما يعتمد معظم السكان على صهاريج المياه القادمة من بلدة يلدا المجاورة.
أما الكهرباء، فهي كارثة أخرى، يقول "أبو سامر" ويضيف: هناك محولة واحدة تخدم جزءاً صغيراً من المخيم، مما يسبب صراعات دائمة بين السكان حول توزيع خطوط الكهرباء، خاصة في شارع الجاعونة".
وأضاف أبو سامر أن الأسواق والبنى التحتية تحتاج إلى تأهيل عاجل، وأن العديد من اللاجئين غير قادرين على العودة؛ بسبب عدم قدرتهم على ترميم منازلهم التي دُمرت بالكامل.
مخيم اليرموك: من رمز للنضال إلى مشروع للطمس والتهميش
وتعرض مخيم اليرموك خلال سنوات الحرب لدمار شامل، ليصبح سابع أكبر منطقة دمار في سوريا. منذ العام 2018، لم يقدم النظام السابق أي جهود لإعادة تأهيل المخيم، بل على العكس، حاول طمس هويته الفلسطينية وتحويله إلى منطقة سكنية جديدة ضمن مشاريع عقارية بتمويل من رجال أعمال مرتبطين بالنظام.
وشملت هذه السياسات إسقاط صفة "مخيم" واستبدالها بـ"منطقة اليرموك"، وحل اللجنة المحلية التي كانت تدير شؤونه منذ عام 1964، وإزالة العلم الفلسطيني من مداخل المخيم الرئيسية.
في هذا السياق، يقول مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين إن المخيم يبدو الآن كمدينة أشباح خاوية على عروشها، وهو شبه فارغ من السكان باستثناء بضع عائلات، وغياب مظاهر الحياة يعكس تهميشاً متعمداً، ترك سكانه يعانون انعدام الخدمات الأساسية والمرافق الضرورية للعيش.
وفي هذه الأيام، يستذكر أهالي المخيم ذكرى مجزرة "الميغ" التي ارتكبها النظام السوري يوم 16 كانون الأول/ديسمبر من العام 2012، حيث ارتكب النظام البائد مجزرة بقصف جامع عبد القادر الحسيني بطائرات الميغ، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وجرح آخرين، وكانت تلك بداية موجات النزوح الكبرى عن المخيم.
وفي العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2024، نظم أبناء المخيم حملة تهدف إلى إزالة آثار السياسات القمعية التي فرضها النظام السوري المخلوع واستعادة هوية المخيم التاريخية كأكبر تجمع فلسطيني في الشتات، بعد سقوط نظام الإرهاب والمجزرة، وهذه الجهود تأتي في وقت يتطلع فيه اللاجئون الفلسطينيون إلى إعادة بناء المخيم كرمز لحق العودة وعاصمة للشتات الفلسطيني.
اقرأ/ي أيضا: إزالة آثار النظام المخلوع من مخيم اليرموك وإعادة الاعتراف بهويته الفلسطينية
اليوم، تتصاعد دعوات الأهالي لإعادة إعمار المخيم، حيث تتركز مطالبهم على توفير المياه والكهرباء وتأهيل الأسواق والبنى التحتية.كما يتطلع الأهالي إلى استعادة الحياة للمخيم الذي ظل شاهداً على تاريخ طويل من النضال الفلسطيني، رغم ما تعرض له من محاولات ممنهجة لطمس هويته وتحويله إلى جزء من مشاريع تهدف إلى تغيير طابعه الديمغرافي.