أعلنت السلطة الفلسطينية عن قضاء ضابط من "حرس الرئيس" خلال الاشتباكات في مخيم جنين، ليرتفع عدد قتلاها جراء عمليتها "الأمنية" المستمرة على المخيم منذ 24 يوماً إلى خمسة، فيما أثارت مقاطع فيديو متداولة لتنكيل أفراد من أجهزة أمن السلطة بمدنيين فلسطينيين استياء واسعاً.
وأكد الناطق الرسمي لقوى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أنور رجب، في تصريح صحافي، مقتل الرائد حسين أحمد حسن نصار، وهو من مرتبات "حرس الرئيس"، من مدينة يطا في محافظة الخليل، فجر اليوم السبت 28 كانون الأول/ ديسمبر خلال ما أسماها عملية "حماية وطن" في مخيم جنين.
وتواصل أجهزة أمن السلطة "عملية أمنية" أطلقتها لملاحقة من أسمتهم "الخارجين عن القانون" وفرضت حصاراَ مشدداً على المخيم تسبب في تفاقم معاناة السكان الإنسانية بفعل انقطاع الكهرباء والماء، وتهدف من هذه العملية بسحب سلاح كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس في المخيم.
وفي وقت سابق اليوم، شيّع عناصر من أمن السلطة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية الضابط إبراهيم جمعة القدومي، بعد الإعلان عن قضائه عقب إصابته بزجاجات حارقة خلال الاشتباكات في مخيم جنين.
وتستمر السلطة في حصار مداخل مخيم جنين وإغلاقها بالسواتر الترابية، توازياً مع استمرار التوتر بفعل الاشتباكات بين أمن السلطة ومقاتلي كتيبة جنين، وعمدت عناصر السلطة إلى السيطرة على منازل في مناطق مختلفة من المخيم وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وطرد سكانها منها ونشر قناصة عليها.
كما قصفت بقذائف محمولة أمس، منازل يعتقد أن فيها مقاتلين من كتيبة ما أدى لاشتعال النيران فيها.
وأظهرت مشاهد تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي إقدام عناصر من أجهزة السلطة الفلسطينية على التنكيل بفلسطينيين اعتقلتهم خلال حملة اعتقالات شنتها في مخيم جنين لأنهما اعترضا على حملتها الأمنية.
و اعتقلت السلطة خلال حملة الاستدعاءات التي قامت بها، شاب فلسطيني وقامت بالتنكيل به عبر وضعه في إحدى حاويات القمامة وهو مكبل اليدين، فيما أجبرت شاباً آخراً على ترديد عبارات تمجيد لرئيس السلطة محمود عباس "أبو مازن" بعد انتقادهما لعملية السلطة ضد المقاومة في جنين.
و أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين الفلسطينيين، في بيانين منفصلين يوم السبت، أن الفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي وتُظهر أعمالاً عنيفة ومهينة لمعتقلين لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية "تشكل انتهاكًا للقانون"، وطالبتا بالتحقيق في هذه الفيديوهات ومحاسبة من يقف خلفها.
وأعربت الهيئة المستقلة عن قلقها لانتشار هذه المقاطع التي تُظهر قيام ضباط وأفراد من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية "بتعريض مواطنين لأعمال عنف"، بما يشمل الضرب والإهانة، وإجبار آخرين على نشر اعتذارات علنية للأجهزة الأمنية، والتعبير عن تأييدهم لسياسات السلطة.
وقالت الهيئة المستقلة: إن هذه الممارسات "تأتي، على ما يبدو، كرد فعل على ما تعتبره الأجهزة الأمنية تعليقات مسيئة أدلى بها بعض المواطنين في أعقاب مقتل أفراد من الأجهزة الأمنية خلال الاشتباكات المستمرة في مخيم جنين".
من جانبها، دعت نقابة المحامين، "الجهات المختصة"، لاتخاذ إجراءاتها اللازمة في سياق التحقق والتحقيق الفوري في عدد من الفيديوهات المصورة والمنتشرة على صفحات مواقع التواصل، لما تحمل في طياتها من التعدي على أحكام القانون، موضحة أن "هيبة القانون وتكريس مبدأ سيادة القانون وحدة واحدة لا تتجزأ، وصيانة القانون واجب وطني على الجميع".
وأكدت نقابة المحامين، أن "خطورة المرحلة وتسارع الأحداث وجسامة العدوان على شعبنا تستوجب التلاحم والتكاتف وحماية مقدراتنا ومؤسساتنا الوطنية ووحدة الموقف على قاعدة قدسية الدم الفلسطيني، لتفويت الفرصة على مشاريع الضم والتصفية التي تقودها حكومة اليمين الإسرائيلي بغطاء من الغرب الأعمى".
ومع تواصل إراقة الدماء يرتفع عدد الضحايا جراء هذه العملية إلى 9 فلسطينيين، هم 5 من قوى الأمن و4 فلسطينيين بينهم طفل وأحد قادة كتيبة جنين.
وكان قد صرح متحدث باسم "كتيبة جنين" في مقطع مرئي نشر، في 23 كانون الأول/ ديسمبر أن "الكتيبة حريصة على عدم إراقة الدم الفلسطيني، لكن هناك قيادات في السلطة الفلسطينية قدمت مصالحها على حساب الدم الفلسطيني"، وفق تعبيره
وترفض غالبية الفصائل الفلسطينية عملية السلطة وتندد بممارساتها بحق سكان المخيم المعروف بمقاومته للاحتلال وخوضه معارك طويلة ضده، وصدرت بيانات وتصريحات أجمعت فيها الفصائل الفلسطينية على ضرورة إنهاء حصار المخيم ووقف نزيف الدم وعدم ملاحقة المقاومين، والاحتكام لطاولة الحوار الوطني، وسط تأكيدات أنّ ما يجري يتماهى مع أهداف الاحتلال "الإسرائيلي".