وسط استقبال حافل بالهتافات، تجمّعت حشود الفلسطينيين وذوي الأسرى في بلدة بيتونيا بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة فجر اليوم، وطوقت حافلتين تقلان عشرات الأسيرات والأسرى الفلسطينيين من سجن عوفر "الإسرائيلي" المفرج عنهم، وأُطلقت المفرقعات وحيّوا الأسرى برفع إشارات النصر والتلويح بالأعلام.
ونالت 90 أسيرة وأسيرًا، بينهم 20 طفلاً وفتى، حريتهم خارج قضبان الاحتلال "الإسرائيلي" وفق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين "إسرائيل" وفصائل المقاومة الفلسطينية عقب إفراجها عن ثلاث "إسرائيليات" كن محتجزات في القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي ساعة متأخرة من الليل، حيث قاربت الساعة الواحدة والنصف من فجر اليوم الاثنين 20 كانون الثاني/ يناير، كانت الحافلتان تشقان طريقهما في الظلام، وقد أقلّتا المفرج عنهم ضمن القائمة الأولى.
خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية تعانق الحرية
من بين الأسيرات المُفرج عنهن، المناضلة خالدة جرار، القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبدت على ملامحها علامات الإرهاق والألم بعد قضائها نحو 5 أشهر في العزل الانفرادي في سجون الاحتلال.
وهنأت محافظ رام الله والبيرة، د. ليلى غنام، المحررة خالدة جرار، ورافقتها في زيارة ضريح ابنتها وابن شقيقتها عقب زيارتها في مجمع فلسطين الطبي، مهنئة إياها وكافة الأسرى والأسيرات المحررين الذين أُفرج عنهم ضمن صفقة التبادل الأخيرة.
وخلال الزيارة، أشادت غنام بصمود جرار، التي واجهت ظروف اعتقال صعبة تضمنت الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي كإجراء عقابي، موضحة أن الوضع الصحي والحالة الصعبة التي خرجت بها المناضلة جرار تعكس قسوة الظروف الصحية اللاإنسانية التي يعانيها الأسرى وراء قضبان السجون.
وأكدت المحافظ أن قضية الأسرى والأسيرات ستظل محور النضال الفلسطيني، مثنية على شجاعة جرار وصمودها الذي يمثل نموذجًا للمرأة الفلسطينية المناضلة.
وأضافت أن الجرائم المرتكبة بحق الأسرى، بما فيها التعذيب والتجويع والعزل والقتل، يتحمّل مسؤوليتها المجتمع الدولي الصامت على هذه الانتهاكات. كما رافقت غنام جرار إلى زيارة ضريح ابنتها سهى، التي توفيت أثناء اعتقال والدتها سابقًا، وضريح ابن شقيقتها.
ودعت غنام إلى تعزيز الدعم الشعبي والرسمي لقضية الأسرى، ورفع صوتهم في كافة المحافل الدولية.
الأسيرة المحررة والقيادية الفلسطينية، خالدة جرار، عقب الإفراج عنها في صفقة التبادل، تزور ضريح ابنتها سهى، التي توفيت أثناء اعتقالها السابق في سجون الاحتلال "الإسرائيلي". pic.twitter.com/6epgD0rOAe
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) January 20, 2025
شهادات حول ظروف اعتقالهن روتها الأسيرات لحظة الإفراج عنهن
وفي سياق متصل، روت بعض الأسيرات الفلسطينيات المحررات شعورهن لحظة الإفراج عنهن بعد شهور وسنوات قضينها خلف قضبان الاحتلال، حيث واجهن القمع والتعذيب الجسدي والنفسي، فيما تحدثن عن رسائلهن للمقاومة وأهالي قطاع غزة عقب توقف الحرب وإطلاق سراحهن.
طالبة طب فلسطينية تعانق حريتها عقب ستة أشهر
براءة فقها، إحدى الأسيرات الفلسطينيات اللاتي نلن حريتهن اليوم، والتي كانت طالبة طب في جامعة القدس في القدس الشرقية قبل اعتقالها، قضت حوالي ستة أشهر في سجن دامون. احتضنت فقها أفراد عائلتها فور نزولها من حافلة الصليب الأحمر، بعد اعتقالها إداريا في سجون الاحتلال.
ووصفت فقها ظروف احتجازها في السجون "الإسرائيلية" بأنها كانت مروعة، في ظل محدودية إمكانية حصولها على الطعام والماء. وقالت: "كان الأمر كما لو أننا عندما نحاول رفع رؤوسنا، كان الحراس يفعلون كل ما في وسعهم ليدفعوها إلى الأسفل".
وأضافت: "الحمد لله، أنا هنا مع عائلتي، وأنا راضية. لكن فرحتي محدودة، لأن الكثيرين منا، نحن الفلسطينيين، يعانون من التعذيب والإساءة. شعبنا في غزة يعاني. إن شاء الله، سنعمل على تحريرهم أيضًا".
أكاديمية فلسطينية من بين الأسيرات المفرج عنهن
الأسيرة المحررة هديل شطارة كانت من بين الأسيرات المفرج عنهن. تملكتها مشاعر مختلطة بين الفرح بالحرية والألم إزاء الثمن الباهظ الذي دفعه أهالي قطاع غزة لأجل ذلك من دمائهم ومنازلهم. وقالت شطارة (33 عامًا)، وهي أكاديمية في جامعة بيرزيت: "ثمن الحرية كان غاليًا جدًا، سُدد بدماء أهل غزة وبدمار منازلهم". وأضافت: "اليوم الفرحة منقوصة؛ أولًا وضع أهلنا في غزة، ولكن نحن على ثقة أن غزة قادرة على أن تنهض، وستعود أقوى من قبل، ويرجع لها أهلها، ويتم إعادة بناء ما دمره الاحتلال".
وتابعت: "غزة ستعمر بأهلها وناسها، ونحن على ثقة بأن غزة ولاّدة، وراح ترجع قوية وترفع رأسها".
ووصفت الأسيرة المحررة ظروف اعتقالها بأنها صعبة وسيئة للغاية، حيث سُحِب كل شيء من الغرف، ولم يمتلكوا سوى ملابسهن، مشيرة إلى أن أوضاع الأسيرات والأسرى متشابهة، فهم محرومون من كل شيء داخل السجون.
أسيرة مقدسية روت تعرضهن للقمع والتفتيش العاري
الأسيرة المقدسية المحررة روز خويص قالت حول تجربتها عندما دخلت السجن إنها لم تكن تعرف ما هو السجن ولا التحقيق ولا شكل الزنزانة، "لم أتوقع أنه سيئ إلى هذه الدرجة"."وتحدثت عن تعرضها لعدة وعكات صحية، وعدم وجود طعام كاف أو علاج، واصفة السجن بأنه "قبر بس مضوي"، كما كشفت عن تعرض الأسيرات للقمع باستخدام الأسلحة والكلاب، وتفتيش عاري، والتحرش.
الأسيرة حنان معلواني تحدثت عن لحظة تلقيها نبأ الإفراج عنها ضمن الصفقة، وقالت: "إن محاميا تكلم معنا، ولكن لم نكن متأكدين من أنه سيتم الإفراج عنا، نغصوا علينا حتى آخر لحظات.. وزعوا عليا الطعام؛ لأنه لن يُفْرَج عنا. أخرجوا بنات وتركوا أخريات في الغرف.. غلبونا حتى آخر لحظات من التفتيش إلى القمع".
وأضافت: "نترحم على أرواح الشهداء ويشفي الجرحى، فرحتنا ناقصة سواء بأهل غزة أو الشهداء أو الأسيرات اللواتي بقين في السجون.. 3 أسيرات من غزة.. نشكرهم على هذا الإنجاز الذي قاموا به لأجلنا".
أسيرة روت اعتداء الاحتلال عليهن قبل عملية الإفراج
الأسيرة رشا حجاوي من مدينة طولكرم تحدثت عن اعتداء جنود الاحتلال على الأسيرات قبل الإفراج عنهن. وقالت: "الحزن في قلبنا كبير على الشهداء، وعلى الوضع في فلسطين وغزة، شعور مختلط جدا.. الوضع في السجون سيئ جدا، تم قمعنا قبل الخروج الذي كان صعبًا جدًا".
مضيفة: "كلبشونا وجرونا مع تطميم رؤوسنا، وتم رمينا على الأرض.. نزلونا من الباص شحط من رؤوسنا.. الوضع والمعاملة سيئة جدا، قبل أن نصل إلى الصليب الأحمر بقليل تم فك القيود عن أيدينا".
ووفق اتفاق إطلاق النار، سيتم الإفراج عن 1904 أسرى فلسطينيين في المجمل، بينهم 737 أسيرًا معتقلين لدى سجون مصلحة السجون "الإسرائيلية"، بالإضافة إلى 1167 فلسطينيًا من قطاع غزة الذين كانوا قد اعتقلوا خلال العدوان "الإسرائيلي" البري على القطاع.
وتشمل الصفقة في مرحلتها الأولى تحرير 290 أسيرًا من المحكومين بالمؤبد، بالإضافة إلى جميع الأشبال والنساء وعددهم 95، بينهم 87 أسيرة. ويتألف الاتفاق من 3 مراحل، تبلغ مدة كل منها 42 يومًا، وتشمل المرحلة الأولى الإفراج عن 33 "إسرائيليًا" محتجزين في قطاع غزة من أصل 98، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا.