أصدرت القاضية الأمريكية "جامي إي. كومانز"، يوم الجمعة 12 نيسان/أبريل، حكما يقضي بترحيل الناشط الفلسطيني والطالب في جامعة كولومبيا، محمود خليل، على خلفية قيادته الحراك الطلابي المعارض لحرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة. واعتبر الحكم أول انتصار حكومي ضمن حملة أوسع تستهدف الأصوات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأميركية، ووصفه كثيرون بأنه سابقة قانونية خطيرة.
واستندت القاضية كومانز في قرارها إلى قانون نادر الاستخدام صدر عام 1952، يتيح لوزير الخارجية ترحيل أي مهاجر يرى أن وجوده "يضر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة". وقد فعل هذا القانون وزير الخارجية "ماركو روبيو"، ما منح إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الضوء الأخضر لترحيل خليل، وأعاد التأكيد على الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الوزير في قضايا الترحيل.
وقالت القاضية إن الحكومة الفيدرالية قدمت "ما يكفي من الأدلة" لتبرير الترحيل، مشيرة إلى أن خليل لم يفصح في طلب التأشيرة عن عمله السابق مع وكالة تابعة للأمم المتحدة معنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، ولا عن عمله في مكتب سوريا في السفارة البريطانية في بيروت، بالإضافة إلى نشاطه في جماعة طلابية تدعى "Apartheid Divest"، تنشط في مجال مناهضة الفصل العنصري في جامعة كولومبيا.
وفي أول تعليق له بعد صدور الحكم، قال الناشط محمود خليل:"أريد أن أستشهد بكلام سابق لهم: لا شيء أهم لهذه المحكمة من حقوق الإجراءات القانونية والعدالة الأساسية. من الواضح أن أيا من هذين المبدأين لم يكن حاضرا في جلسة اليوم، ولا خلال هذه الإجراءات، ولهذا السبب بالتحديد أرسلت إلى هذه المحكمة، على بعد 1000 ميل من عائلتي".
من جهته، وصف محاميه مارك فان دير هاوت المحاكمة بـ"المسرحية"، وقال:"نحن اليوم نرى مخاوفنا تتحقق. محمود خضع لمسرحية تسمى إجراءات قانونية، في انتهاك صارخ لحقه في جلسة عادلة، واستخدام قانون الهجرة كأداة لقمع المعارضة."
أما المحامية تيمي غرير، فقالت:"كل شخص في هذا البلد يحق له التعبير عن رأيه، ونخشى أن يستخدم هذا القرار كذريعة لاستهداف المزيد من الأصوات المدافعة عن حقوق الفلسطينيين."
ووصف نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، القرار بأنه "خطير وغير دستوري"، داعيا إلى إبطاله، ومعربا عن ثقته بأن المحاكم الفيدرالية "ستنظر في هذا الهجوم غير القانوني على حرية التعبير".
كما هاجمت النائبة الديمقراطية في الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب القرار، قائلة: "لا يمكننا السماح لإدارة ترامب بإلغاء حقوقنا الدستورية. الحق في حرية التعبير يشمل الحق في الاحتجاج على الإبادة الجماعية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. هذه الفاشية لن تتوقف عند محمود خليل، إنها تهديد لنا جميعا."
وكانت الحكومة الأميركية قد قدمت قائمة ادعاءات ضد خليل في جلسة يوم الثلاثاء، قرأتها القاضية كومانز، في حين نفى محاميه فان دير هاوت جميع تلك الادعاءات بشكل قاطع.
ومن المهم الإشارة إلى أن قرار الترحيل لا يعد نهاية المعركة القانونية، إذ إن القضية تنظر حاليا بشكل منفصل عن دعوى أخرى رفعها خليل للطعن في قانونية اعتقاله، والمعروفة بـ"التمسك بحق المثول أمام المحكمة" (Habeas Corpus). وقد قضى فيها قاض فيدرالي ببقائه داخل الولايات المتحدة مؤقتا إلى حين البت في القضية.
وكانت أولى جلسات المحكمة الفيدرالية في نيوارك، نيوجيرسي، قد عقدت في 29 آذار/مارس، حيث قرر القاضي مايكل فاربيارز إبقاء خليل رهن الاحتجاز، رغم امتلاكه "البطاقة الخضراء" (الإقامة الدائمة)، رافضا الاستماع لمرافعات الدفاع بشأن الإفراج عنه.
ويأتي هذا التطور القضائي ضمن حملة وصفتها منظمات حقوقية بـ"الاستهداف السياسي" للناشطين الطلابيين المناصرين لفلسطين، خصوصا في الجامعات الأميركية الكبرى. ويعد محمود خليل من أبرز منظمي الاحتجاجات داخل حرم جامعة كولومبيا، وقد لعب دورا رئيسيا في الاعتصامات التي طالبت الجامعة بوقف استثماراتها في "إسرائيل".
اقرأ أيضا: "أنا سجين سياسي": الناشط الفلسطيني محمود خليل يكشف استهدافه بسبب مواقفه السياسية