تواصل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" لليوم الـ109 على التوالي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها، ولليوم الـ96 على مخيم نور شمس شرقي المدينة، وسط تصعيد عسكري متواصل شمل عمليات هدم ممنهجة للمنازل وتشريد واسع للفلسطينيين. كما امتد العدوان إلى مناطق أخرى في الضفة المحتلة، تخللته اعتقالات وهدم منازل.
صباح اليوم الخميس 15 أيار/مايو، واصلت قوات الاحتلال عمليات الهدم في محيط مسجد أبو بكر الصديق وسط مخيم نور شمس، حيث ركّزت آلياتها العسكرية على تدمير المباني السكنية في أحياء المنشية، المسلخ، الجامع، العيادة، والشهداء. وتشير تقديرات محلية إلى أن الاحتلال دمّر خلال الأسبوع الماضي فقط نحو 20 مبنى سكنيًا، إضافة إلى نسف منازل أخرى بعد تهجير سكانها قسرًا، رغم امتلاكهم تنسيقًا مسبقًا للإخلاء.
وتسعى قوات الاحتلال من خلال هذا التصعيد إلى تنفيذ مخطط يقضي بهدم 106 منازل وبنايات سكنية في مخيمي طولكرم ونور شمس، وسط استمرار فرض الحصار المشدد وتحويل المنطقة إلى "منطقة عسكرية مغلقة"، في ظل مخاوف السكان من موجة جديدة من عمليات الهدم.
وتزامناً مع عمليات الهدم، واصلت قوات الاحتلال إدخال الآليات العسكرية إلى المدينة والمخيمين على مدار الساعة، حيث تجوب هذه الآليات الشوارع الرئيسية مطلقة أبواقها بشكل استفزازي، وتتحرك بعكس اتجاه السير، ما يتسبب بعرقلة حركة الفلسطينيين ومركباتهم.
وفي شارع نابلس والحي الشمالي المجاور، يستمر الاحتلال في الاستيلاء على المنازل وتحويلها إلى ثكنات عسكرية بعد إخلاء سكانها بالقوة. وتشير الشهادات إلى أن بعض هذه المنازل ما زالت تحت سيطرة الاحتلال منذ أكثر من شهرين، وسط انتشار كثيف للآليات العسكرية.
وخلال هذا العدوان المتواصل، استشهد 13 فلسطينيًا في طولكرم ومخيميها، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما كانت في شهرها الثامن من الحمل، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات. كما خلّف العدوان دمارًا واسعًا في البنية التحتية والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للحرق والتدمير والنهب.
أما على صعيد التهجير القسري، فقد تسبب الاحتلال في نزوح أكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، أي ما يزيد عن 25 ألف فلسطيني، فيما دُمّر أكثر من 400 منزل بشكل كامل، وتضرر 2573 منزلًا جزئيًا.
كما أغلقت قوات الاحتلال مداخل وأزقة المخيمين بالسواتر الترابية، ما حولهما إلى مناطق أشباح خالية من مظاهر الحياة.
تصعيد متزامن في نابلس والخليل وقلقيلية
وفي جنوب نابلس، هدمت قوات الاحتلال صباح اليوم منزل الفلسطيني بلال علي عثمان في قرية مجدل بني فاضل، بزعم البناء دون ترخيص، رغم أن صاحب المنزل قدم اعتراضًا لمحكمة الاحتلال التي لم تصدر قرارًا نهائيًا. وأفاد رئيس المجلس القروي رامي نصار بأن الجرافات اقتحمت البلدة فجرًا، ونفذت عملية الهدم بشكل مفاجئ.
يشار إلى أن الاحتلال نفّذ خلال شهر نيسان الماضي 73 عملية هدم طالت 152 منشأة، من بينها 96 منزلًا مأهولًا، و10 غير مأهولة، و34 منشأة زراعية، تركزت في طوباس (59 منشأة)، الخليل (39 منشأة)، والقدس (17 منشأة).
وفي الخليل، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الفوّار، واحتجزت أكثر من 70 فلسطينيًا بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها. كما اعتدت على مدير العلاقات العامة في نادي الأسير، أمجد النجار، وزوجته وأطفاله، ما أدى إلى إصابة زوجته بكسور في يدها وتحطيم أثاث المنزل. كذلك داهمت قوات الاحتلال بلدتي بيت كاحل ودير العسل، واحتجزت عددًا من السكان قبل أن تُفرج عنهم لاحقًا.
وفي نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم أربعة شبان، هم الشقيقان نور وأمير محمد دويكات من منطقة بلاطة البلد، والشقيقان رامي وراغب البدوي من الجبل الشمالي، بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها.
وفي السياق ذاته، هاجم مستوطنون مساء أمس مركبات الفلسطينيين بالحجارة قرب مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي المواطنين جنوب نابلس، دون تسجيل إصابات.
اقتحام في قلنديا وإصابة شاب في عزون
وفي القدس المحتلة، اقتحمت قوات الاحتلال صباح اليوم مخيم قلنديا شمال شرق المدينة، وأطلقت الرصاص وقنابل الغاز، ما أدى إلى حالة من التوتر والهلع في صفوف الأهالي، كما أعاقت وصول الطلاب إلى مدارسهم، وأخضعت إحدى الطالبات لتحقيق ميداني، دون تسجيل إصابات.
أما في بلدة عزون شرق قلقيلية، فقد أصيب شاب فلسطيني برصاص الاحتلال خلال مواجهات اندلعت مساء الأربعاء عقب اقتحام البلدة. وأفادت مصادر محلية أن الشاب أصيب برصاصة في الظهر، فيما حاول الجنود منع سيارات الإسعاف من الوصول إليه.
وفي ظل هذا التصعيد الممنهج، تواصل قوات الاحتلال ارتكاب الانتهاكات بحق الفلسطينيين في مختلف محافظات الضفة الغربية، عبر سياسات الهدم والاعتقال والتهجير، وسط تصاعد معاناة السكان اليومية في ظل غياب أي تدخل دولي فاعل لوقف العدوان.