لفت مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"، محمود حنفي، إلى التداعيات المحتملة لعملية التحقق الرقمي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان، مشيراً إلى أن هذه الخطوة، رغم كونها أداة عالمية لضبط البيانات، قد تؤدي إلى إشكاليات تتعلق بعدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين رسمياً.

وفي تصريح خاص لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أشار حنفي إلى وجود تفاوت واضح في الإحصاءات، موضحاً أن "إحصاءات الأونروا الرسمية تقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو 500 ألف، في حين تشير بعض الجهات اللبنانية إلى 600 ألف، بينما خلصت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إلى أن العدد لا يتجاوز 170 ألفًا"، معتبرًا أن هذه الأرقام أصبحت "مسألة سياسية بامتياز".

وأضاف أن مديرة "أونروا" في لبنان، دوروثي كلاوس، أطلقت عملية التحقق الرقمي بهدف ضبط الإحصاءات والتمويل، داعياً الوكالة إلى تعديل بياناتها الرسمية وفقاً للأرقام التي تعتمدها، لتجنب أي التباس.

كما انتقد تأخر "أونروا" في الاعتراض على نتائج إحصاء لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عام 2017، والتي قدّرت العدد بـ 174 ألفاً، وهو رقم أقل بكثير مما تعتمده الوكالة رسمياً.

وحول المخاوف الأمنية التي أُثيرت بشأن العملية، أكد حنفي أن "العالم بات مفتوحاً، وأي شخص يحمل هاتفاً قادر على إجراء التحقق الرقمي"، لكنه شدد على ضرورة أن تترتب على هذه العملية تحسينات في الخدمات المقدمة للاجئين، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاوف اللبنانية المرتبطة بالتوطين والتوازن الديمغرافي.

كما عبّر عن قلقه من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تكرار سيناريو عام 1949، حينما أجرى الصليب الأحمر إحصاءً للاجئين الفلسطينيين، ورفض بعضهم التسجيل، ما أدى لاحقاً إلى تصنيفهم كـ"غير مسجلين"، ودفعوا ثمن ذلك بحرمانهم من العديد من الحقوق.

وختم حنفي بالقول: "أخشى أن نصل إلى يوم يتمنى فيه اللاجئون الفلسطينيون لو أنهم أتمّوا عملية التحقق الرقمي. آمل أن يتم استدراك هذه المسألة وتوضيح كافة جوانبها بشكل شفاف".

كلاوس: عملية التحقق الرقمي لا تؤثر على التمويل

وفي سياق حديثها عن عملية التحقق الرقمي التي أجرتها "أونروا" تحت عنوان "الشفافية وتوفير المساعدات لمستحقيها"، أوضحت المديرة العامة لوكالة "أونروا" في لبنان دوروثي كلاوس في تصريحات صحفية، أن الوكالة تمكنت من التحقق من 222 ألف لاجئ فلسطيني ما زالوا على قيد الحياة، ويقيمون في لبنان، في حين أن عدد المسجلين لديها يبلغ نحو نصف مليون لاجئ. وأرجعت الفارق إلى هجرة العديد من اللاجئين خلال السنوات الماضية أو وفاتهم دون إبلاغ الوكالة.

وأكدت أن أغلب العائلات الفلسطينية المقيمة في لبنان قد استكملت عملية التحقق لضمان استمرار حصولها على المساعدات، باستثناء بعض العائلات الميسورة وأفراد لا يملكون أوراقاً ثبوتية، يُقدر عددهم ببضع مئات، مما يجعل الرقم 222 ألفاً قريباً من الواقع الفعلي.

ورداً على تساؤلات بشأن إمكانية تأثير هذا الرقم على حجم التبرعات الدولية، أكدت كلاوس أن الاحتياجات الفعلية للوكالة، تعتمد على الخدمات المقدمة، وليس على عدد المسجلين، مشيرةً إلى أن الوكالة توفر التعليم لنحو 38 ألف طفل، وتقدم 200 ألف خدمة صحية سنوياً، إضافة إلى دعم الاستشفاء لنحو 30 ألف مريض.

وأوضحت أن الدول المانحة طلبت من "أونروا" تنفيذ عمليات تحقق رقمي للمساعدات النقدية، على غرار ما تقوم به وكالات أخرى مثل برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لضمان وصول المساعدات إلى المستحقين.

وشددت على أن عملية التحقق الرقمي لا تستبعد أي شخص يستوفي معايير التسجيل، وأن كل لاجئ أكمل العملية يحصل على المساعدات الغذائية خلال شهر رمضان، مضيفةً أن موارد الأونروا محدودة، ويجب تخصيصها فقط لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

استبدال المساعدات النقدية بالغذائية: قرار المانحين

وحول استبدال المساعدات النقدية بالمساعدات العينية، أوضحت كلاوس أن القرار جاء من قبل المانحين الرئيسيين العام الماضي، نتيجة مخاوف من إمكانية استخدام الأموال النقدية لأغراض غير مرغوب فيها.

ومع ذلك، أكدت أن "أونروا" ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لا تزال تطالب بعودة المساعدات النقدية باعتبارها "الأكثر كرامة وفعالية".

وأشارت إلى أن الحصة الغذائية الواحدة تقدر قيمتها بنحو اثنين وعشرين دولاراً وفق أسعار الجملة، فيما تحصل العائلات المكونة من أربعة أفراد على حصتين غذائيتين، والعائلات الأكبر تحصل على ثلاث حصص.

وفيما يتعلق بالأزمات المتتالية التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، أعلنت كلاوس أن "أونروا" أطلقت ثلاثة نداءات طوارئ خلال العامين الماضيين، شملت: نداء لتغطية تكاليف الاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة عام 2023، ونداء للاستجابة الإنسانية الناجمة عن الصراع المسلح الذي يؤثر على لبنان عام 2024، إضافة إلى نداء لدعم اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، خاصة العائلات النازحة من مخيم اليرموك في دمشق.

وحذرت كلاوس من أن تراجع التمويل الدولي للوكالة يولّد لدى الفلسطينيين شعوراً بأنهم معرضون لخطر النسيان أو التخلي عنهم، بعد أن كانت الوكالة تمثل مرجعيتهم الرئيسية لأكثر من 75 عاماً.

وأكدت أن الأزمة المالية التي تواجهها الوكالة قد تؤثر بشكل مباشر على الفئات الأكثر احتياجاً، في ظل اعتماد شبه كامل من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على خدماتها الأساسية، وأوضحت في مقابلة صحفية ان عملية التحقق الرقمي لا تؤثر على التمويل.

وقالت كلاوس في حديث لصحيفة "نداء الوطن" اللبنانية، إن معدلات الفقر في أوساط اللاجئين الفلسطينيين تتراوح بين 70 و80%، مما يجعل الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص بعيدة المنال لغالبية العائلات، مشيرةً إلى أن نقص التمويل أصبح مصدر قلق رئيسي، خاصة في ظل العلاقة المرهقة التي باتت تربط الوكالة بالجهات المانحة واللاجئين على حد سواء، حيث يدفع الفلسطينيون الذين لا دولة لهم الثمن الأكبر لهذه الأزمة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد