يبرز شهر رمضان كفرصة لترسيخ قيم التكافل الاجتماعي، حيث تشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان مبادرات إنسانية تسعى للتخفيف من الأعباء المتزايدة على العائلات المتعففة، وتجسد معاني الرحمة والتعاون التي يعززها الشهر الفضيل، وذلك في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.

معاناة متزايدة.. وتضامن مستمر

مع مرور شهر الصوم، تكافح العديد من العائلات اللاجئة لتأمين احتياجاتها الأساسية، في ظل الانهيار المالي المتسارع الذي جعل تأمين وجبة الإفطار اليومية عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على معظم الأسر مع ارتفاع معدل الفقر الى ما فوق 90% في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومع ذلك، لا يزال الخير حاضراً بأشكال مختلفة، حيث تتوسع المبادرات الشبابية داخل المخيمات لتقديم الدعم للأسر المحتاجة.

مخيم البداوي شمالي لبنان، كغيره من المخيمات، شهد تصاعدًا حادًا في معدلات الفقر خلال رمضان، إلا أنه كان أيضًا ساحةً لمبادرات تطوعية تسعى لسد جزء من الاحتياجات، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه القائمين عليها.

"الإفطار لباب الدار"... عشرة أعوام من العطاء

للسنة العاشرة على التوالي، يواصل النادي الثقافي الفلسطيني العربي تنفيذ مبادرة "الإفطار لباب الدار"، حيث يقوم متطوعون يومياً بتحضير وجبات الإفطار وتوزيعها على نحو 400 عائلة داخل المخيم.

يعتمد المشروع على جهود تطوعية، حيث تشارك النساء في الطهي منذ ساعات الصباح، بينما يتولى فريق من الشباب التغليف والتوزيع.

WhatsApp Image 2025-03-19 at 1.30.28 PM.jpeg

يقول مسؤول العمل الاجتماعي والصحي في النادي الثقافي الفلسطيني العربي أحمد الأمين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "رغم الأزمة المالية الخانقة، يبقى الخير موجوداً، وأهل العطاء لا يترددون في دعم أهالي مخيم البداوي وقطاع غزة."

ويشير إلى أن المبادرة توسعت للعام الثاني لتشمل قطاع غزة، حيث تم افتتاح مطبخ رمضاني هناك لتأمين وجبات إفطار للفلسطينيين المنكوبين، لكن التحدي الأكبر هذا العام كان توزيع التبرعات بين المخيم وغزة، ما أدى إلى تقليص عدد العائلات المستفيدة في البداوي من 1200 عائلة العام الماضي إلى 400 فقط هذا العام، إضافة إلى قلّة التبرعات، حسبما أضاف.

WhatsApp Image 2025-03-19 at 1.33.01 PM.jpeg

كما أشار الأمين إلى أنه في هذه السنة الثانية التي يتم فيها افتتاح مطبخ رمضاني في قطاع غزة، ليساعد في تأمين ولو جزء بسيط من الوجبات للفلسطينيين المنكوبين، وهذا كله يتوقف على التبرعات.

"مطبخ الوجبة النية واللحمة بعجين"... دعم مباشر للعائلات المحتاجة

للسنة السادسة على التوالي، تنطلق حملة "مطبخ الوجبة النية واللحمة بعجين" في مخيم البداوي، حيث يتم تجهيز المواد الغذائية الأساسية وتوزيعها على العائلات الأشد حاجة، بواقع 50 إلى 110 عائلات يومياً.

WhatsApp Image 2025-03-19 at 1.30.29 PM (1).jpeg

وتقول المتطوعة في الحملة سناء شعبان: إن المبادرة توفر للعائلات وجبات متكاملة جاهزة للطهي، فيما يتم تحضير وجبة "اللحمة بعجين" لتوزيعها جاهزة على العائلات التي لا تملك أفراناً أو وسائل طهي، لكنها تؤكد أن الأزمة الاقتصادية أثرت على حجم الدعم، حيث انخفض عدد العائلات المستفيدة مقارنة بالسنوات السابقة.

WhatsApp Image 2025-03-19 at 1.30.29 PM.jpeg

وتضيف شعبان: "في السنوات الأربع السابقة كانت المبادرة تقدم الوجبات النية واللحمة بعجين إلى حوالي 400 عائلة تقريبا بشكل يومي، إلا أنه في هذه السنة اضطروا إلى تخفيف عدد الوجبات وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الذي يمر به أهالي المخيم وعدم إرسال ما يكفي من مساعدات من قبل المسافرين والأيادي البيضاء.

"شو عبالك"... مبادرة تحقق أمنيات المحتاجين

أما مبادرة "شو عبالك"، هي برنامج رمضاني انطلق قبل عامين في مخيم البداوي، يقوم على تلبية رغبات العائلات الأشد فقراً، وفق ما يوضحه منسق ومقدم البرنامج فؤاد البنا.

"هذا البرنامج كان تجربة مختلفة في رمضان، حيث سعينا للوصول إلى الأسر الأكثر حاجة عبر تلبية رغباتهم في وجبات الإفطار"، يقول البنا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، لكنه يشير إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية أثّر على قدرة البرنامج في تلبية الطلبات وتصوير الحلقات.

WhatsApp Image 2025-03-19 at 1.29.19 PM.jpeg


ويواجه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ظروفًا صعبة تتفاقم عاماً بعد عام، حيث يتزايد الفقر وسط غياب أي تدخل رسمي أو فصائلي جاد لمعالجة الأوضاع.

في ظل ذلك، تحاول المبادرات التطوعية سد الفجوة وتقديم العون للعائلات التي تعاني من الفقر المدقع.

ورغم كافة التحديات، يبقى الأمل حاضراً في هذه المبادرات التي تعكس روح التكافل والتعاون، فيما تتزايد الحاجة إلى تضامن أوسع ودعم دولي لضمان حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين، وتأمين حقوقهم الأساسية، سواء من خلال إيجاد مشاريع لتشغيل نسبة من اللاجئين في المخيمات، أو الضغط لتحصيل الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين وفي مقدمتها حق العمل.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد