أكد المفكر العربي ومدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، أن إعادة إعمار قطاع غزة يجب أن تكون أولوية عربية، ليس فقط لدعم سكان القطاع، بل أيضاً لإفشال المخططات "الإسرائيلية" والأميركية الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين.
جاء ذلك خلال مقابلة أجراها مع التلفزيون العربي مساء الأحد، حيث شدد على أن التعامل مع هذه التهديدات يجب أن يكون عملياً، وليس مجرد بيانات استنكار وإدانة.
وحذر بشارة من أن الحديث عن تهجير الفلسطينيين من غزة لم يعد مجرد تكهنات، بل قد يتحول إلى واقع إذا لم يكن هناك تحرك فعلي لمواجهته.
وأوضح أن السبيل الوحيد لمنع هذا السيناريو هو إطلاق عملية إعادة إعمار شاملة تضمن بقاء السكان وتحسين ظروفهم المعيشية.
واقترح بشارة تأسيس هيئة عربية وإسلامية مختصة بإعمار غزة، على أن يتم تسليم إدارة هذا الملف إلى خبراء فلسطينيين وعرب ومسلمين، مؤكداً أن فتح معبر رفح باتجاه غزة هو خطوة لا تحتمل التأجيل، لأنه السبيل الوحيد لإدخال المساعدات وبدء مشاريع إعادة البناء.
كما استنكر بشارة التباطؤ العربي في التحرك تجاه غزة، متسائلًا: "لماذا تنتظر الدول العربية التمويل الغربي لإعادة إعمار القطاع؟ ولماذا يُطلب الإذن من إسرائيل، وهي الجهة المحتلة، لفتح معبر رفح؟ ولماذا يُنتظر الضوء الأخضر من ترامب للمضي قدمًا في مشاريع الإعمار؟".
وشدد على أن الموارد المالية المطلوبة لإعادة إعمار غزة أقل بكثير مما تدفعه الدول العربية في استثماراتها الخارجية، مؤكداً أن "إسرائيل" تتحمل مسؤولية مباشرة عن الأوضاع الكارثية في غزة، ولا يمكن إعفاؤها من دفع تعويضات عن الدمار الذي خلفته.
وأشار بشارة إلى أن الاكتفاء بالإدانات والبيانات السياسية لم يعد مجدياً، لافتاً إلى أن القمم العربية السابقة أصدرت قرارات عديدة بشأن غزة، لكن أغلبها لم يُنفذ على أرض الواقع. وأوضح أن التعامل مع الموقف الأميركي و"الإسرائيلي" يتطلب تحركات فعلية، وليس مجرد مواقف إعلامية.
وفي حديثه عن الانقسام الفلسطيني، رأى بشارة أن الدول العربية والإسلامية تملك القدرة على فرض وحدة وطنية فلسطينية حقيقية، عوضا عن الاكتفاء بمحاولات الوساطة التي لم تحقق أي تقدم ملموس.
وأضاف: "لطالما سمعنا أن المقاومة لا تريد الحكم، وتبحث فقط عن توافق سياسي، إذن لماذا لا يُدعى محمود عباس رسميًا لتولي إدارة غزة، لنرى ما إذا كان قادرًا على تحمل هذه المسؤولية؟".
كما جدد بشارة دعوته إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية تشمل جميع الفصائل، بما فيها الحركات الإسلامية وغير الإسلامية، معتبرًا أن ذلك خطوة جوهرية لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالضفة الغربية، أوضح بشارة أن "إسرائيل" تسير بخطوات مدروسة لتقطيع أوصالها وتحويلها إلى كانتونات معزولة، من خلال مئات الحواجز العسكرية وإغلاق القرى وتوسيع المستوطنات.
كما توقع أن يشهد العام الجاري إعلانًا رسمياً بضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى "إسرائيل"، على غرار ما حدث مع القدس المحتلة، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى إلى تمرير قانون في الكنيست لإضفاء الشرعية على هذا المخطط قبل تنفيذه ميدانياً.
واختتم بشارة حديثه بالتأكيد على أن التردد في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن غزة والضفة قد يجعل المخططات "الإسرائيلية" أمراً واقعاً، مشددًا على أن المطلوب اليوم ليس مجرد مواقف سياسية، بل قرارات جريئة ومبادرات عملية لمنع التهجير وإعادة بناء قطاع غزة كمقدمة لإفشال أي مخططات مستقبلية للنيل من الحقوق الفلسطينية.
لمشاهدة المقابلة الكاملة مع المفكر العربي ومدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة