أطلقت قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، ظهر اليوم الأربعاء 21 ايار/ مايو، النار بشكل مباشر وكثيف تجاه وفد دبلوماسي يضم 25 سفيراً ودبلوماسياً عربياً وأوروبياً، خلال جولة ميدانية أجراها الوفد في محيط مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، للاطلاع على حجم الدمار الذي خلفه العدوان "الإسرائيلي" المستمر على مدينة ومخيم جنين منذ 121 يوماً في إطار عملية "السور الحديدي".
وبحسب مصادر فلسطينية، فقد أطلق جنود الاحتلال النار الحي مباشرة من داخل المخيم أثناء وجود الوفد قرب البوابة الحديدية التي نصبها الجيش "الإسرائيلي" على المدخل الشرقي للمخيم، كما طال إطلاق النار مجموعة من الصحفيين الذين كانوا يرافقون الوفد لتغطية زيارته.
وزعمت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" أن القوات أطلقت النار"في الهواء" لأسباب غير واضحة"، وأشارت إلى أن "الحادثة قيد الفحص"، إلا أن شهوداً عيان أكدوا أن إطلاق النار كان موجهاً وبكثافة نحو الوفد.
وضم الوفد الدبلوماسي سفراء وممثلين عن دول مصر، الأردن، المغرب، الاتحاد الأوروبي، البرتغال، الصين، النمسا، البرازيل، بلغاريا، تركيا، إسبانيا، ليتوانيا، بولندا، روسيا، اليابان، رومانيا، المكسيك، سريلانكا، كندا، الهند، تشيلي، فرنسا، بريطانيا، إضافة إلى عدد من ممثلي دول أخرى.
وكان الوفد قد بدأ زيارته صباح اليوم من مقر محافظة جنين، حيث التقى المحافظ الذي قدّم لهم شرحاً مفصلاً عن الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في المدينة والمخيم، متحدثاً عن تدمير البنية التحتية، والخسائر التجارية، وتداعيات الحصار الإسرائيلي، بالإضافة إلى أوضاع 22 فلسطيني ألف نازح أُجبروا على مغادرة منازلهم في المخيم ومحيطه.
وفي أول رد رسمي، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية "بأشد العبارات" استهداف الوفد الدبلوماسي، واعتبرت ذلك خرقاً فجّاً وخطيراً لأحكام القانون الدولي، ولا سيما اتفاقية "فيينا" لعام 1961 التي تضمن الحماية والحصانة للبعثات الدبلوماسية، ووصفت الحادثة بأنها "تصعيد خطير في سلوك الاحتلال يعكس استهتاراً ممنهجاً بالقانون الدولي وبسيادة دولة فلسطين وحرمة ممثلي الدول على أراضيها".
يأتي هذا الاعتداء في ظل استمرار العدوان "الإسرائيلي" المتواصل على جنين ومخيمها لليوم الـ121 على التوالي، حيث تواصل قوات الاحتلال عمليات التجريف الواسعة داخل المخيم، وتمنع الدخول إليه، بهدف تغيير معالمه الجغرافية والسكانية.
وفي وقتٍ سابق من صباح اليوم، اقتحمت قوات الاحتلال الحي الشرقي من مدينة جنين، حيث حاصرت مقهى ومنزل المواطن غسان السعدي، قبل أن تداهمه وتعتقله برفقة الأسير المحرر إياد العزمي والد الشهيد أمجد العزمي.
وأغلقت قوات الاحتلال مداخل الحي ومنعت حركة مرور الفلسطينيين، وانتشرت آلياتها العسكرية قرب محطة للمحروقات.
وفي بلدة قباطية جنوب جنين، أصيب شاب برصاص الاحتلال في البطن خلال اقتحام البلدة فجر اليوم، فيما قامت الجرافات بتدمير البنية التحتية، وشبكات المياه والكهرباء، وداهم الجنود منازل المدنيين، ونفذوا حملة اعتقالات، كما دمرت الآليات العسكرية مركبات المواطنين على الطريق الرئيسي الذي يربط قباطية بمدينة جنين.
ويوم أمس، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة ميثلون جنوب شرق جنين، ونصبت حاجزاً عسكرياً عند مدخلها الرئيسي، وأعاقت حركة المركبات. كما أجبرت عائلة فلسطينية على إخلاء منزلها في محيط مخيم جنين.
وتُقدّر بلدية جنين أن الاحتلال "الإسرائيلي" قام بشق قرابة 15 شارعاً داخل المخيم الذي لا تتجاوز مساحته نصف كيلومتر مربع، ودمر البنية التحتية فيه بالكامل.
وتشير الأرقام إلى تدمير 120 كيلومتراً من الشوارع، و42 كيلومتراً من خطوط المياه، و99 كيلومتراً من شبكة الصرف الصحي في المدينة والمخيم.
وتؤكد البلدية أن نحو 600 منزل في مخيم جنين هُدمت بشكل كلي، بينما تضررت بقية المنازل جزئياً وأصبحت غير صالحة للسكن، في حين لا تزال قوات الاحتلال تطلق النار الحي بكثافة داخل المخيم الذي صار فارغاً من سكانه بعد التهجير القسري.
كما اقتحمت قوات الاحتلال يوم أمس قرية أم التوت وخربة تلفيت شرق جنين، وداهمت عدداً من المنازل، وسط انتشار فرق المشاة.
وتشهد قرى جنين اقتحامات يومية متكررة، ووجوداً دائماً لآليات الاحتلال العسكرية.
ويستمر الإغلاق الكامل المفروض على مخيم جنين، فيما تتواصل عمليات الهدم والتجريف بوتيرة متسارعة تهدف إلى تغيير بنيته الديمغرافية والحياتية.