يشهد مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوب لبنان حالة من التوتر، في ظل استمرار الإجراءات الأمنية المشددة على حاجز الجيش اللبناني عند مدخل المخيم، والتي تسببت، لليوم الخامس على التوالي، بإعاقة حركة الدخول والخروج، وانعكست سلباً على الواقع المعيشي لأهالي المخيم.
ومع اتساع رقعة الاستياء الشعبي، صدرت بيانات متناقضة – جميعها موقّعة باسم "شباب مخيم الرشيدية" – ما عكس حالة انقسام داخلي في صفوف أبناء المخيم تجاه طريقة التعامل مع الأزمة.
البيان الأول، الصادر بتاريخ 12 أيار/مايو، كان شديد اللهجة، وحمّل الجيش اللبناني مسؤولية ما وصفه بـ"الإذلال اليومي" الذي يتعرض له السكان عند الحاجز، مشيراً إلى أن الأهالي يُجبرون على الوقوف لساعات طويلة، ويخضعون لتفتيش مهين يعطّل أعمالهم ويهدد استقرارهم.
وجاء في البيان:"هذا السلوك الأمني الاستفزازي لا يمكن اعتباره إجراءات اعتيادية، بل هو سياسة ممنهجة لإهانة الكرامة الفلسطينية داخل المخيم وفرض حصار فعلي على أكثر من 30 ألف إنسان."
وأكد البيان أن التصعيد وارد إذا لم ترفع هذه الإجراءات خلال أيام، ملوّحاً بخيارات مفتوحة "بما في ذلك فرض واقع جديد على الأرض يضمن كرامة أهلنا وحرية تنقّلهم"، مشدداً على أن السكوت لم يعد خياراً، وأن "الحقوق لا تُسترد إلا بوقفة شرف".
في المقابل، صدر بيان آخر بتوقيع مشابه من "شباب مخيم الرشيدية"، عبّر عن موقف مناقض تماماً، إذ رفض مضمون البيان الأول، واعتبره "لا يمثّل إلا مطلقيه"، واصفاً إياه بـ"العمل المشبوه" الذي يسعى لتوتير العلاقة مع الجيش اللبناني.
وجاء في البيان الثاني: "نستنكر هذا البيان، ونؤكد أنه يتناقض مع الإجماع الوطني الفلسطيني من الفصائل والقيادات، والذي يدعو إلى التعاون الكامل مع الجيش اللبناني ودعمه في دوره الوطني والأمني."
كما شدد البيان على حرص أبناء المخيم على "علاقات الأخوة والتفاهم مع الدولة اللبنانية وجيشها"، مؤكداً التزامهم بالقانون ورفضهم لأي عمل فردي يهدد السلم الأهلي، أو يشوه صورة المخيم.
ويعيش أكثر من 30 ألف لاجئ فلسطيني في الرشيدية أوضاعاً خانقة تحت وطأة الإجراءات المشددة عند الحاجز، حيث أصبحت حركة الدخول والخروج شبه مشلولة، ويُمنع كثيرون من العبور دون توضيح الأسباب، فيما يقتاد بعض الشبان إلى التحقيق دون صدور بيانات رسمية تشرح خلفية هذه الإجراءات.
وتنعكس هذه القيود مباشرة على حياة السكان، إذ تعيق وصولهم إلى أماكن العمل والمستشفيات والمدارس، مما يفاقم من أعبائهم المعيشية، ويزيد الضغوط الأمنية والنفسية عليهم.
وفي ظل هذا الواقع، تتعالى الدعوات داخل المخيم وخارجه لوضع حد سريع لهذا التضييق، والعمل على التهدئة وإيجاد حلول متوازنة تحفظ الأمن، وتحمي كرامة اللاجئين الفلسطينيين، في وقت لم تصدر فيه الجهات الرسمية اللبنانية أو الفصائل الفلسطينية الكبرى موقفاً واضحاً إزاء الإجراءات الأمنية المشددة والانقسام الظاهر في الشارع الفلسطيني داخل المخيم حول الموقف منها.