كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صار اليوم، عن عمليات إخلاء قسري وهدم للمنازل والمحلات التجارية تنفذها السلطات الأردنية في مخيم المحطة بمدينة عمان، دون أن توفر للسكان القدر الملائم من التشاور أو الإشعار أو التعويض أو المساعدة في الانتقال لمكان آخر.
وأوضح التقرير أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مشروع توسعة طرق تابع للخطة الاستراتيجية لأمانة عمان الكبرى (2022-2026)، حيث تم حتى فبراير/شباط 2025 هدم 25 منزلاً كان يسكنها 101 شخص على الأقل، بالإضافة إلى عدة محلات تجارية.
وأشارت هيومين رايتس إلى ما ذكره رئيس لجنة تطوير أحياء عمان القديمة، حول هدف الخطة الذي يرمي إلى إعادة تطوير الأحياء العشوائية والمكتظة بالسكان، بما في ذلك جبل التاج ومخيم الجوفة ووسط المدينة، من خلال توسيع الطرق، واستصلاح الأراضي العامة، وتقليل الكثافة السكانية، وزيادة المساحات الخضراء، وتخفيف الازدحام المروري.
هُجّر العشرات من لاجئي المخيم وصدر أمر بهدم 25 منزلاً
وفي التفاصيل، تؤكد المنظمة الحقوقية بأن هذا المشروع تسبب في تهجير عشرات من لاجئي مخيم المحطة، وانتهك عدم التزام الحكومة بالمعايير القانونية الدولية - مثل الإشعار الزمني الكافي والتشاور والتعويض – حقوق السكان في السكن وفي مستوى معيشي لائق، والحق في التعليم بالنسبة للأسر التي لديها أطفال في سن الدراسة.
وشددت المنظمة الحقوقية على أن الحكومة الأردنية معنية بضمان حصول السكان وأصحاب المحلات التجارية على تعويضات عادلة وسريعة، وضمان عدم انتهاك المشاريع المستقبلية لحقوق الإنسان.
وفي هذا الشأن قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تشريد العائلات وقطع سبل العيش دون ضمانات مناسبة وتعويض عادل، يتركان أمام عشرات الأشخاص القليل من الأماكن التي يمكنهم طلب المساعدة منها.
وأضاف: "على السلطات الأردنية إعطاء الأولوية لحقوق السكان عند النظر في مشاريع البنية التحتية، وضمان عدم حرمان أي شخص من السكن اللائق أو غيره من الحقوق الأساسية".
ومن جهتها قالت "لجنة الدفاع عن أهالي المحطة"، التي شكلها السكان للتفاوض نيابة عنهم: "إن أمانة عمان أمرت، حتى فبراير/شباط 2025، بهدم 25 منزلا كان يسكنها ما لا يقل عن 101 شخص، بالإضافة إلى عدة محلات تجارية.
مضيفة: "هُدمت بعض المحلات في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ونُفذت بقية عمليات الهدم بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني و2 ديسمبر/كانون الأول".
السلطات الأردنية لم تمنح اللاجئين سوى أسبوعين إلى شهر قبل الإخلاء
وكانت هيومن رايتس ووتش قد قابلت عدداً من سكان المخيم، بينهم أصحاب منازل ومحلات تجارية ومستأجرون، بين تشرين الثاني/نوفمبر 2024 شباط/فبراير 2025، كما راسلت أيضا أمانة عمان الكبرى في تشرين الثاني/نوفمبر لعرض مخاوفها وطرح أسئلة، لكنها لم تتلقَّ أي رد.
سكان المخيم بينهم أصحاب منازل ومحلات تجارية ومستأجرون أكدوا لهيومين رايتس ووتش أن الحكومة لم تُعطِهم سوى إشعار من أسبوعين إلى شهر في تشرين الثاني/نوفمبر، ووعودا شفهية غامضة بتعويض قدره 80 دينار أردني (113 دولار أمريكي) للمتر المربع، مع شفافية محدودة بشأن العملية أو الجدول الزمني.
وأشاروا إلى أن المبلغ المُقدَّم شفهيا لا يُغطي استثماراتهم في تجديد منازلهم وأعمالهم التجارية، على الرغم من أنه لا ينبغي أن يُفاقم التعويض وضع السكان المهجرين أو يدفع بهم إلى مزيد من المعاناة بحسب ما أوردته المنظمة الحقوقية.
كما أن وعود التعويض لم تلبِ المعايير الدولية الأساسية للتعويض، التي تشترط تعويضا يتناسب مع الضرر الذي لحق بهم، بما في ذلك فقدان الدخل وقيمة العقار وتكاليف الانتقال وفقاً لهيومين رايتس ووتش.
ونقلت المنظمة عن السكان قولهم أيضاً: "إن السلطات تجاهلت محاولاتهم لوقف عمليات الهدم من خلال الاحتجاجات العامة السلمية والحوار". وفي وقت لاحق من كانون الأول/ديسمبر، عرضت السلطات زيادة "التبرع" لبعض السكان.
الإخلاء القسري عطل حياة اللاجئين داخل المخيم وحرمهم الاستقرار
وأثرت عمليات الإخلاء والهدم القسري على جوانب عدة في حياة اللاجئين بمخيم المحطة كان أبرزها فرص حصول السكان على العمل، وتعطّيل التعليم لدى أطفالها والتي جعلت المواصلات المدرسية أكثر تكلفة واستهلاكا للوقت عقب الانتقال إلى شقق أعلى تكلفة وأبعد مسافة.
واختتمت هيومن رايتس ووتش تقريرها بأن السلطات الأردنية لم تُجرِ مشاورات حقيقية مع السكان المتضررين، ولم تُقدِّم إشعارا ومعلومات كافيَين ومعقولَين بشأن الإخلاء المُقترح، والتعويض، والمساعدة في الانتقال، والانتصاف القانوني، ولم تُقدِّم مساكن بديلة.
وشددت على أنه ينبغي على السلطات الأردنية استكشاف جميع البدائل الممكنة قبل تنفيذ عمليات الإخلاء، وخاصة تلك التي تؤثر على مجموعات كبيرة، وينبغي عليها التشاور مع السكان المتضررين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويقع مخيم المحطة في شرق عمّان، حيث تأسس عقب النكبة الفلسطينية عام 1948 بعد أن سكنه فلسطينيون، في حين لا تعترف به الحكومة الأردنية كمخيم ولا وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".