يواصل الاحتلال "الإسرائيلي" استهدافه المتعمد للفئات الأكثر ضعفًا وهشاشة في قطاع غزة، وعلى رأسهم الأطفال وكبار السن، حيث تصاعد حجم الاستهداف المتعمد للأطفال عبر قصف منازل الفلسطينيين وخيام النازحين ومدارس إيواء وكالة "أونروا"، إلى جانب سياسة التجويع التي تحصد أرواح الأطفال وكبار السن بشكل يومي مع استمرار الحصار "الإسرائيلي" للشهر الثالث على التوالي.
ومنذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 قتل جيش الاحتلال 16 ألفًا و278، وذلك بمعدل استشهاد طفل كل 40 دقيقة بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.
وأوضحت وزارة الصحة خلال مؤتمر صحفي أن من بين هؤلاء الشهداء 908 أطفال رُضع لم يكملوا عامهم الأول، و311 طفلًا وُلدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة، محذرة من الكارثة الصحية والإنسانية التي تعصف بقطاع غزة وتشكل خطراً على الأطفال والنساء وكبار السن.
وقال مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية بالوزارة، خلال المؤتمر: "إن الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر منذ أكثر من شهرين فاقما الأوضاع الصحية، حيث أُغلقت مراكز الرعاية الأولية نتيجة القصف أو لوجودها ضمن مناطق الإخلاء، ما حرم آلاف الأطفال والحوامل من الرعاية الطبية الأساسية".
وأشار الهمص إلى وصول نسبة انعدام الأدوية الخاصة بصحة المرأة والطفل إلى 51%، خصوصًا المكملات الغذائية والفيتامينات والتطعيمات وحليب الأطفال، لافتاً إلى أن تطعيمات شلل الأطفال لا تزال ممنوعة من الدخول، مما يهدد بانهيار الجهود الوقائية.
57 طفلاً استشهدوا أثناء الحرب نتيجة سوء التغذية
وسجلت وزارة الصحة استشهاد 57 طفلًا نتيجة سوء التغذية والمضاعفات الصحية، في ظل النقص الحاد في الحليب العلاجي، وخاصة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعزا الهمص انتشار حالات سوء التغذية إلى الاعتماد على وجبة واحدة غير مكتملة يوميًا، ما سبّب لكثير من الأطفال الهزال وسوء التغذية، بينما حُرموا من مياه الشرب الآمنة والغذاء الصحي نتيجة استهداف الاحتلال للبنية التحتية ومنع دخول المساعدات.
كما وثّقت الوزارة الصحة استشهاد أطفال فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على حصص غذائية من التكيات الخيرية، التي قُصفت بشكل مباشر.
الاحتلال يستهدف الأطفال من طلبة المدارس في غزة
من جهتها، أكدت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، أن الأطفال هم الأكثر استهدافا بالعدوان "الإسرائيلي"، ومعظمهم طلبة مدارس، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حيث يتعرضون للاستهداف المباشر من الاحتلال.
وقالت وزارة التربية بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الذي وافق 5 أبريل/ نيسان : "التعليم في فلسطين، وخاصة في غزة، يتعرض للاستهداف المباشر من الاحتلال، الذي ما يزال يدمّر المدارس ويعرقل وصول الأطفال إلى بيئة تعليمية آمنة".
الأورومتوسطي: وفاة 14 مسناً من الجوع وسوء التغذية خلال أسبوع
في الشأن ذاته، أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وفاة 14 مسنًا فلسطينيًّا في قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي نتيجة مضاعفات الجوع وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية، التي تسبب بها الاحتلال بشكل مباشر عبر الاغلاق التام للمعابر ومنع إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية منذ 2 آذار/مارس الماضي.
وأكد المرصد الحقوقي في بيان له أن الحصار المشدد المفروض منذ أكثر من شهرين يخلّف آثارًا مدمرة وطويلة الأمد، تطال بشكل خاص الفئات الأكثر هشاشة في قطاع غزة.
وبين أن هذا يأتي في ظل سياسة "إسرائيلية" منهجية تقوم على تدمير مقومات الحياة والقضاء على أي بدائل ممكنة للبقاء، ما يعمّق الكارثة الإنسانية ويحوّلها إلى أداة رئيسية في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية.
موجة موت صامت تحصد أرواح كبار السن والأطفال
وأشار الأورومتوسطي إلى أن قطاع غزة يشهد موجة موت صامت تحصد أعدادًا متزايدة من أرواح كبار السن والأطفال نتيجة الظروف المعيشية القاتلة التي تفرضها "إسرائيل" عمدًا بهدف إهلاك السكان، وعلى رأسها جرائم التجويع وإحداث المعاناة الشديدة والحرمان من الرعاية الصحية والحصار الشامل.
وطالب الأورومتوسطي جميع الدول بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية وفك الحصار غير القانوني على قطاع غزة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، خاصة كبار السن والأطفال.
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لرفع الحصار "الإسرائيلي" غير القانوني، باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بوقف التدهور الإنساني المتسارع وضمان دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وحذر من أنّ أيّ تأخير في رفع الحصار يفاقم الآثار الكارثية التي باتت عصيّة على الاحتواء، ويُبقي أكثر من مليوني إنسان رهائن للجوع والمرض والعطش، محرومين من أبسط مقوّمات الحياة الكريمة.