نشر الناشط الطلابي الفلسطيني محمود خليل، المعتقل في الولايات المتحدة، رسالة مؤثّرة في صحيفة الغارديان البريطانية، موجّهة إلى ابنه المولود حديثًا، والذي حُرم من حضور ولادته جراء اعتقاله. وانتقد في رسالته ما وصفه بـ"النفاق السياسي الأمريكي" بشأن قيم الأسرة، وتمزيق العائلات، تحت عنوان: "إلى ابني: غيابي ليس لا مبالاة، بل قناعة"، كاشفًا فيها تفاصيل الغياب القسري عن لحظة ميلاد طفله، ومسلّطًا الضوء على معاناة الفلسطينيين مع القمع السياسي وتناقض الخطاب الأمريكي بشأن "القيم العائلية".
وفي مستهل الرسالة كتب خليل: "يا ابني، مضى أسبوعان على ولادتك، وهذه أولى كلماتي إليك... كنت أستمع لأنفاس والدتك المتألمة عبر الهاتف، وأحاول أن أهمس لها بالطمأنينة، بينما كنت تولد إلى هذا العالم، وأنا عاجز إلا عن البكاء بصمت في زنزانة تضم سبعين معتقلًا آخر".
محمود خليل، وهو لاجئ فلسطيني سوري من مخيم خان الشيح في ريف دمشق، وناشط طلابي بارز يشغل منصب المفاوض العام لطلاب جامعة كولومبيا، اعتقلته السلطات الأمريكية في 8 آذار/مارس 2025 من مقر إقامته في نيويورك.
وقد أثار اعتقاله موجة تنديد حقوقي واسعة، خصوصًا مع تزايد الاعتقالات التي تطال الطلبة المناصرين للقضية الفلسطينية في الجامعات الأمريكية.
في رسالته، عبّر خليل عن ألمه العميق لحرمانه من احتضان ابنه وسماع بكائه الأول، معتبرًا أن ذلك نتيجة "سياسات عنصرية وقوانين لا تطبّق إلا على أصحاب الأسماء الخطأ". كما انتقد ما وصفه بـ"نفاق الخطاب السياسي الأمريكي"، الذي يتحدث عن وحدة الأسرة، بينما "يمزّق العائلات بسياسات السجن والترحيل والدعم الأعمى لإسرائيل".
كما استعرض خليل تجربته كلاجئ فلسطيني، قائلًا إن حدود العالم كلّها لاحقته، وإن كل عبور عبر مطار كان يتطلب إثبات هويته و"حقه في الوجود". لكنه خاطب ابنه الذي وُلد كمواطن أمريكي، قائلًا له: "ربما لن تحتاج لترجمة إنسانيتك عبر أوراق رسمية أو مقابلات مهينة، لكني أرجو أن تستخدم هذه الامتيازات لرفع صوت من عاشوا القيود نفسها التي قيدتني".
وفي أقوى مقاطع الرسالة، ربط خليل نضاله السياسي بحبه لابنه، معتبرًا أن الكفاح من أجل فلسطين "ليس عبئًا، بل شرف نحمله بفخر"، مضيفًا: "أن أحبك لا ينفصل عن نضالي من أجل التحرير، بل هو التحرير بعينه".
وعاد خليل في رسالته لتذكير العالم بالمآسي التي تمرّ دون مساءلة، متسائلًا: "لماذا نسي العالم الرضيعة إيمان حجّو التي قُتلت في غزة عام 2001؟ لماذا مات عبد الله، ابن أحمد أبو رتيمة، جائعًا للخبز؟ من يتذكر الأطفال الذين قضوا في مجزرة الطحين؟". مشيرًا إلى أن الفلسطينيين لا يقتلون فقط بالقنابل، بل أيضًا بالتجاهل والنسيان.
واختتم رسالته بحديث وجهه لابنه، جاء فيه: "آمل ألا تضطر يومًا للهتاف من أجل فلسطين، لأن فلسطين ستكون قد نالت حريتها وكرامتها. وأنا واثق أننا سنمشي معًا على ضفاف طبريا في يومٍ قريب، في فلسطين الحرّة والعادلة."
رسالة محمود خليل تأتي في وقت تتصاعد فيه حملة التضييق على الطلاب والنشطاء المؤيدين لفلسطين في الجامعات الأمريكية، ووسط انتقادات متنامية للسياسات الأمنية والعنصرية التي تستهدف العرب والمتضامنين مع القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضًا: "أنا سجين سياسي": الناشط الفلسطيني محمود خليل يكشف استهدافه بسبب مواقفه السياسية