جدّدت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر القائمة بأعمال سفيرتها لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، مطالبتها الحكومة السورية الانتقالية بترحيل الفصائل الفلسطينية المسلحة من الأراضي السورية، ووصفت ذلك بأنه "أولوية قصوى" ضمن حزمة شروط سياسية وأمنية تطالب بها واشنطن مقابل أي تقدّم في ملف العقوبات المفروضة على دمشق، في إطار إعادة تأهيل النظام الجديد.
وخلال كلمة ألقتها شيا أمام مجلس الأمن الدولي، أمس الثلاثاء 17 حزيران/ يونيو، حول الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، قالت إن على حكومة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع "اتخاذ الخطوات اللازمة لحظر الجماعات الإرهابية الفلسطينية وترحيلها"، في إشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة على الأراضي السورية منذ عقود.
كما دعت شيا دمشق إلى الشروع في مفاوضات مع "إسرائيل" بشأن اتفاقية عدم اعتداء، تمهيداً لتسوية ملف الحدود، مشيرة إلى أن هذه الخطوة يجب أن تتصدّر أولويات الحكومة الجديدة، إلى جانب التعاون مع الوكالات الدولية في ملفات الأسلحة الكيميائية والنووية، والبحث عن المفقودين.
وأضافت شيا أن سياسة إدارة ترامب بشأن تخفيف العقوبات قد أثمرت بالفعل، مشيرة إلى توقيع اتفاقية استثمار في قطاع الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار بين شركات أميركية وقطرية وتركية، وشجعت بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن على اتخاذ خطوات مماثلة لتشجيع التعافي وإعادة الإعمار في سوريا.
ووصفت السفيرة الأميركية الخطوات التي اتخذتها حكومة الشرع في عدد من الملفات الحساسة، مثل ملف المفقودين وتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية، بأنها مؤشرات إيجابية قد تمهّد لانطلاق مفاوضات سلام إقليمي شامل، يمكن أن تتضمن ترسيم الحدود مع "إسرائيل"، رغم الموقف المعلن للحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة الرافض للانسحاب من الجولان المحتل منذ عام 1967، وفي وقت يواصل فيه الاحتلال توسيع سيطرته على أراضٍ سورية جديدة، وارتكاب انتهاكات متكررة بحق القرى في محافظتي القنيطرة ودرعا، من هدم واعتقال واعتداءات ميدانية.
يُذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد أعلن، في 15 أيار/ مايو الماضي، عن تخفيف مطالب بلاده من القيادة السورية الجديدة مقابل رفع العقوبات، وذلك عقب لقاء ثلاثي جمعه في الرياض مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وبمشاركة هاتفية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحضور وزراء خارجية الدول الأربع.
وأكد ترامب حينها أن من بين المطالب الأساسية: ترحيل الفصائل الفلسطينية التي وصفها بـ"الإرهابية"، والانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وتطبيع العلاقات مع الاحتلال "الإسرائيلي"، ومنع عودة تنظيم "داعش"، إضافة إلى تحمّل المسؤولية الكاملة عن مراكز احتجاز عناصر التنظيم في شمال شرقي سوريا.
اقرأ/ي الخبر: ترامب يدعو إلى تطبيع سوريا مع "إسرائيل" وترحيل "الإرهابيين الفلسطينيين" مقابل رفع العقوبات
وفي نيسان/ أبريل الماضي، اعتقلت الأجهزة الأمنية السورية القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي خالد خالد، إلى جانب مسؤول اللجنة التنظيمية في الساحة السورية، أبو علي ياسر. وأفادت مصادر لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن عملية الاعتقال جرت في الشارع، على أوتوستراد المزة في دمشق، بواسطة سيارات تتبع للأمن العام السوري، وبأسلوب وصفته بـ"غير اللائق"، دون صدور أي توضيح رسمي من الجانب السوري بشأن خلفية أو دوافع الخطوة.
وربط مراقبون بين اعتقال قياديين في الحركة، وتوقيف مسؤولين في فصائل فلسطينية أخرى معروفة بقربها من النظام السابق، مثل توقيف طلال ناجي، الأمين العام لتنظيم "الجبهة الشعبية – القيادة العامة"، وتعليق نشاط التنظيم وفصائل أخرى كـ"فتح الانتفاضة"، وبين المطالب الأميركية، في وقت تواصل فيه العديد من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية نشاطها السياسي في دمشق، وسط غموض بشأن طبيعة الإجراءات المطلوبة أميركياً، وغياب توضيحات رسمية من الجانب السوري، رغم ما يتداول عن لقاءات تطبيعية وأمنية غير معلنة مع كيان الاحتلال.
ويأتي ذلك في ظل استمرار التوغّل "الإسرائيلي" في أراضي جنوب سوريا، وتصعيد الانتهاكات في محافظة القنيطرة، حيث قامت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية بهدم نحو 15 منزلاً في قرى المنطقة، وسط صمت رسمي سوري على استمرار خرق "إسرائيل" لاتفاق خط وقف إطلاق النار لعام 1974.