بعد سبعة أشهر من قرار تعليق عملهم ووضعهم في إجازة إدارية مدفوعة الأجر، أقدمت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان على فصل أربعة معلمين بارزين من كوادر اتحاد المعلمين لدى وكالة "أونروا"، بينهم رئيس الاتحاد ومدير مدرسة القدس في مخيم برج البراجنة، وذلك في خطوة وصفت بـ"التعسفية والظالمة"، ما أثار موجة استنكار واسعة في أوساط اللاجئين والمعلمين.
وشمل قرار الفصل الأستاذ إبراهيم مرعي (رئيس اتحاد المعلمين، ومدير مدرسة حطين – مخيم عين الحلوة)، والأستاذ ماهر طويّة (مدرّس في ثانوية عمقا – مخيم نهر البارد)، إضافة إلى الأستاذ أسامة العلي (مدرّس في ثانوية الناصرة – مخيم البداوي)، والأستاذ حسان السيد (مدير مدرسة القدس في مخيم برج البراجنة – بيروت).
وكان هؤلاء المعلمون قد أوقفوا في وقت سابق بدعوى "خرق سياسة الحيادية" وفق ما جاء في حجج الوكالة حينذاك.
وفي تسجيل صوتي واسع الانتشار، تحدث الأستاذ ماهر طويّة باسم زملائه، قائلاً: "الحمد لله رب العالمين، تلقينا قرار الفصل بصبر ورضا، ولم ننطق إلا بكلمة (الحمد لله)، نحن مؤمنون بأن الرزق بيد الله، وليس بيد الوكالة، فما جرى معنا هو قضاء الله وقدره، ولا يمكن أن نرى فيه إلا الخير. نحن مطمئنون ومتيقنون بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا".
من جهته، وجّه المعلم المفصول إبراهيم مرعي رسالة مؤثرة إلى زملائه والمجتمع الفلسطيني، قال فيها: "لقد انتهت رحلتي في موقع كنت أعتز به، لكنني أؤمن أن قدر الله لا يُرد، وأن ما أصابنا لم يكن إلا لحكمة. نشكر من تضامن معنا، ونعد الجميع أننا لن ننكسر، وسنبقى أوفياء لقضية معلمينا وطلابنا وشعبنا".
واستنكر مرعي في رسالته "الدور الذي لعبه البعض في أذيتهم من أجل مصالح ضيقة"، مضيفاً:"والله ما كان هذا القرار ليصدر لو لم نكن رجالاً أشداء... لكن الخير فيما اختاره الله".
وفي ردود فعل أولية من الشارع، أغلق نشطاء مكاتب "أونروا" في مخيم البداوي شمال لبنان، احتجاجاً على ما اعتبر "قرارات انتقامية وغير مبررة"، وسط تحذيرات من أن يؤدي التصعيد إلى مزيد من التوتر في المخيمات.
وأعلن اللاجئون الفلسطينيون في مخيم البداوي شماليّ لبنان، العصيان المدني وإقفال كافة مكاتب "أونروا"، بحسب مصادر محلية.
وكان توقيف المعلمين الأربعة في كانون الثاني/يناير قد فجّر سلسلة احتجاجات وإضرابات داخل مدارس "أونروا" وفي العديد من المخيمات الفلسطينية، لكن رغم الضغط الشعبي والنقابي، تمسّكت الوكالة بقراراتها، متذرعة بسياسة "الحيادية".
ويأتي ذلك فيما تحذّر أوساط فلسطينية من أن هذه الخطوة ستفتح فصلاً جديدًا من التوتر في العلاقة بين اللاجئين و"أونروا"، خصوصًا في ظل تدهور الخدمات وتصاعد حالة انعدام الثقة بالوكالة.
وتجدر الإشارة إلى أن المعلمين الأربعة كانوا يشكّلون قيادة نقابية فاعلة ضمن "اتحاد المعلمين المستقل"، الذي برز في السنوات الأخيرة كصوت نقابي معارض لسياسات تقليص الخدمات والضغط على العاملين داخل "أونروا".