طالب المشاركون في مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين الذي أنهى أعماله في العاصمة المصرية القاهرة الدول المانحة بتوفير دعم مالي كافٍ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لتمكينها من وضع خطة تعافي للمخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، بما يضمن تلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين وتوفير الحماية لهم، في ظل التطورات والمستجدات التي شهدتها سوريا ولبنان في الأسابيع الأخيرة.
جاء ذلك في التوصيات الصادرة عن الدورة 112 للمؤتمر التي عقدت خلال الفترة من 15 إلى 19 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة، برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي.
وحملت توصيات المشاركين في المؤتمر تحذيرات من الأوضاع الحياتية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، التي أخذت منحى تصاعديا جراء التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة والعجز المالي المزمن في ميزانية "أونروا"، ما أثر على خدماتها المقدمة لهم.
وتأتي تلك التحذيرات إزاء الخراب الذي أحدثه الاحتلال "الإسرائيلي" باستهداف المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، ولبنان، وسوريا، وتسبب بتدمير البنى التحتية وشبكات المياه والصرف الصحي ومؤسساته الفاعلة.
وتعاني مخيمات قطاع غزة خاصة التي تعرضت للتدمير الكلي الممنهج وارتقاء آلاف الشهداء من اللاجئين الفلسطينيين وعشرات الآلاف من الجرحى، من خلال تدمير البيوت والطرقات والبنى التحتية ومراكز الإيواء والعيادات والمدارس ومراكز التموين التابعة للأونروا، مع استمرار حرب الإبادة والتهجير التي تشنها حكومة الاحتلال على غزة منذ أكثر من 14 شهراً.
موضوع ذو صلة: الحكومة السويدية تُنهي دعمها المالي لـ"أونروا" وسط انتقادات من الوكالة
وأكدت توصيات المؤتمر أن الاستهداف "الإسرائيلي" للمخيمات يهدف إلى إنهاء الشاهد الحي على النكبة الفلسطينية المستمرة منذ عام 1948، وتجريد اللاجئين الفلسطينيين من صفة لجوئهم كمدخل لتصفية قضيتهم العادلة وحقهم المشروع في العودة إلى ديارهم من خلال توطينهم أو تهجيرهم.
وسلطت توصيات المؤتمر الضوء على الهجمات "الإسرائيلية" التي تتعرض لها "أونروا" مشددة على أن مرجعيتها تعود للأمم المتحدة وهي من يحدد مصير عملها وليس "إسرائيل" أو أية رؤى تصدر من دول منفردة، وأن "أونروا" هي المنظمة الدولية الوحيدة المسؤولة عن تقديم الخدمات للاجئين في مناطق عملياتها الخمس وفقا لولايتها وتفويضها الدولي الممنوح لها بالقرار (302) وإلى حين إيجاد الحل السياسي وفقا للقرار (194) ومبادرة السلام العربية.
كما عبّرت تلك التوصيات عن الرفض القاطع لتحمل الدول المضيفة مسؤولية مهام "أونروا" أو أية أعباء إضافية جديدة، كما رفضت إنشاء أي جسم موازٍ أو آلية دولية بديلة عنها، واعتبرت أن أي محاولات من هذا الشأن تشكل خرقا لتفويض "أونروا" الممنوح لها بالقرار (302)، الذي يحث على شراكات المنظمات الدولية المعززة للأونروا في إطار تفويضها وليس بديلا أو نيابة عنها استناداً للمادة (18) من القرار ذاته.
وفي ذات السياق، أدان مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين قرار "سلطة أراضي" "إسرائيل" الاستيلاء على الأرض المقام عليها مقر "أونروا" في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، وتحويله إلى بؤرة استيطانية تضم 1440 وحدة سكنية، مؤكداً أن القرار امتداد للإجراءات "الإسرائيلية" غير القانونية التي تهدف إلى تقويض وجود الوكالة الأممية وولايتها وأنشطتها ودورها باعتبارها منظمة أممية، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة.
وأدان حملة التضليل والتحريض التي تقودها حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" ضد "أونروا" باستخدام الإعلانات التجارية، بما في ذلك اللوحات الإعلانية في العديد من المدن حول العالم، وإعلانات جوجل المدفوعة على مواقع إلكترونية متعددة، بما في ذلك بث خطاب كراهية ضد وكالة الغوث بوصفها بالإرهاب، والمطالبة بتفكيكها.
كما عبر المؤتمر عن دعمه لجهود "أونروا" في تعزيز المساءلة والحوكمة والإدارة والشفافية للحفاظ على البقاء في طليعة الحياد، في ظل المتغيرات السياسة والأمنية التي تشهدها المنطقة، مؤكداً أهمية تنسيق "أونروا" مع الدول المضيفة والأطراف المعنية لتحديد المفاهيم ومعالجة المخاوف، ووضع تنفيذ التوصيات في المسار الصحيح الذي يحافظ على استدامة وفعالية ولاية عملها وبرامجها الأساسية والطارئة، فضلا عن علاقاتها بالمانحين واستقرارها المالي
ودعا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه إلزام الاحتلال "الإسرائيلي" باحترام التفويض الممنوح لوكالة "أونروا" من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتوفير الحماية لمنشآتها وموظفيها ووقف جميع الاعتداءات والإجراءات غير القانونية ضدها وفقاً لقرار مجلس الأمن (2730) في أيار/ مايو 2023 الذي يقضي باحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، كما طالب المفوض العام لـ"أونروا" باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمواجهة القرار "الإسرائيلي".
ودعا المؤتمر، الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لمساءلة "إسرائيل" على جرائمها الممنهجة واستهدافها المباشر والمتعمد لموظفي "الأونروا" ومقراتها.
كما أعرب المؤتمر عن شكره للدول المانحة التي قدمت مساهماتها المالية كاملة لـ "أونروا"، والدول التي قدمت تمويلاً إضافياً ومرنا، وللمانحين الجدد الذين قدموا لأول مرة تمويلاً لها.
وطالب الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم "أونروا" مالياً، من خلال تأمين شبكة أمان مالية مستدامة تعالج أزمتها المالية المزمنة التي تعاني منها ميزانيتها الاعتيادية والطارئة، لتمكينها من القيام بواجباتها وخدماتها تجاه اللاجئين بحسب التفويض الممنوح لها بالقرار 302.
وثمن المؤتمر، جهود "أونروا" التي نجحت مع القطاع الخاص في جمع ما يزيد على 114 مليون دولار لدعم ميزانيتها لعام 2024 الذي ساهم في جسر فجوة التمويل، وحثها للمضي قدما في البحث عن سبل تمويل مبتكرة لحشد موارد مالية إضافية، لتأمين تمويل مستدام لميزانيتها.
وطالب وكالة "أونروا" بالتصدي للقرارات "الإسرائيلية" بشأن إخلاء مقرها في القدس، ودعا البعثات الدبلوماسية إلى زيارة تضامنية إلى مقرها في الشيخ جراح، كرسالة مناصرة لـ "أونروا" ورفض للقرار "الإسرائيلي" وتشريعاته غير القانونية.