كشف رئيس المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، رامي عبده، عن تورّط السفارة الفرنسية العامة في القدس في تنسيق عمليات ترحيل سرّية تستهدف نخبة الكفاءات الفلسطينية من قطاع غزة، تحت غطاء "الإجلاء الإنساني"، وبحماية مباشرة من جيش الاحتلال.
وقال عبده في تصريح لوكالة "صفا" يوم الثلاثاء 22 نيسان/أبريل، إن المعلومات التي حصل عليها "مؤكدة وخطيرة"، وتشير إلى أن عمليات التهجير تستهدف "حملة الدكتوراه، الأطباء، المهندسين، المؤرخين، ومختصي الثقافة والآثار"، في وقت يعاني فيه القطاع من انهيار شبه كامل في المنظومة الصحية، ويموت فيه مئات الجرحى نتيجة غياب الكوادر والمعدات الطبية، بفعل استمرار حرب الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" التي دخلت شهرها الثامن عشر.
وبحسب المعلومات التي نقلها عبده، فإن "عملية ترحيل جديدة" مقرّرة اليوم الأربعاء 23 نيسان/أبريل، وتنفذ بسرّية تامة، حيث تجمَع الشخصيات المستهدفة فجراً في حافلات وسط القطاع، وتنقَل إلى مطار رامون تحت حراسة الطيران الحربي "الإسرائيلي"، تمهيداً لإخراجهم لاحقاً عبر جسر الملك حسين إلى الأردن.
ورغم طلبه توضيحات عاجلة من القنصلية الفرنسية العامة في القدس بشأن هذه الاتهامات، أكّد عبده أنه لم يتلقَ أي رد حتى لحظة التصريح، لا من القنصلية ولا من الحكومة الفرنسية.
ولفت عبده إلى أن هذه العمليات تجري في إطار "مخطط إسرائيلي أوسع لتفريغ غزة من نخبتها، بالتنسيق مع أطراف دولية وعلى رأسها فرنسا"، مشيراً إلى وجود "وحدة مستحدثة" في حكومة الاحتلال تتولّى إدارة هذا الملف، وتنفّذ عمليات التهجير بشكل منظّم ومرحلي، بدءاً بأصحاب الشهادات العليا، تمهيداً لاستقدام عائلاتهم لاحقاً، ما يشكّل محاولة ممنهجة لتغيير البنية الديمغرافية والاجتماعية لقطاع غزة.
وأكّد عبده أن "تهجير العقول هو الوجه الناعم للجريمة"، مضيفاً: "ما لم تستطع آلة الحرب إنجازه عبر القصف، يسعى الاحتلال لتحقيقه من خلال ممرّات إنسانية مخادعة، تستهدف تفريغ غزة من ركائزها البشرية والثقافية".
وهاجم عبده الصمت الفرنسي حيال ما وصفه بـ"التواطؤ الواضح" مع الاحتلال، قائلاً: "فرنسا تسهّل تهجير الكفاءات الفلسطينية، بينما تغضّ الطرف عن آلاف المواطنين الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين يخدمون في جيش الاحتلال، وشارك بعضهم في ارتكاب جرائم حرب موثقة في غزة منذ 7 أكتوبر 2023".
وتساءل: "كيف تسهّل دولة تُعرّف نفسها على أنها حامية لحقوق الإنسان ترحيل نخبة واقعة تحت الاحتلال، في الوقت الذي ترفض فيه حتى فتح تحقيق بحق من يحملون جنسيتها ويشاركون في مجازر؟".
وطالب رئيس المرصد "الأورومتوسطي" الحكومة الفرنسية بـ"وقف أي دور في هذه العمليات فوراً، وإصدار توضيح رسمي للرأي العام بشأن ما يُنسب لها من دور خطير ومخالف للقانون الدولي".
كما دعا إلى "فتح تحقيق دولي عاجل في ممارسات تهجير النخب الفلسطينية، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، التي لا تكتفي بسفك الدماء، بل تسعى إلى طمس الذاكرة وتصفية المستقبل".
وختم عبده تصريحه بتحذير شديد اللهجة: "التاريخ لن يرحم المتواطئين... إنهم لا يكتفون بإبادة الجسد، بل يسعون لاجتثاث العقل والروح من غزة".