يواجه مئات الطلاب الفلسطينيين السوريين في لبنان، في مراحل الشهادتين الإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى المرحلة الجامعية، تحديات جمة تهدد مستقبلهم التعليمي بسبب عدم حصولهم على الإقامة القانونية، والتي تمنعهم من التقدم لامتحانات الشهادة الرسمية أو متابعة دراساتهم الجامعية.
ويُعتبر هذا الواقع نتيجةً مباشرة لسياسات السلطات اللبنانية التي تُحجم عن منح الإقامات للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان منذ نحو عقد من الزمن، مما يدفع بهم إلى دائرة من الغموض القانوني والحرمان من الحقوق الأساسية.
سامر محمد، أحد هؤلاء الطلاب، يواجه خطر حرمانه من التقدم لامتحانات الثانوية العامة لهذا العام؛ بسبب عدم امتلاكه إقامة قانونية. تقول والدته، التي تعيش في تجمع وادي الزينة في إقليم الخروب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، إن العائلة تبحث عن بدائل محفوفة بالمخاطر، مثل إرساله إلى سوريا لتقديم "البكالوريا الحرّة"، لكن العوائق المادية تحول دون ذلك.
وتضيف: "لا نملك منزلاً في سوريا بعد تدمير منزلنا في مخيم اليرموك، ولا نستطيع تحمُّل تكاليف إقامته وعيشته هناك، خاصةً في ظل الانهيار الاقتصادي"، فيما تعتمد العائلة على معونات وكالة "أونروا" ودخل زوجها المحدود من عمله في مستودع أدوات منزلية، الذي بالكاد يغطي إيجار المنزل ومتطلبات الحياة اليومية.
من جهته، أوضح طالب حسن، مسؤول رابطة فلسطينيي سوريا في لبنان، أن الفلسطيني السوري يُعامَل كـ"غير موجود" في النظام القانوني اللبناني، حيث لم يُمنح إقامة إلا في حالات نادرة تعود إلى موجات النزوح السابقة.
وأشار إلى أن الأجهزة اللبنانية ترفض تجديد الإقامات للاجئين الفلسطينيين من سوريا منذ سنوات، لافتاً إلى وضعه منذ 12 عاماً حيث يتجول في لبنان دون إقامة وأوراق قانونية.
بحسب أرقام وكالة "أونروا"، يعيش نحو 27 ألف لاجئ فلسطيني مهجّر من سوريا في لبنان، 55% منهم كانوا بدون إقامة قانونية حتى العام 2020، دون تحديث لهذه الإحصاءات منذ ذلك الحين.
ويشير مراقبون إلى أن هذه النسبة قد ارتفعت مؤخراً، بعد ان أوقف الأمن العام اللبناني تجديد الإقامات لمن حصلوا عليها سابقاً، منذ أيار/ مايو 2024 الفائت.
تحت هذه الظروف، يحذر نشطاء من تحوُّل جيل كامل من الطلاب إلى ضحايا لتلك السياسات، حيث يُحرمون من التعليم كملاذٍ وحيد لبناء مستقبلهم. ويُطالبون الجهات الدولية والرسمية، وعلى رأسها "أونروا"، بالضغط على السلطات اللبنانية لتيسير إجراءات الإقامة، وضمان حق الطلاب في التعلم، تجنُّباً لكارثة إنسانية جديدة تعصف بفلسطينيي سوريا في لبنان.